بغداد | تقدم نوعي جديد أحرزته القوات العراقية المشتركة مدعومة بقوات «الحشد الشعبي»، أمس، بدخول جامعة الأنبار في مدينة الرمادي، وهي أحد أبرز معاقل تنظيم «داعش»، وكذلك بالتقدم للسيطرة على المناطق التي تمثل مراكز قيادة التنظيم، فيما تبدي القوى «السنية» ارتياحاً للإنجازات الأمنية الأخيرة بعد ضمانات أميركية.ومع دخول المعارك في الأنبار يومها الـ13 لتحرير المحافظة من «داعش»، أعلنت خلية الإعلام الحربي (الجهة الرسمية الوحيدة التي حددتها الحكومة العراقية لإعلان المواقف العسكرية) عبر بيان تلاه المتحدث باسم الخلية العميد يحيى رسول، أن «القوات الأمنية تمكنت، فجر اليوم (أمس)، من الدخول إلى جامعة الأنبار، وهي تخوض معارك ضارية لتطهير الجامعة ورفع المتفجرات».

وأضاف رسول أن «القوات الأمنية تساندها قوة كبيرة من جهاز مكافحة الإرهاب تتقدم في اتجاه حي التأميم جنوبي مدينة الرمادي رغم تحصن داعش في ثلاثة خنادق متداخلة ومتفجرات وأسلاك شائكة»، داعياً إلى الاصطفاف خلف القوات الأمنية العراقية ومن يساندها من المتطوعين وأبناء العشائر، «لأن الساعات المقبلة ستكون ساعات حسم لتحقيق النصر المؤزر على داعش».
مجلس محافظة الأنبار، على لسان المتحدث الرسمي باسمه عيد عماش، أعلن أن عملية تحرير وتطهير جامعة الأنبار كبّدت «الدواعش» خسائر فادحة بعشرات القتلى والجرحى. عماش أكد في حديث إلى «الأخبار» أن «تحرير الجامعة نصر عظيم للأنبار، وهو بداية لتحرير المحافظة وجميع المدن التي تسيطر عليها داعش».
في غضون ذلك، قالت مصادر في قيادة عمليات الأنبار لـ«الأخبار»، إن القوات الأمنية والقوات المساندة لها أكملت استعدادتها لاقتحام منطقة التأميم المحاذية لجامعة الأنبار والقريبة من المجمع الحكومي وسط المحافظة. المصادر أكدت أيضاً تحرك قوات كبيرة من قاعدة الحبانية إلى مناطق القتال وتلك التي تشهد معارك ضارية لإسناد المقاتلين. وكشفت عن العثور على مقبرة جماعية تضم رفاة مدنيين وعسكريين داخل حرم الجامعة بعد ساعات من تطهير أجزاء واسعة منها.
الخبير الأمني والمختص في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، رأى أن استعادة القوات الأمنية السيطرة على معظم جامعة الأنبار لا يعني تحقيق نصر استراتيجي كما ذهب إليه كثيرون، مبيّناً أن نجاح القوات في اقتحام «التأميم» سيجعل مناطق «الحوز» (التي يقع فيها المجمع الحكومي) و«حي الأندلس» و«الورار» ــ مراكز القيادة لـ«داعش» ــ هدفاً سهلاً للراجمات والمدافع.
وأوضح الهاشمي أن السيطرة على تلك المناطق يعني وقوع كامل الرمادي تلقائياً في أيدي القوات العراقية المشتركة، لكنه حذر من أن حرب المدن تعتمد على المفاجآت؛ «فالقوات العراقية استعادت السيطرة على كامل الرمادي في نيسان الماضي، لكن داعش عاد بعد أقل من شهر وسيطر على المدينة بالكامل في منتصف أيار (الماضي)».
ويتوقع الهاشمي أن تستفيد الحكومة العراقية من الأخطاء الماضية في مسك الأرض بعد عمليات التحرير، كاشفاً عن وجود خمسة أفواج من الشرطة المحلية، فضلاً عن أكثر من 4000 مقاتل من أبناء العشائر، مدربين جيداً، للإمساك بالأرض والسيطرة عليها.
وكان رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري ــ كان من أوائل المبادرين إلى المباركة والإشادة بالانتصارات الأخيرة في الميدان ــ قد دعا خلال اجتماعه مع محافظ الأنبار صهيب الراوي، إلى «أهمية مسك الأرض خلال المرحلة المقبلة وتضافر الجهود لتوفير الخدمات في المناطق المحررة بما يساهم في عودة النازحين من تلك المناطق إلى ديارهم».
إلى ذلك، أكد مصدر سياسي بارز في «تحالف القوى العراقية» (المظلة السياسية للسنّة) أن التقدم الكبير الذي تم إحرازه أتى بعد تفاهمات واتفاقات عقدت بين الأميركيين وقيادات في «الحشد الشعبي» خلال المدة الماضية، وكان متزامناً مع زيارتي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، ووزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر. المصدر بيّن أن هناك رضاً وتقبّلاً أكثر من ذي قبل لقوات «الحشد الشعبي» بين أهالي المناطق «السنية»، بعد ضمانات وتعهدات وضغوط أميركية، مرجّحاً في الوقت نفسه تحرير مدينة الرمادي خلال أسبوعين أو أقل إذا استمرت العمليات بالوتيرة نفسها.