حققت زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، للقاهرة، أمس، مكسبَين أساسيين للرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ حرص الضيف الذي يجول هذه الأيام في المنطقة العربية، على تأكيد الدعم للحملة العسكرية التي تخوضها القوات المسلحة في مصر «ضد إرهابيي تنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء»، فيما نأى بالولايات المتحدة عن الجدل الداخلي المصري بشأن الانتخابات الرئاسية، التي ينافس فيها السيسي نفسه.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، قال تيلرسون: «اتفقنا على مواصلة تعاوننا الوثيق في إجراءات مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أنه «ينبغي للشعب المصري أن يثق بالتزام الولايات المتحدة مواصلة دعم مصر في الحرب على الإرهاب، وتحقيق الأمن الراسخ للشعب المصري»، ومشدداً في الوقت ذاته على أنه «لا يمكن الإفصاح عن جميع تفاصيل المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للحكومة المصرية». وفي ما بدا كخلاصة داعمة للتوجهات الحالية، قال: «نحن شركاء لمصر في تعاملها مع هذه الهجمات، وندعم جهود القاهرة في محاربة الإرهاب، وفي عملياتها الجارية في سيناء».
وتكتسب تصريحات تيلرسون بشأن استمرار الدعم الأميركي لمصر، أهمية خاصة، إذ تتزامن مع العملية العسكرية والأمنية الشاملة التي تنفذها القوات المسلحة والشرطة المدنية في شمال سيناء، وعلى كافة المحاور الاستراتيجية، مع العلم بأن زيارة الوزير الأميركي للقاهرة، ضمن جولة تشمل عواصم عربية أخرى معلنة قبل إطلاق العملية العسكرية المصرية، التي وُصفت بأنها الأضخم منذ حرب عام 1973.

لعبت مصر لعبت دوراً كبيراً في دعم العملية السياسية في سوريا


كذلك تأتي هذه العملية العسكرية في وقت تستعد فيه مصر لإجراء الانتخابات الرئاسية في آذار المقبل، التي يخوضها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام مرشّح شكلي، بعد استبعاد كافة الخصوم الجديين، ما يفتح الطريق أمامه لولاية رئاسية جديدة. وفي هذا السياق، بدا واضحاً، في تصريحات تيلرسون، أن الولايات المتحدة ليست راغبة في وضع العقد في منشار الانتخابات، برغم الكلام التقليدي، الذي كرره الوزير الأميركي على مسامع المسؤولين المصريين، بشأن «حرية ونزاهة وشفافية» الانتخابات.
وفي ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، قال الوزير الأميركي إنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب «ملتزمة تعزيز الأمن والسلام في الشرق الأوسط، والتوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلاً عن إيجاد حلّ للأزمة السورية، التي لعبت مصر دوراً كبيراً في دعم عمليتها السياسية». ورأى أنّه «ينبغي التوصل إلى اتفاق على الحدود الجغرافية للقدس بين إسرائيل والفلسطينيين». وهذا ما أيده وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قائلاً إن «حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يتأتى إلا على أساس حلّ الدولتين»، مشيراً إلى استعداد بلاده لمواصلة جهودها لتحقيق هذا الهدف. وبينما أكد «أهمية استمرار الجهود الأميركية للتوصل إلى تسوية نهائية للصراع»، فإنّه أجاب رداً على سؤال بشأن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، قائلاً: «طرحنا رؤية شدد عليها الرئيس (السيسي) بشأن ضرورة إنهاء هذا الصراع وأهمية الاتساق مع الشرعية الدولية».
إلى ذلك، أكد تيلرسون أن بلاده «حريصة على مواصلة دعم مصر في تعافيها الاقتصادي»، مشيراً إلى أنّ «الإصلاحات الاقتصادية» التي تقوم بها الحكومة المصرية تُشكِّل الأساس لتحقيق التقدم والرفاهية، مبرراً إجراءات التقشف الحكومية الصعبة بأنها «ضرورية» لتحقيق الإصلاح.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، أن تيلرسون جدد التذكير بـ«ما تمثله مصر كشريك مهم للولايات المتحدة وما يجمعهما من علاقات ممتدة، ووقوف الإدارة الأميركية إلى جانب مصر والتزامها دعمها في حربها ضد الإرهاب». ونقل المتحدث الرئاسي عن السيسي تأكيده «أهمية الاستمرار في العمل على الارتقاء بالعلاقات الأميركية ــ المصرية في مختلف المجالات بما يمكن البلدين من التصدي للتحديات المشتركة التي تواجههما».
وأشار المتحدث إلى أن السيسي «استعرض الجهود التي تقوم بها مصر حالياً لمكافحة الإرهاب بشكل شامل والقضاء عليه، وذلك بالتوازي مع مساعي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، منوهاً بتطلع مصر «لتطوير التعاون الاقتصادي بين الدولتين وزيادة الاستثمارات الأميركية في مصر».
وفي الشأن الفلسطيني، قال المتحدث الرئاسي إن السيسي جدد التشديد على «الموقف الواضح والثابت بشأن التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على أساس حدود الرابع من حزيران1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وأنّ على الولايات المتحدة باعتبارها الراعي الرئيسي لعملية السلام في الشرق الأوسط أن تعيد إحياء ودفع عملية المفاوضات من جديد وفق مقررات الشرعية الدولية».
(الأخبار)