عمان | بأمر من محافظ العاصمة الأردنية عمان، منعت قوات الأمن اعتصاماً أمام رئاسة الوزراء كان قد دعا له «ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية»، يوم أمس، وهو الاعتصام الذي يمثل أول التحركات الشعبية ضد قرارات الحكومة الاقتصادية التي أسفرت عن موجة لرفع الأسعار، إذ أغلق الأمن المنافذ إلى مكان الاعتصام، وأُبلغ من تمكن من الوصول قرار المنع، فيما استعملت القوة كي يُخلى من تبقى في المكان، وأعقب ذلك توقيف ثلاثة منهم؛ أُطلق سراحهم بعد مدة قصيرة.
وكانت الموازنة العامة الأردنية وموازنات الوحدات الحكومية للعام الجاري قد أقرت رسمياً بعدما وافق عليها بالإجماع (كما وردته من الحكومة) مجلس النواب ومجلس الأعيان المعين من الملك، علماً بأن الأخير يضم أربعة رؤساء وزراء سابقين، وعدداً آخر من الوزراء السابقين، بجانب مدير ديوان ملكي سابق ومديري أمن عام سابقين، ومدير درك سابق.
الموازنة بمضامينها القاسية أصبحت حيز التنفيذ، وبعدما كان الحديث يدور حول رفع الدعم عن الطحين اعتباراً من بداية الشهر المقبل، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في سعر الخبز بنسبة 100%، ارتفع «كرباج الحكومة» وأعلن في الجريدة الرسمية ضريبة مبيعات بنسبة 10% شملت 164 سلعة؛ منها: مشتقات الألبان والبيض وأصناف من الخضروات والفواكه، وحتى ملح الأردنيين لم ينجُ من ذلك.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل إلى فرض ضريبة جديدة بنسبة 4% و5% على بضائع كانت معفاة، مثل الأسماك والزيوت والسمن وبعض الحبوب وقرطاسية طلّاب المدارس وزيّهم الرسمي والقماش المصنوع منه، كما ضمت القائمة أجهزة طبية مساندة متعلقة بمعالجة الكسور وترميم الأطراف الصناعية وأجهزة تزرع داخل الجسم أو تمسك باليد لتعويض عجز معين، وحتى المعدات الخاصة بالصّم شملتها قرارات الرفع.

يتخوف اقتصاديون من زيادة التضخم وضرب القيمة الشرائية للدينار


أيضاً ضمّت قائمة ضريبة المبيعات الجديدة الفضة بجميع أشكالها والذهب نصف المشغول والماس غير المشغول، علماً بأن سقف ضريبة المبيعات في الأردن يبلغ 16%، وهذا يعني أن المجال لا يزال مفتوحاً لحالات رفع أخرى على هذه السلع المشمولة بالضريبة الجديدة.
استشراس الحكومة لم يقف عند المواد الأساسية، بل فرضت زيادة على كل علبة سجائر بمبلغ مقطوع يصل إلى 28 سنتاً أميركياً، كما رفعت الضريبة الخاصة على المشروبات الغازية بنسبة 20% بعدما كانت 10%. وفي مفارقة مضحكة مبكية، قررت رئاسة الوزراء إضافة ضريبة على الأدوية الطبية بنسبة 6% اعتباراً من الأحد المقبل، في قرار رفضه المجتمعون على نحو طارئ في نقابة الصيادلة، وخصوصاً أن موضوع إعادة التسعير خلال مدة قصيرة لا يمكن إنجازه، عدا ارتباط أعضاء النقابة بمناقصات لتوريد الأدوية بأسعار معينة ستختلف حتماً وفقاً للضريبة الجديدة.
أما المحروقات، التي رفع الدعم عنها منذ عدة سنوات والتي تخضع لتسعيرة جديدة بداية كل شهر، فلم تكن بعيدة عن موجة الغلاء، فقد فُرضت ضريبة خاصة على بنزين 95 وبنزين 98 أوكتان لتصبح 30% بدلاً من 24%، علماً بأن آخر الهبّات رفضاً لرفع الأسعار كانت في تشرين الثاني 2012.
عبد المجيد دنديس، عضو المكتب السياسي لـ«حزب الوحدة الشعبية الديموقراطي» الأردني، كان قد وصل قبل دقائق من الموعد المقرر للاعتصام إلى مكانه، وفوجئ بقرار المنع الذي وصفه بأنه «غير قانوني»، وفقاً لقانون الاجتماعات العامة، الذي يقر بأنه يكفي «إشعار الجهات المعنية عن إقامة فعالية ويعتبر النشر في وسائل الإعلام من أوجه ذلك الإشعار». وقال دنديس لـ«الأخبار»: «هذا المنع يؤكد أن هذه الحكومة بقراراتها الاقتصادية الأخيرة قادت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم، كما أنها تعمل على التضييق على حرية التعبير وتستهدف عمل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، ما سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان الشعبي».
أما مجلس النواب، الذي فقد نصاب جلسته يوم الثلاثاء الماضي عندما كان من المقرر مناقشة قرارات رفع الأسعار، فيبدو عاجزاً تماماً، وهو يتنصل من مسؤولياته بعدما أعطى الضوء الأخضر للحكومة المستعجلة لتسديد التزاماتها المالية والرافعة شعار «الاعتماد على الذات» من أجل توفير ما يقارب ملياراً و400 مليون دولار عن طريق جباية لضريبة المبيعات والضرائب والرسوم الأخرى، عدا المبلغ الذي ستوفره من رفع الدعم عن الخبز.
المشهد باختصار يمثل استجابة لضغوط «صندوق النقد الدولي» على النحو الذي قاد حكومة هاني الملقي، ومن قبلها حكومات شبيهة اتبعت الأسلوب نفسه، إلى اللجوء إلى الحلقة الأضعف والحل الأيسر والأقرب، أي جيب المواطن. وإن كان «الدوّار الرابع» ــ حيث مقر رئاسة الوزراء ــ قادراً على سداد المبالغ المترتبة عليه هذه المرة باستقوائه على المواطنين، في ظل غياب جهة رقابية وتشريعية مؤتمنة وقوية تستطيع الدفاع عن الشعب، فهذا لا يعني أنه اجتاز امتحانه في سد المديونية، لأنه مقرر سنوي غير ثابت، بل قابل للزيادة.
وبقراءة سريعة للخريطة الاقتصادية المحلية المعتمدة على القطاع الخدمي، يبدو أن لا خطة اقتصاد وطنية تنموية حقيقية ــ مهما كانت فعالة، قادرة على تجاوز ما ستسببه السياسات غير الرشيدة تجاه المواطنين، فالإجراءات المتخذة ستزيد التضخم وستضرب القيمة الشرائية للدينار، عدا عن أنها ستخلّ بأمن فئة واسعة من متوسطي الدخل، وهو ما يعني زيادة نسبة الفقر والبطالة. كما أنه لا أفق منظوراً لنهاية موجة الغلاء، وخصوصاً مع استمرار الأزمة في سوريا وغياب الاستقرار في العراق، البلدين اللذين كانا يمثلان رئتي الاقتصاد الأردني.





عمّان: إسرائيل اعتذرت «رسمياً» وستدفع لنا تعويضات



قالت الحكومة الأردنية إن نظيرتها الإسرائيلية قدّمت اعتذاراً رسمياً عن حادثتين، الأولى سميت حادثة السفارة الإسرائيلية في عمان، التي قتل فيها حارس إسرائيلي مواطنَين أردنيين، والثانية قتل القاضي رائد زعيتر، الذي استشهد عام 2014 على يد الجيش الإسرائيلي، على الحدود بين الضفة المحتلة والأردن.
ووفق وزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، فإن المملكة «تلقت الاعتذار عبر مذكرة رسمية تلقتها الخارجية الأردنية من الخارجية الإسرائيلية»، فيما تعهّدت إسرائيل بموجب المذكرة «بتنفيذ ومتابعة الإجراءات القانونية المتعلقة بحادثة السفارة، وتعويض ذوي شهيدَي السفارة الشاب محمد الجواودة والدكتور بشار الحمارنة، بالإضافة إلى ذوي الشهيد زعيتر». كما أشارت المذكرة إلى «حرص تل أبيب على استئناف التعاون مع حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحرصها الشديد على هذه العلاقة وسعيها إلى إنهاء وتسوية هذه الملفات».
ونقلت «وكالة الأنباء الأردنية» (بترا) عن المومني أن «الحكومة ستتخذ الإجراءات المناسبة وفق المصالح الوطنية العليا في ضوء المذكرة الإسرائيلية، ولا سيما أنها تضمنت الاستجابة لجميع الشروط التي وضعتها عمّان عقب حادثة السفارة من أجل عودة السفير، ومن ضمنها الإجراءات القانونية كافة»، موضحاً أن الحكومة تواصلت مع أهالي الشهداء الثلاثة الذين أبدوا موافقتهم على قبول «الأسف والتعويض».
(الأخبار)