بعدما أعلنت، أمس، تصديقها طلبات التحالفات التي ستخوض الانتخابات التشريعية والمحلية المقرّرة في 12 أيار المقبل «إثر دراستها من قبل مجلس المفوضين»، يتقدم سؤال حول إمكانية قيام «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» بتشريع باب تمديد التسجيل مجدداً، بهدف «إجراء بعض التعديلات النهائية» على الصيغة الحالية لتحالفات القوى والتيارات السياسية.
سؤال تجزم مصادر «المفوضية» بالنفي في إجابتها عنه، مؤكدة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «التحالفات أنجزت، ولا عودة عنها». لكن «المفوضية»، وهي هيئة مستقلة تابعة لمجلس النواب العراقي تُعنى بتنظيم الانتخابات في البلاد، سبق لها أن حددت يوم الخميس الماضي كـ«آخر يوم لتسليم طلبات التحالفات الانتخابية» قبل أن تعمد إلى تجديد المهلة. وعليه، وبناءً على «التجربة» بتعبير أحد الساسة العراقيين، فإن الباب قد يُشرّع مرة أخرى، نظراً إلى «حجم التدخل السياسي» في عمل جهاز يفترض أن يكون مستقلاً، واستعداد مختلف القوى السياسية لـ«تلبية أي رغبة خارجية» قد تظهر في الساعات المقبلة. وبلغ عدد التحالفات حتى يوم أمس 27 تحالفاً انتخابياً، بحسب رئيس «الإدارة الانتخابية في المفوضية»، رياض البدران، الذي أوضح، في بيان، أن «عدد الأحزاب المنضوية في تلك التحالفات يبلغ 143 حزباً سياسياً، أما الأحزاب التي لم تدخل في التحالفات الانتخابية فبإمكانها المشاركة بشكل منفرد». ودعا البدران الأحزاب السياسية والتحالفات إلى تقديم قوائم المرشحين إلى «المفوضية» ضمن المدة المحددة، التي بدأت في الرابع من الشهر الجاري، على أن تنتهي في العاشر من شباط المقبل.

العامري: انسحابنا من
«ائتلاف النصر» لأسباب فنية


تقنياً، اجتازت بغداد أولى عتبات إجراء الانتخابات، إلا أن العتبة الثانية، والمتمثلة في عقدة القانون الانتخابي الذي «لا يزال مجهولاً»، تفرض على البرلمان ومكوّناته الاسراع في حسمه، ليس بهدف اجتيازه كمقدمة ضرورية للاستحقاق فقط، بل أيضاً بهدف إنهاء اشتباك سياسي كبير. ويحتّم الدستور العراقي إجراء الانتخابات بالقانون الحالي المرفوض من قبل العديد من القوى السياسية، على اعتبار أنه يراعي الكتل والأحزاب الكبيرة على حساب الكتل والأحزاب الصغيرة، الأمر الذي تراه تلك القوى التي لا تحظى بـ«تمثيل برلماني صحيح» تهميشاً لها.
وفي هذا السياق، طالب الرئيس العراقي فؤاد معصوم البرلمان، أمس، بتعزيز التفاهم مع الحكومة الاتحادية، للتوصل إلى تفاهمات تساعد في سرعة إقرار قانون الموازنة، «ما يساعد على تمشية أمور الدولة». وقال معصوم، في بيان عقب لقائه نوابه الثلاثة نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي، إن «المجتمعين شددوا على أهمية تكثيف الجهود داخل البرلمان لحسم موعد الانتخابات وتشريع قانون الانتخابات»، داعياً مجلس النواب إلى «حسم الجدل حول إجراء الانتخابات البرلمانية والمحلية في موعدها المقرر، أو تأجيلها».
أما رئيس الوزراء حيدر العبادي فقد جدد، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، تمسكه بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، رافضاً أي محاولة لتأجيلها. وتطرق العبادي إلى ما جرى في الأيام الماضية، خاصة بعد انفراط عقد تحالفه «نصر العراق»، قائلاً إن «الكتل السياسية التي دخلت معه ضمن التحالف وافقت على عدة شروط ومبادئ»، مضيفاً أن «المفاوضات لم تشمل مشاركة المسلحين في العملية السياسية، وهذا ممنوع بحسب الدستور». وهاجم العبادي «حلفاء الأمس»، لافتاً إلى «(أننا) اشترطنا عدم دخول ومشاركة هيئة الحشد الشعبي في الانتخابات مطلقاً، بالإضافة إلى عدم مشاركة أي جهة أمنية واستخبارية فيها، وذلك بموجب الدستور والقانون». وتابع أن «شرطنا الأساسي هو نزع السلاح وأن يكون تحت إدارة الدولة حصراً»، الأمر الذي يتناقض مع أصل تحالفه مع الفصائل المكونة لـ«الحشد».
وعلى الرغم من انفراط عقد ذلك التحالف، إلا أن قبول العبادي بالتفاوض مع الفصائل، والدخول معها في ائتلاف واحد لاحقاً، دليل على إمكانية تنحية «الشروط» جانباً، بهدف تحصيل أكبر قدر من المكاسب السياسية. وحدد رئيس الوزراء في مؤتمره شروط الدخول في قائمته، التي يجب أن تكون «مبنية على الوطنية، وعابرة للطائفية والإثنية»، إضافة إلى اهتمامها بـ«محاربة الفساد». ويُتّهم العبادي بإشراك بعض «المتورطين في الفساد» في تحالفه، ما دفع بفصائل «الحشد» إلى الانسحاب منه وفق مصادر الأخير. وإزاء هذا الاتهام، دافع العبادي بأنه «ما من كتلة فاسدة بأكملها، أو كتلة نقية بأكملها... ولهذا عندما نتحد نتفق على محاربة الفاسدين من داخلنا»، مشيراً إلى أن «الشرط الآخر هو الابتعاد عن المحاصصة، سواء بتشكيل كتلة أو حكومة».
بدوره، أعلن الأمين العام لـ«منظمة بدر»، هادي العامري، استعداد «ائتلاف الفتح» للتحالف مع العبادي بعد الانتخابات لتشكيل الحكومة المقبلة، موضحاً، في بيان، أن الانسحاب «جاء لأسباب فنية»، نافياً ما يشاع في الإعلام عن أن «الانسحاب جاء لخلافات مع رئيس الوزراء حول شروط الترشيح لرئاسة الوزراء المقبلة».
(الأخبار)