ما الذي يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى التسريب الإعلامي عن أنهما توصلتا إلى «تفاهمات مشتركة»، بعد جلسات تشدّدان على أنها سرية ومغلقة بين الجانبين، لمواجهة إيران ونفوذها ونفوذ حلفائها في المنطقة؟ التسريب الذي ورد في تقرير للقناة العاشرة العبرية، نقلاً عن «مسؤول أميركي رفيع في الإدارة»، تحدث عن اتفاق بشأن استراتيجية واحدة جرى التوصل إليها بين الجانبين، موزعة إلى طواقم عمل مختلفة، وهو ما أكده أيضاً «مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى»، في إشارة مباشرة إلى إرادة التسريب المشتركة.
بالطبع، «وثيقة التفاهمات» المشار إليها عبر تقرير القناة العبرية، تنضم إلى سلسلة مواقف وتسريبات ووثائق وسياسات واستراتيجيات، صدرت أخيراً عن البيت الأبيض، تؤكد ضرورة مواجهة إيران و«صد نفوذها» ومنع تمدده في المنطقة. وإن كان صوغ ما يصدر عن واشنطن قد أجاد توصيف التهديد الإيراني، والاستفاضة في شرح ضرورات صده، لكنه إلى الآن لم يكشف في حد أدنى عن سيناريوهات المواجهة وأساليبها، فضلاً عن توقعات نجاعتها.

أهم المهمات
هي كبح التمركز
الإيراني في سوريا


في وثيقة التفاهم المشار إليها بين إسرائيل والإدارة الأميركية، جهد توصيفي للتهديد الإيراني في المنطقة، وهو ما لم يختلف كثيراً عن تسريبات ومواقف ووثائق، صدرت أخيراً عن الجانبين، تجاه التهديدات الإيرانية للمصالح الأميركية والإسرائيلية. وإذا كان أحد أهم عيوب المقاربات السابقة لواشنطن وتل أبيب، هو فقدان الصدقية، بمعنى فقدان القدرة الفعلية على صد ومواجهة إيران لفقدان الخيارات العملية، تأتي هذه الوثيقة لتشير إلى هذه الجدية، وأن الجانبين لم يكتفيا بتوصيف التهديد بل عمدا فعلاً إلى العمل على تشكيل طواقم مشتركة إسرائيلية - أميركية، بحسب نوع التهديدات وساحتها ومستواها، توكل إليها بلورة استراتيجيات المواجهة.
بحسب تقرير القناة العبرية، «اللقاء السري» حدث قبل أسبوعين في البيت الأبيض. وبحسب مسؤول أميركي رفيع في إدارة الرئيس دونالد ترامب، البعثة الإسرائيلية وصلت في الثاني من الشهر الجاري إلى واشنطن، وكانت برئاسة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، وعضوية ممثلين عن جميع أسرة الاستخبارات الإسرائيلية ووزارة الخارجية التي التقت طاقماً أميركياً برئاسة مستشار الأمن القومي، هربارت ماكماستر، وبمشاركة ممثلين رفيعي المستوى عن البيت الأبيض واجهزة الاسخبارات ووزارتي الدفاع والخارجية، وممثلين كبار من البيت الأبيض، وأجهزة الاستخبارات الأميركية، وزارة الدفاع ووزارة الخارجية. وبحسب المسؤول الأميركي، خلص الطرفان بعد لقاءات استمرت يومين كاملين، إلى برنامج عمل استراتيجي مشترك لكبح الأنشطة الإيرانية في المنطقة.
المسؤول أشار للقناة العبرية إلى أن «الجانبين بلورا وثيقة التفاهمات في ترجمة لخطة ترامب في الموضوع الإيراني، بحيث توصلا إلى تعريف الأهداف الاستراتيجية المشتركة في ما يتعلق بإيران، ووضع أهداف العمل». ولفت المسؤول الأميركي إلى أنه جرى تشكيل طواقم عمل مشتركة وفقاً للأهداف الموضوعة: طاقم مسؤول عن الأنشطة السرية والدبلوماسية لإحباط المشروع النووي الإيراني، توكل إليه دراسة السبل الكفيلة بزيادة الرقابة على البرنامج الإيراني، وكذلك دراسة أنشطة سرية يمكن تنفيذها ضد هذا البرنامج؛ طاقم ثاني، سيعمل على كبح الأنشطة الإيرانية في المنطقة، وتحديداً في سوريا وضد حزب الله في الساحة اللبنانية، وإحدى أهم المهمات الموكلة إلى هذا الطاقم، كبح التمركز الإيراني في سوريا وبلورة سياسات مشتركة لليوم الذي يلي الحرب السورية.
وأوكل إلى مجموعة ثالثة العمل على مواجهة البرنامج الصاروخي الإيراني البالستي، ومنظومة الصواريخ الدقيقة، إضافة إلى تزويد إيران حزب الله بالصواريخ الدقيقة وإنشاء مصانع لإنتاج مثل صواريخ كهذه في سوريا ولبنان. أما المجموعة الرابعة، فأوكل إليها العمل على بلورة الاستعدادات المشتركة لسيناريوهات تصعيد في المنطقة تكون إيران جزءاً منها، مع التشديد على المواجهة ضد حزب الله.
مسؤولون رفيعو المستوى في إسرائيل أكدوا للقناة أن تل ابيب وواشنطن توصلتا أخيراً إلى تفاهمات استراتيجية في الموضوع الإيراني، مع التشديد على أن هذه التفاهمات من شأنها تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين، في مواجهة التحديات في المنطقة.