القاهرة | لو كانت المذابح في الزمن «الداعشي» تقاس بعشرات أو ربما مئات القتلى، لأمكن القول إن أجهزة الأمن المصرية أحبطت، يوم أمس، مذبحة جديدة بحق الأقباط، بتصديها لهجوم إرهابي كبير كان يستهدف كنيسة مارمينا في ضاحية حلوان في شرق القاهرة.
الهجوم، الذي سعى لتنفيذه ثلاثة إرهابيين، بحسب التحقيقات الأولية، انتهى بسقوط 10 قتلى، بينهم عنصران من قوات الأمن، قبل أن تكتمل فصوله، وذلك بعدما أطبق الأهالي الحصار على أحد الإرهابيين قبل ارتكاب جريمته، ونجاح قوات الشرطة في قتل الإرهابي الثاني، وإصابة الثالث الذي تمكّن من الهرب حيث تجري محاولات لإمساكه.
وبحسب وزارة الداخلية المصرية، فإن الإرهابي المصاب كان يستهدف اختراق النطاق الأمني في الكنيسة من خلال إطلاق أعيرة نارية ثم تفجير عبوة ناسفة، بهدف إحداث أكبر قدر من الوفيات والمصابين، إلا أن سرعة ردّ فعل القوات، وتبادلها إطلاق النيران معه حالا دون ذلك.

حثّ إمام مسجد عبر
مكبر الصوت الأهالي على التصدي للإرهابي


لكن المثير للانتباه أن الإرهابي نفسه، قبل التوجه إلى الكنيسة، استهدف محلاً للأقباط، ما أدى إلى مقتل مواطنين اثنين.
وتبيّن لاحقاً، بحسب معطيات وزارة الداخلية، أن الإرهابي المذكور قام بعدة أنشطة إرهابية سابقة، أدت إلى قتل وإصابة عدد من رجال الشرطة، وهو يقبع حالياً في أحد المستشفيات في حالة صحية جيدة نسبياً، حيث سيجري استجوابه لمعرفة التنظيم التابع له، فيما شرعت أجهزة الأمن في مداهمات واسعة النطاق في المناطق الجبلية عند أطراف القاهرة في محاولة للوصول إلى باقي أعضاء التنظيم المسؤول عن استهداف الكنيسة.
وأبطلت أجهزة الأمن وخبراء المتفجرات عبوات ناسفة عثر عليها بحوزة الإرهابي، قبل انفجارها، إذ لم يتمكن من إلقائها داخل الكنيسة، بسبب حصار الأهالي له وسرعة انتقال قوة من قسم الشرطة لملاحقته والتصدي له.
وما سهّل إحباط العملية، أن مركز الشرطة يبعد عن الكنيسة بضعة أمتار، وقد استعان إمام المسجد القريب من كنيسة مارمينا بمكبر الصوت، لحثّ الأهالي على التصدي للإرهابي، وإنقاذ الكنيسة من العملية الإرهابية، علماً بأن مواطناً قُتل خلال محاولته التصدي للإرهابي بعدما أطلق الأخير النار عشوائياً على المواطنين في الشارع بعد محاولتهم إيقافه.
ونقل شهود العيان تأكيدات بأن المتهم كان يرتدي سترة واقية من الرصاص، وفي حوزته كمية كبيرة من الأعيرة النارية، حيث بدّل مخزن السلاح أكثر من مرة، فيما لم يتمكن من الهرب بسبب شجاعة الأهالي وملاحقتهم له، خاصة بعدما حصل أحدهم على سلاح «أمين شرطة» قُتل في الهجوم، وحاول إصابته.
وفي أول رد فعل على الحادث، أشار بيان صادر عن الرئاسة المصرية إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي «يتابع عن كثب تفاصيل الهجوم الإرهابي وتداعياته، ووجه جميع الأجهزة المعنية بالدولة لاتخاذ ما يلزم لتقديم الرعاية المطلوبة لأسر الشهداء والمصابين، وشدّد على استمرار تكثيف أعمال التأمين للمنشآت الحيوية» في البلاد. وأشاد بـ«الروح البطولية والتضحيات الغالية التي قدمها رجال الأمن خلال تصديهم للهجوم الإرهابي الآثم، ونجاحهم في إحباط محاولات الإرهابيين لتفجير الكنيسة».
وكان السيسي قد أصدر، خلال العام الماضي، قراراً بتكليف القوات المسلحة حماية الكنائس وحراستها، على خلفية استهداف كنيسة البطرسية في القاهرة، وتفجيرها من الداخل، وهو ما أكده في البيان الصادر عن الرئاسة يوم أمس.
وطلبت أجهزة الأمن تأكيدات من الكنيسة بعدم إلغاء أي احتفالات على خلفية حادث أمس، لكنها لم تتلقّ رداً نهائياً عليه، علماً بأن جميع الكنائس تشهد حراسات مشددة ابتداءً من يوم 20 كانون الأول الحالي ولغاية 10 كانون الثاني المقبل، خصوصاً أن الأقباط في مصر يحتفلون بعيد الميلاد يوم السابع من كانون الثاني، وفق التقويم الشرقي.
حادث استهداف الأقباط وقع بعد ساعات من حادث استهدف بوابة رسوم تابعة للجيش على الطريق الصحراوي أدت إلى مقتل ضابطين متقاعدين ومجند، بالإضافة إلى هجوم آخر في وسط العريش أُحبِط بمساعدة الأهالي.