ربما لن يخطر في بال كثيرين أن حسين الشيخ، رئيس هيئة الشؤون المدنية (إحدى مؤسسات السلطة المسؤولة عن التواصل مع العدو للتنسيق في الأمور المدنية)، صديق شخصي للقيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، وهو أحد كوادر انتفاضة الحجارة عام 1987، وكذلك أحد مطارَدي انتفاضة الأقصى عام 2000، بل كان من قيادات «كتائب شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية الأخيرة لحركة «فتح»، كما أمضى في سجون الاحتلال أحد عشر عاماً... قبل أن يتحول صوب الاتجاه المعاكس، ليصبح عراباً من عرّابي التنسيق الأمني مع العدو.

الشيخ من مواليد عام 1960، واعتقل في 1978 حين كان في السابعة عشرة من عمره، قبل أن يفرج عنه في 1987 مع اشتعال شرارة انتفاضة الحجارة. شغل منصب أمين سر «فتح» في الضفة المحتلة، وبحكم التجربة الاعتقالية، يجيد اللغة العبرية تحدثاً وكتابة على نحو ممتاز، الأمر الذي سهل عليه التواصل مع العدو حين تسلّم رئاسة الجهة الرسمية الوحيدة التي تعنى بالعلاقة ما بين السلطة والعدو في ملفات مهمة كالمعابر والكهرباء والتبادل التجاري. هذه العلاقة مع العدو لم تمنع حسين الشيخ من الظفر بعضوية «اللجنة المركزية لفتح» في المؤتمرين السادس والسابع، بل حصد في الأخير أعلى الأصوات. ويعرف الشيخ بـ«رجل الظل»، فهو على صلة قوية وقريبة برئيس السلطة محمود عباس انطلاقاً من علاقته المتجذرة مع القيادات الأمنية والمدنية في إسرائيل، فضلاً عن كونه الشخص الذي كشف لعباس نيات القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، تجاه الرئيس وعائلته، إذ تذكر مصادر أنه كان يسجل محادثاته مع دحلان وينقلها إلى عباس أولاً بأول. ورغم ما أثير عن الشيخ من قضايا فساد كبيرة، وصلت في إحداها إلى قضية شرف، ورغم ما تسرب عن علاقاته النسائية ومحاولته التعدي على موظفات يعملن داخل الهيئة (كان أشهرها التعدي على زوجة أحد قادة «كتائب الأقصى» في رام الله)، فإن رئيس السلطة ظل محافظاً عليه ضمن الدائرة المغلقة المقربة منه، بل أناط به ملفات ذات حساسية عالية، كملف المصالحة، وهو شارك في لقاءات القاهرة، واللقاءات في غزة مع حركة «حماس»، لكن له تصريحات سلبية تجاه المصالحة، ومنها مطالبته بنزع سلاح المقاومة.