مع اشتداد المعارك التي تدور في ريفي حماة وإدلب، بين الجيش والمجموعات المسلحة التي تقودها «هيئة تحرير الشام»، يتعمّق الخلاف بين أطياف المعارضة، السياسية منها والمسلحة، حول المشاركة في مؤتمر «الحوار الوطني» المقرر عقده في سوتشي الروسية. وتفرض مشاركة غالبية الفصائل التي سبق أن شاركت في اتفاقات «تخفيف التصعيد» الموقعة في أستانا، على جبهات القتال المشتعلة حالياً، تحديات إضافية على رعاة المؤتمر، الدول الضامنة الثلاث في أستانا.
واستجلبت التصريحات «اللينة» تجاه المشاركة في المؤتمر، حملات «تخوين» من قبل الفصائل الرافضة للحضور، والتي استغلت المشاركة الروسية في التغطية الجوية لمعارك الجيش في ريف حماة، لاستنكار «المؤتمر الروسي». في المقابل، راهنت أطراف أخرى على أن حضور المؤتمرات لا يمنعها من الاستمرار في القتال.
وعلى المقلب الآخر، يكثف الجيش هجومه انطلاقاً من ريف حماة الشمالي، ضمن تحرك منسق يهدف إلى استعادة مناطق مهمة على أعتاب محافظة إدلب. وسيطر أمس على تل الأسود والكتيبة المهجورة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، قرب قرية المشيرفة، إلى جانب السيطرة النارية على قرية أم حارتين في ريف حماة.

بحث لافروف وتيلرسون ملف «سوتشي» في اتصال هاتفي

وبالتوازي، استهدف سلاحا الجو والمدفعية مواقع المسلحين في ريفي حماة وإدلب، وخاصة في تل مرديخ وسراقب وأم حارتين وأبو دالي، إلى جانب اللطامنة وكفرزيتا. وفي إطار تلك العمليات، تمكن المسلحون من إسقاط طائرة حربية في ريف حماة الشمالي. ونشرت حسابات معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلاً يظهر إطلاق صاروخ مضاد للطائرات (محمول على الكتف) ضد الطائرة نفسها، إلى جانب تسجيل آخر يظهر جثمان قائدها، في ظل تأكيد قيادة الجيش استشهاد الطيار.
في موازاة هذا التصعيد، أشار رئيس وفد المعارضة إلى الجولة الماضية من محادثات أستانا، أحمد طعمة، أن الوفد «لم يتخذ قراراً» حتى الآن، بشأن حضوره مؤتمر «الحوار الوطني» من عدمه، معتبراً أن ذلك رهن التفاصيل التي سيقدمها الجانب الروسي. وأضاف في مقابلة مع جريدة «ديلي صباح» التركية، نشرت مقتطفات منها، أن المعارضة «لن تسمح بتمرير مخططات إعادة تأهيل (الرئيس بشار) الأسد والعودة إلى الوراء، سواء في سوتشي أو في غيرها»، معتبراً أن ذلك «لن يكون ممكناً ولا مقبولاً» حتى بالنسبة الى المجتمع الدولي. وقال إن هناك «تبايناً» في المواقف بين روسيا وإيران في ما يتعلق بالحل السياسي، معتبراً أن «طهران تتبنى موقف النظام السوري بشكل كامل، وقد عملت في الجولة الأخيرة من محادثات أستانا والتي قبلها، على عرقلة الاتفاق بشأن المعتقلين»، بخلاف موقف موسكو «التي تريد الدفع بالحل إلى الأمام، لكن دون السقف الذي يرضينا». وفي السياق، رفض نحو 40 من الفصائل المسلحة، بينها «جيش الإسلام» و«حركة أحرار الشام»، في بيان مشتركٍ المشاركة في مؤتمر سوتشي. وشدد البيان على الرفض «المطلق لمحاولات روسيا الالتفاف على مسار جنيف». في المقابل، أعلنت القوى والأحزاب المنخرطة في «الإدارة الذاتية» في الشمال السوري، تأييدها لانعقاد المؤتمر، مؤكدة «حقها» في المشاركة فيه. ودعت إلى أن تكون مشاركتها «تحت اسم الإدارة الذاتية» كما إلى «عدم إخضاع التحضير للمؤتمر وتوجيه الدعوات للحضور وفق مشيئة الحكومة التركية».
في سياق متصل، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون، أمس في اتصال هاتفي، تطورات الملف السوري. وأفادت وزارة الخارجية الروسية بأن «الجانبين ناقشا خطوات حل النزاع السوري، مع الحفاظ على وحدة أراضي هذا البلد»، مضيفة أن «من بين الموضوعات التي نوقشت، مؤتمر الحوار الوطني، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز التسوية على أساس قرار مجلس الأمن... وتشجيع المحادثات المباشرة بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف من دون شروط مبدئية». وبالتوازي، دعا مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إلى وجوب عقد مؤتمر سوتشي، برعاية الأمم المتحدة. وأشار إلى أنّ «القرار الأممي 2254، كان أساساً» لكل خطوات بلاده لحل الأزمة السورية. على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بدء بلاده تشكيل مجموعة قوات دائمة في قاعدتَي طرطوس وحميميم. وأشار في تصريحات صحافية في موسكو، إلى مصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام، على تشكيل مجموعة قوات دائمة في القاعدتين.
(الأخبار)