انطلقت اجتماعات اليوم الأول لجولة محادثات أستانا الثامنة، عبر لقاءات ثنائية اقتصرت صيغتها على التشاور. وبينما التقى الوفد الحكومي وفدَي روسيا وإيران، اجتمع الوفد المعارض بممثلي الأمم المتحدة الحاضرين في العاصمة الكازاخية. وبدا لافتاً أمس ضعف التمثيل الأميركي في هذه الجولة، إذ اكتفت وزارة الخارجية بإرسال وفد يرأسه أحد خبرائها، أحمد شمّا، على خلاف حضورها خلال الاجتماعات الماضية.
وبينما غاب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عن اجتماعات اليوم الأول، أعلن من موسكو، عقب لقائه وزير الخارجية سيرغي لافروف، أنه سيكون اليوم من الحاضرين. وبرغم تحفظ الأمم المتحدة على بعض النقاط الخاصة باجتماعات أستانا، فهي تعوّل على تعزيز مسار «تخفيف التصعيد» ودفع ملف المعتقلين والمختطفين، لاستثمار ذلك في محادثات جنيف.
وتعمل موسكو بجهد على ضمان مشاركة الأمم المتحدة في المؤتمر المرتقب عقده في مدينة سوتشي، كما حصل خلال اجتماعات أستانا الأولى. وتريد تكريس هذه الجولة وما بعدها من لقاءات، للتوافق على أبرز تفاصيل المؤتمر. وبدا هذا التوجه واضحاً في حديث مبعوث الرئيس الروسي، ورئيس وفد بلاده إلى اجتماعات أستانا، ألكسندر لافرينتيف، الذي قال إن كلاً من روسيا وإيران وتركيا ستتفاهم، اليوم، على موعد انعقاد مؤتمر «الحوار الوطني»، على أن تعمل على وضع القائمة النهائية للمشاركين فيه، خلال أسبوعين، معرباً عن أمل بلاده في مشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة. ولفت لافرينتيف إلى أنه سيتم «عقد اجتماع تحضيري للدول الضامنة عشية انعقاد المؤتمر في سوتشي...

بحث بوتين الملف
السوري مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز

ويمكن أن تستضيفه أستانا أو أي مدينة». وأشار إلى أن العمل جار على إعداد وثيقة خاصة بمجموعة العمل المعنية بملف المعتقلين والمختطفين، مضيفاً أن تشكيلها بأسرع وقت «يعدّ ضرورة... باعتبارها تتعلق بتعزيز إجراءات الثقة بين الطرفين». ولم يفوّت المبعوث الروسي الفرصة، من منبر محادثات أستانا، لانتقاد الوجود العسكري الأميركي في سوريا، موضحاً أن «الأسباب التي تطرحها الولايات المتحدة للإبقاء على قواتها... لا أساس لها، بما فيها ذريعة حماية مخيم للنازحين في منطقة التنف». وأعرب عن امتنان بلاده للمساهمة الأميركية في الحرب ضد «داعش»، لكنه أشار إلى أن «تلك المهمة أنجزت بالفعل». وبعدما جرى الحديث خلال جولات سابقة عن نيّة لتوسيع قائمة الدول المراقبة في أستانا، وخاصة بعد طلب العراق الرسمي من موسكو، بدا لافتاً أمس، ما نقلته وكالة «الأناضول» عن مصدر روسي مقرّب من الاجتماعات، إذ قال إن الدول الضامنة قررت عدم توسيع قائمة المشاركين، للوقت الحالي.
وبينما لم يعلّق الوفد الحكومي على مجريات الاجتماعات في أستانا، دعا الوفد المعارض في بيان وزعه على الصحافيين، روسيا إلى «الضغط على النظام» من أجل التوصل إلى «تسوية سياسية». وأضاف أن «الهدف من المشاركة هو إطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى تثبيت وقف إطلاق النار وخاصة في مناطق خفض التصعيد، ورفع الحصار عن كل المدن والبلدات المحاصرة، وإيصال المساعدات إلى المحتاجين». ومن المقرر أن تنتهي أعمال المؤتمر اليوم، بجلسة ختامية رئيسية رسمية تشارك فيها الوفود جميعها.
وفي لقاء هو الثاني من نوعه خلال أشهر قليلة، التقى المبعوث الأممي في موسكو، وزيري الخارجية والدفاع الروسيين. ومع إعلانه التوجه إلى أستانا، قال في مؤتمر صحافي، إنه يعتزم تنظيم جولة مقبلة من محادثات جنيف «في النصف الثاني من كانون الثاني المقبل». وأبلغ دي ميستورا لافروف أن الجولة السابقة من محادثات السلام سارت «بشكل سيئ»، مضيفاً أنه «حان الوقت لإحراز تقدم في العملية السياسية». من جهته، اعتبر لافروف أنه «بعد تحقيق مجمل الأهداف المرتبطة بالقضاء على التهديد الإرهابي، ركزنا على العملية السياسية». وأشار إلى أن محادثات أستانا قد تفضي إلى اتفاق على «المنظمات والشخصيات المدعوة إلى مؤتمر الحوار الوطني». وحول الوضع في منطقة إدلب ومحيطها، قال لافروف إن «جبهة النصرة تنتشر في تلك المنطقة... وإذا استمرت الأوضاع متوترة كما هي، فإن العسكريين في الدول الضامنة الثلاث سيتفقون على خطوات لمنع هذه الأنشطة الإجرامية».
في موازاة المؤتمر، كثفت موسكو نشاطها الدبلوماسي، إذ تشاور الرئيس فلاديمير بوتين هاتفياً، مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، حول «ضرورة تكثيف الجهود للتوصل الى تسوية سياسية» في سوريا. بدورها، أعلنت وزارة الخارجية أن الوزير سيرغي لافروف بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي آخر تطورات الوضع في سوريا. وقالت إن الجانبين «لفتا إلى دور عمّان في جهود التسوية، ولا سيما في ضوء منح الأردن صفة مراقب في اجتماعات أستانا، ودعمه مبادرة مؤتمر سوتشي، بما يخدم خلق الظروف الملائمة لمفاوضات بناءة في جنيف».
(الأخبار)