بات أكيداً لدى «حماس»، وتحديداً ذراعها العسكرية «كتائب القسام»، أن مجموعات سلفية في غزة توالي تنظيم «داعش» هي المسؤولة عن التفجيرات التي استهدفت سيارات لقياديين في الكتائب، وآخرين في «سرايا القدس»، الذراع المسلحة لحركة «الجهاد الإسلامي». نتيجة دفعت «القسام» إلى تصدر المواجهة (راجع عدد أمس)، والعمل للمرة الأولى على نشر صور لمطلوبين وصفتهم بأنهم «خفافيش مرتزقة» تلاحقهم.
ولكن هذا الأسلوب يوضح أن «الكتائب» التي لم تكن تتدخل في هذه القضايا، لأن الاختصاص عائد فيها إلى جهاز «الأمن الداخلي» التابع لحكومة غزة، أرادت تحويل القضية إلى «قضية رأي عام»، ولا سيما أن لـ«القسام» تأييداً شعبياً واحتراماً لدى قطاعات واسعة في الجمهور الفلسطيني، وذلك بدلاً من معالجة القضية ضمن دوائر أمنية مغلقة، كان يستخدم فيها «الوعظ والإرشاد» أولاً، ثم حملات الاعتقال وتوقيع كفالات.
بهذا، يمكن الإقرار بأن كل حملات الإصلاح بين مؤيدي «داعش» في غزة، والأجهزة الحكومية التابعة لـ«حماس»، وصلت إلى طريق مسدودة، في ظل أن عدداً ممن كان يفرج عنهم، ومنهم هؤلاء المطلوبون، عادوا إلى العمل الأمني ضد «حماس»، وهذه المرة استهدفوا رموزاً مقاومة لا حكومية. وتقول مصادر أمنية في القطاع إن هؤلاء على ارتباط بالقيادي السلفي الذي قتلته «حماس» في منطقة الشيخ رضوان، غرب غزة، قبل شهرين، كاشفة عن أنه وجد في بيت الحنر خرائط مفصلة للشيخ رضوان، اتضح الآن ماهية هذه الخرائط وسبب وجودها بين أيدي السلفيين.
في المقابل، اتهم «تجمع أهالي المعتقلين السلفيين في سجون حماس» الأجهزة الأمنية في غزة بـ«شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف عناصر التنظيمات السلفية الجهادية في القطاع»، بعد سلسلة التفجيرات الأخيرة. وقال البيان الذي نشرته مواقع إلكترونية مقرّبة من الجماعات السلفية الجهادية، إن «سلطات حماس أقدمت الليلة الماضية (الأحد ــ الاثنين) على اقتحام ومداهمة منازل واعتقال العديد من أبنائنا السلفيين المجاهدين والدعاة»، وسط معلومات تتحدث عن اعتقال 12 شخصاً ليسوا من ضمن المطلوبين الذين نشرت أسماؤهم.
لكن التجمع ادّعى أن «هذه الاعتقالات التعسفية جاءت بعد ساعات فقط من مسرحية التفجيرات الأخيرة المفتعلة، التي تقف خلفها جهات مشبوهة تهدف من ورائها (إلى) إيجاد ذريعة وتأييد شعبي لمثل هذه الاعتقالات الظالمة». وأضاف: «أبناؤنا السلفيون اختاروا للرد على الاعتقالات أن يصوّبوا صواريخهم إلى الاحتلال، لكن يبدو أن أطرافاً مشبوهة باتت معنية بجر القطاع إلى حروب داخلية المستفيد الوحيد منها الاحتلال وعملاؤه».
وحتى أمس، لم تصدر وزارة الداخلية في غزة أي تعليق حول هذه الاعتقالات، لكن المتحدث باسمها إياد البزم قال إنه «تم إيقاف عناصر يشتبه في ضلوعهم في التفجيرات المشبوهة، وتجري الأجهزة الأمنية التحقيق معهم لكشف الملابسات»، من دون إضافة أي تفاصيل.
(الأناضول، أ ف ب)