بينما تواصل القاهرة احتواء المشهد الداخلي الفلسطيني لجهة المصالحة الداخلية وكذلك تثبيت التهدئة بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، تتصاعد أزمة القدس في المشهد السياسي. ووفق المعلومات، انتهت المباحثات المصرية ــ الفلسطينية الأخيرة باستمرار تنفيذ بنود اتفاق المصالحة مع تأجيل بعضها وإعطاء الوقت الكافي لتطبيقها.
على مقلب آخر، يجري حالياً وفد من «منظمة التحرير» يرأسه صائب عريقات ومعه رئيس «المخابرات العامة»، ماجد فرج، زيارة للعاصمة الأميركية واشنطن، وذلك لمناقشة النية الأميركية لنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس المحتلة، أو الاعتراف بالأخيرة «عاصمة لإسرائيل».
يأتي ذلك في وقت نقل فيه عن جارد كوشنير، وهو كبير مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن الأخير «لم يتخذ بعد قراراً حول الاعتراف رسمياً بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل». وقال كوشنير، في تصريحات خلال مشاركته في مؤتمر حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، أمس، نظمها «معهد بروكينغس للأبحاث في واشنطن»، إن ترامب «لا يزال يدرس عدداً كبيراً من العوامل المختلفة، وبعد ذلك، وعندما يتخذ قراره، هو من سيعلن ذلك، وليس أنا».
على الخط نفسه، قالت مصادر رسمية إن رئيس السلطة، محمود عباس، هاتف عدداً من قادة الدول، ومنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لطلب عقد قمة إسلامية ــ وأخرى للجامعة العربية ــ طارئة وعاجلة في هذا الشأن. وجاءت مطالبة شبيهة عبر وزير الخارجية في السلطة، رياض المالكي، الذي حمّل الولايات المتحدة «التداعيات الخطيرة لمثل هذه الخطوة».

يزور وفد فلسطيني رسمي واشنطن لبحث تداعيات «النية الأميركية»

كذلك، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إن عباس، هاتف أول من أمس، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وطلب منه تدخّل المملكة العاجل لحماية مدينة القدس، فيما أكد له ابن سلمان، وفق «وفا»، أن «هذا الموضوع يحظى بأولوية خاصة لدى خادم الحرمين الشريفين... ولديه شخصياً».
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن «مصدر أردني كبير» أن عمّان بدأت مشاورات لعقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، علماً بأن يوم أمس شهد تصعيداً في الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، بعدما أفادت الأوقاف في القدس بأن مجموعة من المستوطنين رافقها عدد كبير من عناصر الشرطة الإسرائيلية «اقتحمت مرة أخرى صحن الصخرة المشرفة وصعدت إليها»، في تغيير للمسار التقليدي لاقتحام المستوطنين الحرم القدسي.
كذلك، أعلنت «حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس» عن شروع رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، في إجراء سلسلة من الاتصالات مع القادة والزعماء في المنطقة، ومن ذلك اتصال بينه وبين الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط. ودعا هنية أبو الغيط إلى «ضرورة عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث تداعيات هذا الأمر وخطورته»، فيما وعد الأخير بـ«عقد لقاءات على مستوى المندوبين الدائمين في الجامعة وعلى مستوى وزراء الخارجية».
بالعودة إلى ملفات المصالحة، نُظمت في غزة مسيرة شارك فيها عدد من الفصائل تحت عنوان المطالبة برفع الإجراءات التي أقرتها حكومة «الوفاق الوطني» بحق قطاع غزة، في إشارة إلى العقوبات التي فرضت قبل اتفاق المصالحة ولا تزال قائمة. وكانت «حماس» قد أصدرت بياناً قالت فيه إن على «الوفاق القيام بواجباتها ومسؤولياتها كاملة وفي مقدمها رفع العقوبات الظالمة عن شعبنا في غزة، أو تقديم استقالتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني». وأضاف البيان: «الحكومة الفلسطينية عجزت عن حماية أهلنا في الضفة الغربية ولم تتخذ القرارات المناسبة في مواجهة الاستيطان (...) وتهويد القدس».
أما على صعيد التهدئة الهشة، فلا يزال العدو يواصل استنفاره، إذ أعلن أن منطقة «غلاف قطاع غزة» هي «منطقة مغلقة» لتنفيذ أعمال عسكرية من دون ذكر طبيعة هذه الأعمال. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إنه سيُمنع وصول المستوطنين إلى تلك المنطقة، مشيرة إلى أن الرقابة العسكرية منعت نشر تفاصيل أخرى.
في هذا الوقت، أعلنت كل من «حماس» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» نيتهما هذا الشهر إقامة فعاليات لإحياء ذكرى انطلاقتهما، كل على حدة، إذ أعلنت الأولى أنها ستقيم في الرابع عشر من الشهر الجاري مهرجانها لإحياء الذكرى الثلاثين لانطلاقتها في ساحة الكتيبة الخضراء في غزة، فيما ستحيي «الشعبية» الذكرى الخمسين لانطلاقتها في التاسع من الشهر الجاري في الساحة نفسها.
إلى ذلك، بحث رئيس حكومة «الوفاق»، رامي الحمدالله، في رام الله، أمس، مع القائد العام لقوات الكاربنيري الإيطالية، توليو ديل سيت، تدريب عناصر الأجهزة الأمنية في الضفة عبر هذه القوات التي أشاد بجهود بعثتها «والإضافات النوعية التي أضافوها على الخبرات الفلسطينية العملية» منذ نحو ثلاث سنوات.
(الأخبار)