بغداد | إن كان مبكراً الحديث عن شكل التحالفات الانتخابية في العراق (المرجّح إجراؤها في أيّار المقبل)، ونتائجها على مقاعد البرلمان، ومن ثم «مساراتها» المفترضة في تشكيل «الائتلافات» النيابية التي ستحدّد شخص رئيس الوزراء المقبل، ثمّة حراكٌ سياسيٌّ يرسم خطوطاً عامّة لمشهدية «الأحلاف»، ويرسي قواعد التفاهمات الانتخابية، فالنيابية، ولاحقاً الوزارية.
الضابطة التي وضعها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على المنتسبين إلى «هيئة الحشد الشعبي» بتقديم استقالاتهم من مناصبهم، كشرطٍ للترشّح إلى الانتخابات التشريعية، ترجمها النائب أحمد الأسدي، المتحدث الرسمي باسم «الحشد»، باستقالة «مفاجئة» من دون أية مقدماتٍ، أو تمهيدٍ مسبق.
ثلاث سنوات، عُرف الأسدي بابتعاده عن التصريحات المثيرة للجدل. بقي الرجل في منصبه طوال فترة الحرب على «داعش»، فيما جمّدت قيادة «الحشد» المتحدّثين السابقين. منذ أمس، عاد الأسدي إلى «الحياة السياسية»، خالعاً «بزّته العسكرية»، مع اقتراب بغداد من إعلان انتصارها النهائي على أكثر التنظيمات تطرّفاً في العالم.
وإن وصف البعض استقالة الأسدي بـ«المفاجئة، وغير المتوقعة» – أقلّها في الوقت الحاضر – فإن المفاجئة الأكبر كانت بإعلانه قرب إطلاق تحالفٍ انتخابي بمسمى «تحالف المجاهدين»، ليحسم بذلك جدلاً استمر نحو عامٍ حول إمكانية مشاركة «الحشد» في الانتخابات، من عدمها.
الإعلان المفاجئ تزامن أيضاً مع إعلانٍ «ثقيلٍ» للأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري، الذي أكّد خروجه من «ائتلاف دولة القانون» (بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي)، منهياً بذلك ما وصفه قبل أكثر من ثلاث سنوات بـ«الزواج الكاثوليكي». إذ أكّد النائب عن «بدر» حنين قدو، أن «منظمته لن تخوض الانتخابات المقبلة مع دولة القانون»، مشيراً في حديثه لـ «الأخبار» إلى أن «بدر ستخوض الانتخابات بقائمةٍ منفردة». وأضاف: «سنتحرّك على مختلف القوى السياسية لجمع أكبر عددٍ من المتحالفين خلال الفترة المقبلة»، مشدّداً على أن «شكل التحالفات غير واضح لغاية الآن، بسبب انشغال الكتل النيابية بإقرار قانون الانتخابات».

«تحالف المجاهدين» سيكون مكوّناً من ثمانية فصائل


معلومات «الأخبار» المتقاطعة مع أكثر من مصدر، تفيد بأن العامري سيكون على رأس «تحالف المجاهدين»، المكوّن من ثمانية فصائل في «الحشد»، في مقدمتها «منظمة بدر» و«عصائب أهل الحق»، و«حركة النجباء»، و«التيّار الرسالي»، و«كتائب جند الإمام»، وسط احتمالات لانضمام «كتائب حزب الله» إلى «التحالف» في وقتٍ لاحق. وتضيف المعلومات أن «التحالف سيضم أيضاً بعض القوى السُّنية المتعاطفة مع الحشد، إلى جانب الحشود العشائرية، التي قاتلت داعش في المناطق الغربية».
وتقود خطوة الفصائل إلى السؤال عن الحلفاء المفترضين لـ«المجاهدين». الإجابة هنا «كل شيءٍ ممكنٌ في السياسة». فالمشهد لا يزال «مبهماً» و«ضبابياً»، ولم يتضح بعد عند القوى المشكّلة للتحالف، خاصّةً أن القانون الانتخابي لم يُقرّ بعد، الأمر الذي يفرض «تريّثاً» في تحديد الحليف «قبل البرلمان، وبعده».
الأوفر حظّاً بالتحالف مع «المجاهدين»، كان المالكي، «لكنه لن يكون من ضمنه في الوقت الحالي» ــ وفق أكثر من مصدر، إلا أن مصادر «المجاهدين» تشدّد على أن «هناك تحالفاً جديداً سيعقد في البرلمان مع المالكي».
وإذا قُدّر لهذا التحالف أن يفرض حضوراً وازناً في البرلمان، إلى جانب «الرعاية الإقليمية» له، من قِبل طهران، فإن اسم العامري سيكون مطروحاً لرئاسة الحكومة. لكن السؤال هو: هل تريد الولايات المتحدة تكرار سيناريو نوري المالكي؟
خيار «الحشد» بخوض الغمار الانتخابي كان مطروحاً، إلا أن شكل المشاركة لم يكن محسوماً، أكانت مشاركةً منفردة أم بتحالف انتخابي مع المالكي، لكن مع تأكيد فكرة «القائمة المنفردة» حتى اللحظة، التي هي خاضعة للتعديل، فإن سؤالاً تعبّر عنه أوساط المالكي بالقول: «هل تخلّت عنّا إيران؟»، إما الإجابة فمفقودة، ومتروكةٌ للأيام المقبلة.




استقالة الأسدي سبقت إعلان الإعفاء

لم يلقَ خبر استقالة أحمد الأسدي، وإعلان «تحالف المجاهدين» صدىً واسعاً في الإعلام أو في أحاديث السياسيين. كذلك، لم تصدر أيّة مواقف إزاء تلك الخطوة، خاصّةً ممن يتحيّنون مثل هذه الفرص لمهاجمة «الحشد الشعبي»، في وقتٍ لم يخرج فيه الأخير بأي تصريحٍ أو موقفٍ، باستثناء خبرٍ وحيدٍ تصدّر موقعه الإلكتروني عن استقالة الأسدي.
لكن «الحشد» فاجأ المتابعين بتسريب وثيقة تضمّنت إعفاء الأسدي من منصبه كمتحدّثٍ رسميٍّ باسم «هيئة الحشد الشعبي»، وحمل تاريخ 28 تشرين الثاني وتوقيع المعاون الإداري لرئيس «الهيئة». ووفق مصادر «الأخبار» فإن تلك الوثيقة صدرت قبل استقالة الأسدي بساعات، ما دفع به إلى الإسراع بإعلانها، بالرغم من أن «قضية تعيين بديلٍ لأحمد الأسدي، كمتحدّثٍ رسمي، غير مطروحةٍ حالياً».