بعد توقّفها لأيّام عدّة، تعود القوات الأمنية العراقية إلى استكمال انتشارها في آخر المناطق المتنازع عليها، وتحديداً في المناطق الحدودية العراقية ــ التركية. خطوة بغداد باستكمال عملية «فرض الأمن»، التي جاءت ردّاً على إجراء أربيل استفتاء للانفصال عن العراق، في أيلول الماضي، تشير إلى عزم رئيس الحكومة حيدر العبادي، على فرض قواته سيطرتها على كامل المعابر، ما يعني «تهييئاً» لأجواء الحوار المرتقب بين الحكومة الاتحادية و«إقليم كردستان»، خاصّةً أن الأخير أبدى أمس، استعداده لإطلاق جولات البحث الثنائي، مع إعلانه القبول بقرار «المحكمة الاتحادية» (أعلى سلطة تشريعية في البلاد).
العودة إلى الحوار، تحمل مسارين: الأوّل ميداني، فيما الثاني سياسي. وبرز المسار الأوّل، خلال مطالبة العبادي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، حكومة «الإقليم» بـ«تسليم المراكز الحدودية التي تسيطر عليها للسلطات الحكومة الاتحادية بأسرع وقت»، مؤكّداً أن بغداد «ستستعيد السيطرة على المنافذ الحدودية دون تصعيد، وستُتَّخَذ الإجراءات المناسبة بشأن المنافذ، بعد تراجع الإقليم عن مسوَّدة الاتفاق».
وقال العبادي: إننا «لن تنتظر إلى الأبد لحسم موضوع الحدود»، معرباً عن «عدم ممانعته ببقاء قوات من البيشمركة على الحدود»، بشرط أن «تكون جزءاً من قوةٍ اتحادية، وتحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية». وأوضح أن «المادة 110 من الدستور العراقي تنص صراحة على أن إدارة الحدود، وحفظ الأمن فيها هي من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية».
وأفضت المباحثات المشتركة، بين الطرفين، أواخر الشهر الماضي، إلى تسمية المناطق التي ستنتشر فيها القوات الاتحادية، والمناطق التي ستنسحب إليها «البيشمركة»، بحيث يضمن وجود الأولى حصراً عند المعابر الحدودية التي تربط العراق مع تركيا وسوريا.
ويبدي العبادي تمسّكاً بإعادة «البيشمركة» إلى داخل حدود «الإقليم»، وسيطرة قواته على جميع المنافذ الحدودية الشمالية، ما يضمن إعادة «ضبط الحركة التجارية ــ بمختلف مجالاتها، وضمان حصول بغداد على الموارد المالية المتعلّقة بها، وخصوصاً النفطية»، وفق مصدر حكومي في حديثه إلى «الأخبار».
وبالرغم من تحفّظ بغداد من أي خطوةٍ «تصعيدية» إزاء أربيل، يؤكّد العبادي أمام زوّاره أن «إجراءات بسط السلطة، التي اتخذتها القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها والمطارات (شمالي البلاد) قبل نحو شهر، هي في مصلحة المواطنين الأكراد».

سيتابع «البنك المركزي» التعاملات بالعملة الأجنبية في «كردستان»


أما المسار الثاني، فإن خطوة أربيل بالعودة إلى «عباءة» بغداد، نزولاً عند شروط الأخيرة تعكس حرص الأولى على البدء بجولات الحوار. إذ أعلنت حكومة «الإقليم» «احترامها لتفسير المحكمة الاتحادية للمادة الأولى بشأن عدم دستورية الاستفتاء». إلا أن أربيل، حتى الآن، بالرغم من إقرارها بـ«عدم دستورية» خطوتها الانفصالية، فإنها لم تعلن إلغاء نتائجه، وهو أمرٌ قد يكون «مماطلةً» أو تمهيداً لإعلان الإلغاء، خاصّةً أن «بغداد تتفهم التراجع التدريجي لأربيل»، وفق مصدر حكومي.
وقالت الحكومة في بيان لها: «تأكيداً لالتزام الإقليم دوماً البحث عن حلٍّ للخلافات بين السلطات الاتحادية والإقليم بطرق دستورية وقانونية، تعلن الحكومة احترامها لتفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الأولى من الدستور حول الاستفتاء».
وأوضح البيان «أن هذه الخطوة تأتي مع التأكيد أن يكون ذلك أساساً للبدء بحوارٍ وطني شامل لحلّ الخلافات عن طريق تطبيق جميع المواد الدستورية بأكملها، بما يضمن حماية الحقوق والسلطات والاختصاصات الواردة في الدستور»، واصفاً ذلك بـ«السبيل الوحيد لضمان وحدة العراق المشار إليه في المادة الأولى». ولاقت الخطوة ترحاباً بغدادياً، إذ نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر في «البنك المركزي العراقي» تأكيدها أن «البنك خفّف القيود على البنوك الخاصة في الإقليم، بعد إبلاغها أنه يمكنها الإبقاء على فروعها هناك مفتوحة»، وذلك بعد أسبوع فقط من إصداره أوامر بإغلاقها. ويهدف الإجراء إلى التحكم في تدفق العملة الصعبة إلى «الإقليم»، وهو ما «سيتابعه البنك المركزي عن كثب في الفترة المقبلة، خاصّةً التعاملات في العملة الأجنبية».
(الأخبار)




برميل النفط المهرّب بعشرة دولارات

قال رئيس «لجنة شؤون الخدمات والإعمار النيابية» ناظم الساعدي، أمس، إنه «خلال عملية فرض الأمن (إعادة انتشار قوات الحكومة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها مع «إقليم كردستان»)، تحدّث رئيس الوزراء (حيدر العبادي) عن تهريب النفط وبيع البرميل بعشرة دولارات، في المنطقة الواقعة بين الحدود العراقية ــ التركية ــ السورية»، موضحاً في مؤتمرٍ صحافي أن «الحكومة لم تتخذ حتى الآن أي إجراء قانوني لردع ذلك، والتهريب ما زال مستمراً».
وطالب الساعدي، العبادي، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والعسكرية لمنع التهريب، مبيّناً أن «قطعاتنا العسكرية منتشرة في تلك المناطق، وبإمكانها منع التهريب»، حيث يجري تهريب أكثر من 600 شاحنة يومياً، إلى جهاتٍ إرهابية تتاجر بالأموال، بحسب معلومات الساعدي «الدقيقة».
(الأخبار)