بعدما شيّع أهالي غزة والمقاومة الفلسطينية قبل أيام سبعة شهداء كانوا قد قضوا جراء قصف إسرائيلي استهدف أحد أنفاق المقاومة، شرق قطاع غزة، نعت حركة «الجهاد الإسلامي» (ومصادر طبية) أمس، خمسة شهداء جدد من الحركة، لتكون الحصيلة بذلك 12 شهيداً.
وقالت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي»، في بيانٍ إن «خمسة جدداً من أبطالنا... ارتقوا جراء القصف الصهيوني الغادر لنفق السرايا مساء الاثنين الماضي»، مضيفة أن استهداف إسرائيل للنفق «سيكون دافعاً لاستمرار الإعداد في هذا السلاح الرادع... الذي يمثل مفتاح فكاك الأسرى من داخل سجون الاحتلال».
وذكرت «السرايا» أن الشهداء هم: بدر كمال مصبح، أحمد حسن السباخي، شادي سامي الحمري، محمد خير الدين البحيصي، علاء سامي أبو غراب، وغالبيتهم في العشرينيات من العمر. ولفت البيان إلى أنه «رغم الإجراءات الأمنية المعقدة... استطاع مجاهدونا العبور من خلال نفق الحرية الذي هو ليس الوحيد لمسافة مئات الأمتار داخل أراضينا المحتلة».

نتنياهو: نبحث عن نموذج لدولة فلسطينية بلا سيادة ولا مجال جوي

ويأتي نعي «الجهاد الإسلامي» لهؤلاء الشهداء الخمسة بعدما ساوم العدو الإسرائيلي على البحث عنهم في المناطق الحدودية داخل فلسطين المحتلة مقابل تحقيق تقدّم في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة «حماس» (راجع عدد أمس)، وذلك في محاولة لاستغلال الارتباك في غزة والضغط على «حماس». لكن المقاومة قررت، وفق مصادر فلسطينية، أن «تقطع الطريق على الاحتلال... وتعلن استشهادهم حتى لا يستمر العدو في ابتزاز الفلسطينيين»، موضحة أن «غالبية التقديرات تميل إلى تقدير استشهادهم، خاصة أن من حاولوا الدخول لإنقاذهم استشهدوا بسبب الغازات السامة التي ضخها الاحتلال داخل الأنفاق». وبعد ظهر أمس، أدى آلاف الغزيين صلاة الغائب على أرواح الشهداء الخمسة الذين نعتهم «الجهاد».
جراء ذلك، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات حفر في محيط منطقة نفق المقاومة المُستهدف، على ما يبدو لاستخراج جثامين الشهداء. ووفق شهود عيان ومصادر إعلامية محلية، عملت عدة جرافات وحفارات في ساعة مبكرة من فجر أمس على الحفر في المنطقة، وساهمت ست جرافات في إنشاء ساتر ترابي كبير في المكان لحماية جنود العدو، علماً بأن آليات مدفعية تتمركز فوق تلال رملية بمحيط الحفريات مقابل عمليات الحفر المستمرة في الجانب الفلسطيني. ووفقاً للقناة العبرية الثانية، فإن جزءاً من هذه الإجراءات هدفها «احترازي».
مع ذلك، تستمر في إسرائيل محاولات استغلال الاعتداء الأخير للضغط في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، إذ قال عضو الكنيست إيال بن رؤوفين لـ«الإذاعة الإسرائيلية»، إنه «يجب استغلال الحالة التي نشأت لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين»، مضيفاً أن «حماس الآن في ضائقة ويمكن أن نمارس الضغط عليها». كذلك، أرسلت عضو الكنيست شارون هسكل، رسالة إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، تطلب فيها منع تقديم «بادرة إنسانية إلى حماس، إلى حين عودة المفقودين الإسرائيليين». كذلك دعا وزير الأمن السابق موشيه يعلون، إلى اشتراط «تسليم جثث حماس في النفق الذي دُمّر بإعادة جثث جنود الجيش الإسرائيلي المحتجزين في غزة».
في سياق ثانٍ، رحبت الولايات المتحدة الأميركية بتسلم السلطة الفلسطينية معابر غزة، الذي تمّ في الأول من الشهر الجاري. وقال بيان صدر أمس عن الممثل الأميركي الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، إن بلاده «تؤمن بأنّ من الضروري أن تتمكن السلطة من تولي مسؤولياتها الكاملة في غزة... سنعمل مع السلطة وإسرائيل والمانحين الدوليين لتحسين الحالة الإنسانية».
وأضاف غرينبلات: «كما أوضحنا في الماضي، يجب على أي حكومة فلسطينية أن تلتزم بوضوح نبذ العنف والاعتراف بدولة إسرائيل والقبول بالاتفاقات والالتزامات السابقة بين الطرفين... وإذا أرادت حماس أن تلعب أي دور في أي حكومة، يجب عليها قبول هذه المتطلبات الأساسية».
في إطار متصل، قال نتنياهو مساء أمس، إنه «يبحث عن موديلات ونماذج جديدة للسيادة الفلسطينية على الأرض، بما فيها دولة دون حدود مع بقاء المستوطنين». وذكر خلال كلمة ألقاها في معهد «تشتهام هاوس» في لندن حيث دعي إلى زيارة للاحتفال بمئوية «وعد بلفور»، أنه «يجب التفكير في نماذج جديدة للسيادة الفلسطينية.... بما فيها الحدود المفتوحة دون السيطرة على المجال الجوي منعاً للوصول إلى نموذج مشابه لنموذج غزة وجنوبي لبنان».
ورداً على سؤال عن نظرته للحل المستقبلي ومسألة إخلاء المستوطنين من الضفة، رفض نتنياهو الفكرة، قائلاً: «يجب القيام بحل سلمي يضمن بقاء المستوطنين في بيوتهم... (بما أنه) لن يُطرد الفلسطينيون الموجودون في الداخل (أراضي الـ48) في إطار السلام، لذلك يجب تجنب المسّ بالمستوطنين في الضفة».
إلى ذلك، سلّمت السلطات الإسرائيلية أمس، جثمان الشهيد محمد موسى لذويه ببلدة دير بلوط غرب محافظة سلفيت (شمال الضفة المحتلة)، إذ كانت قد أعدمته في 31 تشرين الأول الماضي وأصابت شقيقته خلال مرورهما بسيارته الخاصة قرب مستوطنة «حلميش»، بدعوى الشك في محاولته تنفيذ عملية دهس.
(الأخبار)