تناغم الموقف الرسمي الإسرائيلي مع ما ورد في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحديداً مع ما اعتبر إسرائيلياً فرصة لتصحيح الاتفاق. فهي باتت مواتية إن تمّ البناء عليها بشكل جيد، وسارت الأمور كما هو مخطط لها من دون عراقيل، وإن تأمنت ظروفها وتجاوب المجتمع الدولي مع هذا المسار. في هذه الحالة، قد تؤدي الفرصة التي تحدث عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعقيباً على الاتفاق، إلى ما تطمح اليه إسرائيل. هذه هي خلاصة الموقف الإسرائيلي الرسمي.
وحاول نتنياهو أن يقدم في تعقيبه خلاصة التهديدات التي سوف تترتب، بنظر إسرائيل، على بقاء الاتفاق النووي على ما هو عليه، بالقول «إذا بقي الاتفاق من دون تغيير، فهناك أمر واحد أكيد: سيكون للداعمة الأكبر للإرهاب في العالم ترسانة أسلحة نووية، وهذا ضرر كبير لمستقبلنا المشترك».
ثم انتقل نتنياهو إلى تقييم الموقف الذي أعلنه ترامب، بالقول إنه «خلق فرصة لتصحيح هذا الاتفاق السيّئ ولكبح الوحشية الإيرانية وإيقاف دعمها للإرهاب». في ضوء ذلك، كان من الطبيعي وصفه لقرار الرئيس الاميركي بـ«الجريء». وختم تعقيبه الذي أدلى به قبل كلمة ترامب، بسبب دخول عطلة يوم السبت وفق الديانة اليهودية، بالتحدث باسم إسرائيل التي «تبارك هذه الفرصة» التي أوجدها ترامب. وتَوجّه إلى «كل حكومة مسؤولة وكل شخص قلق على أمنه وسلامة العالم، عليه فعل ذلك».

إسرائيل اطّلعت
على مضمون خطاب
ترامب مسبقاً

وبالطبع لم يفت ديوان رئيس الحكومة التأكيد على أن «إسرائيل اطّلعت على مضمون خطاب ترامب قبل الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونتنياهو. وأضاف أنّ تيلرسون اتصل بنتنياهو «هذا المساء وأطلعه بصورة مفصّلة على الاستراتيجية الأميركية الجديدة في الموضوع الإيراني».
في المقابل، ذهب تقدير وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس لخطاب ترامب في اتجاه آخر، ويبدو أنه أراد التعبير عن حقيقة الرهان الإسرائيلي عندما رأى أنه «قد يقود الى حرب». واستند كاتس في تقديره لهذه النتيجة إلى أن ذلك قد يتحقق «بموجب التهديدات الإيرانية»، في إشارة إلى التصلب الإيراني المتوقع، في مقابل التصميم الذي يبديه الرئيس ترامب على مواصلة نهجه المعلن عنه، وهو ما سوف يؤدي بالنتيجة – بحسب هذا التصور ــ إلى الصدام العسكري المباشر. وليس من المبالغة القول إنّ ما تقدم هو أحد الرهانات الإسرائيلية على هذا المسار، عبر وضع إيران بين خيارين، إما القبول بتعديل الاتفاق وتقديم التنازلات التي تطمح إليها إسرائيل، أو أن تؤدي ديناميكية التصعيد المتبادل والسقوف المرتفعة بين الطرفين إلى نقطة اللاعودة، بحيث يصبح لا بديل من الصدام.
في السياق نفسه أتى ترحيب وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان بموقف ترامب عدم المصادقة على الاتفاق النووي.
من جهتها، لم تنتظر القناة الثانية انتهاء عطلة السبت، ورأى معلقها للشؤون العربية إيهود يعري أنّ «ما فعله ترامب الآن لم يعالج في الوقت الحالي الاتفاق النووي»، لافتاً إلى أنّ ما فعله بخطابه وبجملة واحدة «وضع إنذاراً»، سواء للديمقراطيين في الكونغرس أو للشركاء الأوروبيين الذين وقّعوا على هذا الاتفاق أيضاً. وخلص يعري إلى أن «الاتفاق النووي بقي ولم يُمَس، وفي الوقت الحالي لم يُدخَل تعديل عليه. هو يريد القيام ببعض التحسينات وتعديل الثغرات، ولذلك يريد فعل ذلك مع الديمقراطيين، حيث هو بحاجة إليهم في مجلس النواب، ويريد فعل ذلك بمشاركة الأوروبيين لكي لا تبقى الولايات المتحدة وحدها».
في الإطار نفسه، تطرق المعلق السياسي في القناة نفسها، أمنون امبرموفيتش، إلى خطاب ترامب الذي وصفه بأنه «أقل من دراماتيكي وأبعد من الحرب»، مشيراً إلى أنه لم يمس بالاتفاق. ورأى أن من الناحية العملية، ما قام به ترامب هو «مواصلة التغريد»، مضيفاً أنه «يغرّد على تويتر وحده، ولكنه لا يقرر وحده، وهو عملياً معزول يتجه نحو تعديلات تقنية، وهو لم يتحدث بأي شيء جوهري».