القاهرة | بإعلان النائب السابق محمد أنور السادات دراسته الترشح إلى الانتخابات الرئاسية وحسم موقفه الشهر الجاري، قد يكون ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات هو المرشح الجدّي الوحيد لمواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الاستحقاق المقبل.
وإن كان السادات يعتمد على تاريخ عائلته ومقدراته المالية لتمويل جزء من حملته الانتخابية، تبقى أمامه عقبة تمويل حملة انتخابية في مختلف أنحاء الدولة المصرية، الأمر الذي ليس باليسير في ظل عدم امتلاكه وامتلاك الحزب الذي يترأسه فروعاً في جميع المحافظات كغالبية الأحزاب الصغيرة.
فرصة السادات القوية في الترشح مرتبطة برئاسته حزب «الإصلاح والتنمية»، وخبرته في البرلمان ستجعل لديه القدرة على جمع 20 توقيعاً من النواب وربما جمع الـ25 ألف توكيل من 15 محافظة، وهو رقم وإن كان صغيراً على البلد الذي تجاوز تعداد سكانه 104 ملايين نسمة، سيكون رسالة أقوى بكثير من توقيعات النواب، خصوصاً أن العشرين نائباً يمكن ضمان توقيعاتهم بسهولة من نواب المعارضة.
وصحيح أن البرلماني السابق أسقطت عضويته من البرلمان بموافقة غالبية النواب بعد اتهامه بتسريب قانون الجمعيات الأهلية إلى السفارات الأجنبية قبل إقراره، إلا أنه يمتلك شبكة علاقات قوية قد تجعل منه مرشحاً للمعارضة المصرية.
يدرك السادات صعوبة المنافسة على أرضية غير متكافئة مع السيسي في الانتخابات. صعوبة ليست مرتبطة فقط بالتأييد البرلماني ودعم أجهزة الدولة وحتى القضاة الذين سيشرفون على الانتخابات والذين لا يزالون داعمين بقوة للسيسي، ولكن أيضاً بقدرته على الوصول إلى الناخبين في مختلف المحافظات. ومتوقع أنه سيواجه تعتيماً إعلامياً متعمّداً، خصوصاً أن الإعلام المصري بمجمله بات مهيمناً عليه من قبل السلطات الحالية، ويصعب إيجاد منبر على مسافة من الرئاسة.

لدى السادات علاقات واسعة مع جمعيات في الخارج ومع السفارات الأوروبية في القاهرة

استعان السادات بمجموعة من الشباب لكتابة برنامجه الانتخابي لعرضه على المواطنين. وتطرق البرنامج إلى السياسة والاقتصاد والمشاكل الملحّة التي تمر بها مصر، وكذلك إلى أزمة سد النهضة وأزمات العمال والأجور والرواتب. وناقش المديونيات وكيفية سدادها في السنوات المقبلة، وإصلاح ما أفسده الاقتراض الخارجي خلال حكم السيسي، كما تطرق إلى أحقيّة العمل النقابي وممارسة العمال لدورهم، وأكد ضرورة تطبيق دولة العدالة والقانون على أيّ شخص.
ويشير الرجل إلى أنّه يمتلك رؤية سياسية للإصلاح، ومع أنه لا يعتمد فيها على معرفته الشخصية واحتكاكه بالمواطنين في الشارع، إلا أنها رؤية قائمة على تواصل مع قيادات سياسية وحزبية عديدة وخبراء غالبيتهم يرون في استمرار نظام السيسي خطراً على الدولة المصرية من دون معارضة.
كذلك، يدرك السادات صعوبة المنافسة وربما استحالة الفوز، وهو ما لم يعلنه في تصريحاته في الأيام الماضية. لكن السياسي المصري استطاع أن يوجه رسالةً مفادها أن المنافسة ستظل موجودة؛ فالنائب الذي اعترض خلال وجوده في البرلمان على شراء سيارات مصفحة لرئيس البرلمان ووكيليه بقيمة مليار جنيه، يدعو إلى مزيد من التقشف في أجهزة الدولة المختلفة، مستفيداً من خلفية اطلاعه على ملفات الدولة كنائب برلماني لدورات عدة. وهو يجيد فهم لغة الموازنة، وقد يستطيع إعادة هيكلة الميزانية وكشف الجوانب السرية فيها.
صحيح أن كثيرين يعتبرون المنافسة محسومة لمصلحة السيسي، بمن فيهم السادات نفسه، لكنه يريد تأكيد انتهاء زمن نسبة الـ96% في الانتخابات الرئاسية التي حصل عليها السيسي في انتخابات 2014، وتأكيد أن المعارضة في الشارع باتت تزيد على 20% على الاقل، وأن سياسات الرئيس لم تعد ترضي جميع المصريين.
وتجدر الإشارة إلى أنه على المستوى الخارجي، لدى السادات علاقات واسعة مع جمعيات أهلية في الخارج عبر الجمعية التي يديرها، ولديه علاقات جيدة مع السفارات الأوروبية المختلفة الموجودة في القاهرة.
يبقى قرار السادات النهائي رهن الضمانات التي ستقدمها الهيئة الوطنية للانتخابات التي أسند إليها الدستور الإشراف على الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى اختبار المناخ السياسي وحيادية الإعلام، وهي عوامل قد تدفعه في النهاية إلى العدول عن قراره وعدم خوض السباق.