في التاسع من حزيران العام الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تراجعه عن إدراج تحالف العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن، ضمن «قائمة العار» الخاصة بالانتهاكات ضد الأطفال في النزاعات المسلحة. حينها، أكّد الأمين العام السابق أن قرار إزالة «التحالف»، الذي وصفه بأنه «من بين أكثر القرارات التي اتخذها إيلاماً وصعوبة»، جاء تحت وطأة الضغوط الدبلوماسية التي مارستها السعودية، وأبرزها التهديد بقطع التمويل عن وكالات المنظمة وبرامجها، ولا سيما تلك المعنية بالطفولة. أثار رضوخ الأمم المتحدة للرياض موجات فعل غاضبة من قبل المنظمات الدولية، في حين اعتبرت صنعاء أن تصريحات بان كي مون «الجريئة» هي بمثابة «المسمار الأخير» في نعش «صدقية» المنظمة الدولية التي تدعي أنها «مستقلة وغير مسيسة».
اليوم، بعد عام و4 أشهر من «استسلام» الأمم المتحدة للرياض، وأكثر من عامين ونصف عام من بدء العدوان على البلد العربي الأشد فقراً، يتكرر المشهد نفسه: تحالف العدوان يرتكب مجازر ذهب ضحيتها مئات من الأطفال، السعودية تلجأ إلى التهديد والترهيب، الأمم المتحدة تراوغ، والمنظمات الحقوقية تندد وتطالب. ولعل العنصر الوحيد المختلف هذه المرة، هو الأمين العام، الذي إما سيُظهر بعضاً من صدقية الأمم المتحدة المفقودة ويحرر بعض جوانب عملها من أغلال السياسة والمال، أو سيكشف، مرة أخرى، زيف ادعاءات المنظمة تجاه شعوب العالم، ولا سيما الأطفال.
وكشفت وكالة «رويترز» أمس، أنها حصلت على «وثيقة مسربة» تؤكد إدراج تحالف العدوان على قائمة منتهكي حقوق الأطفال في مناطق النزاع، مشيرة إلى أنه سيتعيّن على الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن يوقّع على المسودة قبل أن يُعلن عنها رسمياً.
وتضيف الوكالة أن «القائمة السوداء»، التي تضم حركة «أنصار الله» والجيش اليمني واللجان الشعبية الموالية له، لا تزال «قابلة للتعديل»، ومن المقرر تقديمها إلى مجلس الأمن في الأيام المقبلة، على أن تُناقش نهاية الشهر الحالي.
وعلى الرغم من اتهام المسودة تحالف العدوان بـ«قتل 683 طفلاً يمنياً، وتدمير 38 مدرسة ومستشفى العام الماضي»، إلا أن الضغوط السعودية تتجلى بشكل واضح في التقرير المقدم من قبل الممثلة الأممية الخاصة لشؤون الأطفال في مناطق النزاعات، فيرجينيا غامبا،، إذ يزعم أن «قوات التحالف اتخذت في الفترة الأخيرة إجراءات وتدابير تهدف إلى حماية الأطفال».
والشهر الماضي، كشفت وزارة حقوق الإنسان أن «القصف المباشر لتحالف العدوان أدّى إلى استشهاد 10 آلاف و373 يمنياً، بينهم 2130 طفلاً و1813 امرأة»، فيما «تسببت تداعيات الحصار، كانعدام الأدوية وانتشار الأوبئة، في وفاة 247 ألف مواطن».
ورفض المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك التعليق على «الوثيقة المسربة»، وكذلك على معسكري النزاع في اليمن. وأكّد المتحدّث الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء، عبد الحكيم الكحلاني، في حديث إلى «الأخبار» أن الوزارة «لا تعلّق على الوثائق المسرّبة»، مستعيناً بمثل شعبي يمني لتفسير ذلك: «لما يولد نسميه!».
من جهته، قال سفير السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، إنه ينتظر «صدور التقرير رسمياً»، علماً بأنه سبق أن شددت بعثة السعودية لدى الأمم المتحدة على أنه «لا يوجد مبرر على الإطلاق لإدراج التحالف على القائمة السوداء».
وجاء ذلك في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة السعودية ودول العدوان على الانتهاكات المتكررة، بما في ذلك استخدام القنابل العنقودية المحظورة. وفي هذا السياق، عُقد الشهر الماضي في مدينة جنيف السويسرية، اجتماع ضم عشرات المنظمات الدولية الداعية إلى إدراج دول «التحالف» ضمن «القائمة»، ومن ضمنها منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي قالت إن على «مجلس حقوق الإنسان إعادة التحالف العربي فوراً إلى لائحة العار».
وتزامناً مع الاجتماع، نقلت الصحف عن مصادر دبلوماسية تجديد السعودية تهديداتها السابقة بقطع الدعم المالي الذي تقدمه للمنظمات التابعة للأمم المتحدة، ما يدفعنا إلى التساؤل عن مصير المسودة وحجم التعديلات التي سيفرضها النفوذ السعودي عليها، وخاصةً بعد التعديلات التي تمّ إدخالها، مطلع الأسبوع الحالي، على مشروع قرار يطالب بتحقيق دولي مستقل في الانتهاكات في اليمن.
وأُقرت التعديلات، التي أبرزها تحويل مطلب تشكيل «لجنة تحقيق دولية» للتحقيق في الانتهاكات، إلى «إنشاء فريق من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين ذوي المعرفة بقانون حقوق الإنسان»، بعد أيام من تهديد الرياض الدول التي تدعم إجراء التحقيق، في رسالة، قالت فيها إن «تبنّي المسودة الهولندية ــ الكندية في مجلس حقوق الإنسان قد يؤثر سلباً على العلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية مع السعودية».
ويشكّل ما وصفته حكومة الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، المدعومة من قبل العدوان، بـ«انتصار الدبلوماسية العربية»، إحباطاً لكل من كان يأمل أن يقوم غوتيريش بما لم يجرؤ على فعله بان كي مون، وخاصةً أن الأمين العام الحالي شدد، في آب الماضي أثناء زيارته للكويت، على أن «الأمم المتحدة لا تتعرض لأي ضغط من قبل التحالف» وأن «لا أحد يمكنه الضغط على قراراتي».
(الأخبار)




ارتكب تحالف العدوان، أمس، مجزرة جديدة في محافظة صعدة، شمال البلاد، ذهب ضحيتها 7 مدنيين على الأقل، بينهم 4 أطفال.
وقال مسؤول في مكتب دائرة الصحة في المحافظة، لوكالة «فرانس برس»، إن «سبعة مدنيين قُتلوا، فيما جُرح خمسة آخرون، في قصف لطيران التحالف على منزل شخص من عائلة معيض في مديرية باقم». وأشار المصدر إلى أن ضحايا الغارة هم «أربعة أطفال وامرأتان ورجل»، مضيفاً أن «عمليات بحث عن مفقودين لا تزال جارية في موقع الغارة».
من جهتها، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، «سبأ»، التابعة للحركة، إن «12 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، استشهدوا في مجزرة جديدة لطيران العدوان السعودي الأميركي في باقم».
وكان طيران العدوان قد استهدف، الأسبوع الماضي، سيارة عمال في مشروع مياه في مديرية سحار في المحافظة نفسها، وسيارة أخرى تقلّ مسافرين، ما أدّى إلى استشهاد وجرح 21 مواطناً، وفق «المسيرة».