في السابق، حذّرت إسرائيل، بشكلٍ رسمي، من إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش»، باعتباره الجهة الوحيدة القادرة على تأمين مصالح إسرائيل وحلفائها في المنطقة. أما الآن، فتحذّر إسرائيل من اليوم الذي يلي هزيمة التنظيم، بعدما بات بحكم المنتهي عملياً.
قلق إسرائيل، الذي يدفعها إلى الصراخ المتواصل في الفترة الأخيرة، يجد أشكالاً متنوعاً من التعبيرات و«الأفكار»، التي تسربها المصادر الأمنية والسياسية إلى الإعلام العبري، والذي كان آخرها، الدعوة إلى إعادة تشكيل تنظيم «سني» جديد، يضطلع بالدور الذي كان يضطلع به «داعش»، في تهديد وإشغال وصدّ أعدائها عنها، في سوريا والعراق.
موقع «واللا» العبري، نقل أمس «الأجواء السائدة في إسرائيل»، حول اليوم الذي يلي تنظيم «داعش». وفق مصادر الموقع، فإن «إسرائيل ترى أن هزيمة التنظيم ستسرّع التسوية، مع توقع تراجع القوى العظمى عن المنطقة. وهو واقع من شأنه تظهير التحدي الكبير: دخول إيران إلى الساحة وإقامة قواعد صواريخ في سوريا، من شأنهما تهديد الدول المعتدلة مثل السعودية وإمارات الخليج، وأيضاً الأردن».

لن تقع تل أبيب في فخ
الحديث الأميركي عن وجود استراتيجية لمواجهة طهران


ويؤكد الموقع أن الرسالة التي وضعت على طاولة النقاش في محادثات مغلقة مع مسؤولين روس رفيعي المستوى، وكذلك مع الجانب الأميركي، واضحة جدّاً: «لا تتركوا إيران تتسلل إلى سوريا، كما فعلت في العراق، وعليكم إزالة هذا التهديد وإخراجهم من هناك». وبحسب الرسالة، «يجب العمل على إدراج السنّة في الحل المقبل، ومنحهم مساحة (جغرافية) ومسؤولية، وكذلك العمل على إنشاء تنظيم يكون منافساً لداعش». وتبرز ملامح الخطة البديلة من «داعش»، التي تحضر وتدعو إسرائيل كي تكون هي أساس التخطيط والتوجه للمرحلة المقبلة، من خلال استخدام مصطلحات «السيطرة الشيعية» و«المقاومة السنية». إذ تضيف الرسالة الموجهة إلى الأميركيين والروس: «ضرورة منح السنّة في سوريا إمكانية منع الإيرانيين من تسريع مسار السيطرة الشيعية على سوريا»، وهو الذي يدفع إلى التشديد على ضرورة تشكيل «تنظيم سني»، أو بعبارة أخرى جرى استخدامها في الرسالة، «ترميم تنظيم سني منافس لداعش».
وفي السياق السوري نفسه، أشارت مصادر سياسية إسرائيلية للموقع العبري، إلى أن فكرة وجود منطقة خالية من الوجود الإيراني تمتد عشرات الكيلومترات عن الحدود الإسرائيلية، هي الجواب الروسي على المطلب بإخراج إيران من سوريا بشكل كامل. ومن هنا، تضيف المصادر «أن التقدير في تل أبيب هو أن روسيا تنوي التسليم بالوجود الإيراني والميليشيات الشيعية والتي يبلغ تعدادها حوالى 16 ألف مقاتل». وتقدّر المصادر نفسها أنّ روسيا ستسمح لإيران بالسيطرة على الكثير من المناطق والمجالات الاستراتيجية على مستوى المطارات والقواعد والاتفاقات المستقبلية. ونتيجةً لذلك، يأملون في تل أبيب أن تتدخل الولايات المتحدة في هذه القضية، وخاصّةً أن لها مصلحة في المحافظة على الاستقرار الأمني للسعودية، والإمارات، ودول أخرى في المنطقة.
وتقرُّ المصادر الإسرائيلية نفسها، بمحدودية قدرة إسرائيل على مواصلة أعمالها (العدائية) في سوريا، في اليوم الذي يلي هزيمة «داعش» وبدء مسار الحل السياسي، مشيرةً إلى ضرورة أن لا تكتفي إسرائيل بالمواقف، وإنما الانتقال الى مرحلة الرسائل الشديدة التحذيرية باتجاه دول المنطقة والدول العظمى، بأن إسرائيل لن تسلم بالوجود الإيراني. لكن، في المقابل، تقرّ هذه المصادر بأن إسرائيل لا تستطيع أن تهاجم بالوتيرة نفسها في «اليوم الذي يلي». وأضاف الموقع أن المشكلة الإيرانية تبقى على رأس سلّم الأولويات لدى إسرائيل، ليس فقط بسبب التسوية في سوريا، وإنماً أيضاً بسبب المشروع النووي واستمرار تطوير الوسائل القتالية والصواريخ. وأكّدت مصادر سياسية إسرائيلية، في محادثات مغلقة، أنها لن تقع ضحية الابتسامات الإيرانية وفخ الحديث الأميركي عن وجود استراتيجية منظّمة لواشنطن، لمواجهة طهران.