شدد نائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، على أن القوات الأمنية و«الحشد الشعبي» والعشائر هم من سيحسمون المعركة مع تنظيم «داعش»، لافتاً إلى أن كثرة الانتقادات الموجهة إلى «الحشد» هي محاولات جديدة من قبل دعاة التقسيم لإفشال هذه التجربة الوطنية التي استطاعت حماية وحدة العراق.وأشار المالكي، في تصريحات أدلى بها عبر الهاتف لوكالة «الأنباء الألمانية» في القاهرة، إلى أن الولايات المتحدة لم تتعاط بشكل إيجابي في ما يتعلق بمستوى الدعم العسكري الذي تقدمه للعراق في حربه ضد «داعش»، واصفاً إياه بأنه «ليس بالمستوى المطلوب».

وأوضح أنه «لو كانت الولايات المتحدة جادة في عملية التسليح لما حدث التداعي الأمني الخطير الذي يشهده العراق»، مضيفاً: «ما وصلنا لم يكن كافياً في ظل الحرب الدائرة، ولذا لجأ العراق إلى إيجاد مصادر تسليح أخرى من روسيا وإيران وكوريا وبلغاريا».
وشدد المالكي على أنه «إذا كانت لدى دول العالم جدية في مكافحة الإرهاب فعليهم أولاً إيقاف مصادر تمويله.. وإيقاف تدفق الإرهابيين إلى العراق»، محذراً من أن العراق «لن يكون وحده ساحة للإرهاب».
حذرّ المالكي من أن استمرار الأزمة السورية سيؤدي إلى إحراق المنطقة بالكامل

وقدر أن «قصف طيران التحالف الدولي لمواقع داعش لم يؤد إلا إلى 10% من مجمل ما تم تحقيقه على الأرض»، كاشفاً عدم صحة أو حاجة العراق لوجود أي قوات أجنبية على أراضيه، خاصة أنه بالفعل يمتلك قوات كافية من أبنائه لمواجهة التهديدات، سواء من «داعش» أو من غيره.
وشدد نائب الرئيس العراقي على أن كثرة الانتقادات الموجهة إلى قوات «الحشد الشعبي»، «ما هي إلا محاولات جديدة من قبل دعاة التقسيم لإفشال هذه التجربة الوطنية التي استطاعت حماية وحدة العراق، ونفس هذه الأصوات هي التي كانت قد شنت من قبل حملات تشويه ضد الجيش العراقي وأسقطوه».
وحذر من مخطط إسقاط «الحشد» عبر استهدافه، مؤكداً أن «الحشد» سيكون ضمن عنوان «الحرس الوطني».
وأبدى المالكي تأييده لإقرار قانون الحرس الوطني «ولكن ليس بالصيغة الحالية التي تمثل خطراً على الوحدة الوطنية، لكونها تحول وتخرج فكرة الحرس الوطني من وظيفته المفترضة وهي حماية الوطن بأكمله إلى حرس محافظات ذات استقلالية إدارية».
وجدد المالكي رفضه لأي عملية تسليح تجري لمكون عراقي خارج إطار الحكومة الاتحادية، في إشارة إلى ما طرح من قبل من جانب البعض في الإدارة الأميركية بشأن إمكانية تسليح «السنة» أو «الأكراد» دون الرجوع للحكومة الاتحادية، مشدداً على أن هذه الفكرة تمثل خطراً كبيراً يهدد وحدة العراق وسيادته وتدعم المشاريع التقسيمية.
المالكي فصل في حديثه بين جمهور «السنة» الذين يدعمون وحدة العراق وبين سياسييهم الذي يتبنون الخطاب الطائفي أو تبني مشاريع التقسيم.
وأعرب نائب الرئيس العراقي عن استيائه مما يردده معارضوه حول أن سياساته وقت توليه المسؤولية هي التي أوصلت البلاد للوضع الحالي وتحديداً سقوط الموصل في يد «داعش» نتيجة عدم وجود جيش وطني قوي ومتماسك ومدرب ومجهز بأحدث الأسلحة رغم إنفاق الملايين عليه من خزينة الدولة، متهماً أطراف داخلية وخارجية بالوقوف وراء ما وصفه بمؤامرة سقوط الموصل.
وشدد على أن «هذا كله كلام غير صحيح»، مشيراً إلى «تناسي البعض عمداً في بعض الأحيان سقوط الأنبار كذلك بيد داعش» بعد تركه المسؤولية.
وأضاف: «لقد قلت مراراً إن سقوط الموصل لم يكن إثر عملية عسكرية بقدر ما كان نتيجة للتآمر والمخططات التي نفذتها جهات خارجية معادية للعراق وجهات داخلية كالبعثيين والنقشبندية».
وكشف عن «دور أطراف متنفذة في الحكومة المحلية أصدرت الأوامر بسحب المكون السني والكردي من القوات المسلحة في المدينة، وهما يكونان النسبة الأكبر، بالتزامن مع دخول داعش، ما أدى إلى الانهيار ودخول الإرهابيين للموصل دون قتال».
وأشار إلى دور بعض السياسيين المعارضين له في تلك المؤامرة دون أن يسميهم، مكتفياً بالقول: «لقد أشعلوا الأوضاع بالوقوف خلف الاعتصامات وإعلانهم الحرب على الدولة وإشاعتهم أجواء الهزيمة بعدما طعنوا الجيش في انتمائه وولائه. ورغم تلبية غالبية المطالب التي خرجت من ساحات الاعتصام إلا أنهم بدأوا بإطلاق شعارات طائفية وأخرى تستهدف إسقاط الحكم».
وفي ما يتعلق بملف الجيش وبنائه وتسليحه، أعترف المالكي بأن بناءه «قد تم للأسف على أسس طائفية» إلا أنه حمل المسؤولية في ذلك للقوات الأجنبية التي كانت متحكمة في الأمور حينذاك، لافتاً إلى أنه قام «بإعداد 15 فرقة متكاملة مع منظومة إدارية، لكن بقاء الطائفية والمحاصصة أدى إلى انهيار الجيش مع أول صدمة طائفية في الموصل، وبناءً على ذلك وفي ظل التآمر الموجود تفكك الجيش».
ورفض المالكي بشدة اتهامه بأنه من جلب التطرف وزرع الطائفية في المنطقة جراء ممارسته لسياسات إقصائية للسياسيين «السنة»، وتساءل: «كيف يقال إنني شجعت على الطائفية وقد حرصت خلال فترة حكمي على القضاء على الطائفية التي برزت بعد حادث سامراء. وأول من تصديت لهم كانوا الشيعة في البصرة وبغداد وكربلاء. كما قمت بإعلان مشروع المصالحة الوطنية ودعم شيوخ الأنبار والصحوات التي تشكلت لمواجهة تنظيمات القاعدة، وقمنا بدعم تلك المحافظات بالرجال والسلاح».
وأضاف: «مسألة ملاحقة بعض السياسيين السنّة لم تكن بقرار سياسي، بل بقرار قضائي، لأنهم تورطوا في أعمال إرهابية بموجب أدلة دامغة وأقرّت بها حتى الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية والدولية».
وأرجع المالكي التطرف الذي اشتد في المنطقة إلى «سياسة التكتلات والمحاور، خاصة مع تعمق الأزمة السورية»، وقال إنه كان أول من حذر من عواقبها.
وأضاف متسائلاً: «إذا كنت من استدعى التطرف إلى العراق كما يتهمني البعض، فما هو التفسير لما يحدث في سوريا ولبنان وليبيا وغيرها من الدول من تطرف وإرهاب؟».
وحذرّ المالكي من أن استمرار الأزمة السورية سيؤدي إلى إحراق المنطقة بالكامل، خاصة أن القضاء على «داعش» في العراق مرتبط بانتهاء الأزمة هناك، وشدد على أن الحل يتمثل في «وجوب جلوس جميع أطراف النزاع إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة والتزام نتائج الحوار الذي يجب دعمه بواقعية تلافياً لخطر أكبر لو سقط النظام بيد المتطرفين والإرهابيين».
وأعرب عن تقديره لحجم التحديات التي تواجهها حكومة حيدر العبادي حالياً، واصفاً علاقته بالأخير «بالطيبة».
ودعا المالكي سياسيي العراق إلى دعم العبادي والوقوف معه، وحذر من أن «الخطر يمس العراق بأكمله وإذا سقط الهيكل فسيكون على رؤوس الجميع».
وحول تقييمه للعلاقات العراقية الإيرانية، أشاد المالكي بالدور الذي تقوم به إيران لمساندة العراق في حربه ضد الإرهاب، وقال: «الدور الإيراني المساند للعراق كان كبيراً ولولا الموقف الإيجابي لطهران لما كان بمقدورنا مواصلة القتال ضد داعش».
ونفى أن تكون سياساته الخارجية وقت توليه المسؤولية قد جنحت بشكل تام للتناغم مع السياسة الإيرانية، موضحاً أن «سياستنا التي رسمناها هي أن نجعل العراق يستعيد مكانته الطبيعة في المنطقة، ويتمتع بعلاقات طيبة مع كل دول الجوار».
(الأخبار)