القاهرة | أقرّت الحكومة المصرية، بشكلٍ مفاجئ، مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون «إسقاط وسحب الجنسية المصرية»، ليضمّ تعديلات مثيرة للجدل، إذ تتضمّن إسقاط الجنسية في حالة «صدور حكم قضائي يثبت الانضمام إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أيّاً كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، تهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة»، وهي الصيغة التي تترك الباب مفتوحاً على اعتباطية محتملة في المستقبل.
وينصّ مشروع القانون الذي أقرّته الحكومة في اجتماعها الأخير، على «زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها بالتجنس أو بالزواج لتكون عشر سنوات بدلاً من خمس سنوات، وزيادة المدة التي يكتسبه بعدها الأجنبي للجنسية المصرية تبعاً لوالدته لتكون سنتين بدلاً من سنة، وحذف اكتساب الأولاد البالغين للجنسية تبعاً لذلك والاكتفاء بالأبناء القصر، وإضافة حالة جديدة لحالات إسقاط الجنسية تتعلق بصدور حكم بالإدانة في جريمة مضرة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل».
تعديلات الحكومة التي لم تطرحها للنقاش خلال الأسابيع الماضية، لاقت ترحيباً واسعاً من الأغلبية البرلمانية التي أبدت موافقتها على إسقاط الجنسية عن «الإرهابيين»، خصوصاً الهاربين إلى الخارج، وسط اعتراض حقوقي باعتبار التعديلات مخالفة للمواثيق الدولية التي انضمت إليها مصر ووقعت عليها.
وتستهدف الحكومة من خلال القانون إسقاط الجنسية عن أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» التي صنّفتها من قبل باعتبارها جماعة إرهابية في خطوة تعزز من الإجراءات العقابية التي اتخذتها ضدهم، علماً بأن الحكومة اتخذت إجراءات متصاعدة ضدهم في الأشهر الماضية.
وجهة النظر الحكومية قائمة على استهداف زيادة الضغط على الجماعة التي ما زال بعض قياداتها في الخارج يحاولون الضغط على النظام، وبرغم أن كافة القيادات الموجودة في الخارج مطلوبة على ذمة قضايا مختلفة في مصر، إلا أن قانون سحب الجنسية منهم سيجعلهم أقل تأثيراً ــ بحسب مقترحي التعديلات.

يسمح القانون الحالي بإسقاط الجنسية إذا قدمت وزارة الداخلية طلباً بذلك


لكن أصوات داخل الحكومة ترى في مناقشة تعديلات القانون في الوقت الحالي فرصةً لزيادة الانتقادات الموجهة إلى مصر على المستوى الحقوقي، وتطالب بتأجيل إحالته على البرلمان، فالتعديلات الحكومية على قانون إسقاط النسبية تأتي بعد رفض محكمة القضاء الإداري أكثر من دعوى قضائية لإسقاط الجنسية عن الرئيس الأسبق محمد مرسي في الشهور الماضية.
ويسمح القانون الحالي بإسقاط الجنسية إذا قدمت وزارة الداخلية طلباً بذلك، أو إذا صدر حكم ضد الأشخاص الذين اكتسبوها بالتجنيس أو الزواج في جريمة تضرّ بأمن البلاد وسلامتها من الداخل والخارج. وتسقط كذلك إذا التحق شخص بالصهيونية باعتبار تصنيفها حركة عنصرية، أو التحق شخص بجيش في حرب مع الدولة المصرية، أو تجنس بجنسية أجنبية ولم يُخطِر وزارة الداخلية خلال عام من حصوله على الجنسية الأخرى.
وجهة النظر المعارضة للقانون تؤكد صعوبة الموقف القانوني في ملاحقة المتهمين الذين يدانون بالأعمال الإرهابية في الخارج بعد سحب جنسياتهم، بالإضافة إلى عدم قانونية التعديلات المقترحة وتوافقها مع الدستور الذي نص على أن الجنسية مكتسبة ولا يجوز سحبها ومخالفته لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويرى التيار الحقوقي الرافض للتعديلات أن مشروع القانون في شكله الجديد من شأنه معاقبة الشخص مرتين على جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية بحيث يعاقب بقانون العقوبات بالسجن المشدد وتُسحَب جنسيته منه. علماً بأن أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان سيرسلون إلى البرلمان اعتراضهم الرسمي عند مناقشة القانون الذي سيحال على اللجنة التشريعية في البرلمان، وهذه الأخيرة ستقدم تقريراً بشأنه في الجلسة العامة للمجلس الذي يبدأ دور انعقاده بداية الشهر المقبل.