تمكّن الجيش السوري من تثبيت مواقعه في الضفة الشرقية للفرات بعد أيام على عبور النهر، بعد مقاومة عنيفة من تنظيم «داعش»، وإجباره على الانكفاء باتجاه الضفة الغربية. وسيطر الجيش بشكل كامل على قرية خشام، وثبّت نقاطه في قريتي مرّاط ومظلوم، وتمكنت آلياته الثقيلة من الانتقال باتجاه الضفة الشرقية مستفيدة من جسر حربي تم بناؤه لتأمين إمداد للقوات في منطقة العبور.
وتستعد وحدات الجيش للتقدم في محورين، الاول باتجاه حقل كونيكو للغاز وحقل العزبة النفطي، والثاني باتجاه الجهة الجنوبية للنهر باتجاه جديد عكيدات للوصول الى آبار النفط الرئيسة في المنطقة. واللافت إعلان «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من «التحالف الأميركي» أنّها طوقت حقليّ كونيكو والعزبة بعد أن تقدمت إليهما من جهة دوار المعامل شمال غرب الفرات. مصادر ميدانية رجّحت أن «التقدم باتجاه حقول النفط والغاز ينتظر توافقاً روسياً أميركياً من خلال سلسلة اجتماعات عقدت بينهما في العاصمة الأردنية عمان، وأنّ هذه الاجتماعات تهدف إلى منع التصادم بين الجيش و"قسد"، وتحدد إطاراً جغرافياً لعمليات كل طرف». وأضافت المصادر أن «الجيش السوري سيتابع عملياته شرقاً، ويمنع أي تقدم إضافي لقسد في الريف الشرقي لديرالزور».

البنتاغون: لا نحارب أيّاً من القوات الحكومية أو القوات الروسية


لكن يبدو أنّ هذا التوافق لن تكون ترجمته على الأرض يسيرة، إذ قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، إنَّ الولايات المتحدة تحاول منع تقدم الجيش في دير الزور. وأضاف، في لقاءٍ مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، «يسرنا أن نرى كيف يبدأ تعاوننا مع روسيا يثمر، وأن الشعب السوري يقتنع بشكل متزايد بأن الروس يكتبون الفصل الأخير من الأزمة». وفي الوقت نفسه، أشار إلى أنَّ الاجتماع في أستانا حول سوريا في منتصف سبتمبر كان ناجحاً، معتبراً أن «هذا الانجاز مهم جداً، لكن السؤال ما زال هو ما إذا كان الأميركيون مستعدين للإشادة بروسيا».
وفي السياق، قال لافروف في مؤتمر صحافي إن بلاده أبلغت «الولايات المتحدة بأن محاولات عرقلة عمليتنا ضدَّ الإرهابيين في سوريا لن تبقى دون رد»، لافتاً إلى أنّه «لا بد من إنهاء الحرب على الإرهاب ولا يسمح بأي تقسيم للأراضي السورية». وأشار إلى أنّ «القضاء على المسلحين يتطلب تنسيقاً بين روسيا وأميركا، لكن واشنطن ترفض ذلك».
وفي تعليق في وقت متأخر من مساء أمس، أكد قائد القوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا الجنوبية الغربية، الجنرال جيفري هاريغيان، أنّ بلاده «لا تحارب في سوريا أيّاً من القوات المحلية الحكومية أو القوات الروسية... إنما نحارب تنظيم داعش». وفي سياق المحادثات، التي عقدت أول من أمس الخميس بين قيادات الجيشين الروسي والأميركي، أشار هاريغيان إلى أنّ «الحوار سيستمر، وستكون هناك مناقشات لتطوير نتائج الاجتماع السابق». وأضاف في الوقت ذاته: «لكنني أريد أن أشير إلى أننا نواصل عبر قنوات القوات الجوية استخدام خط منع الاشتباك كل يوم».
ولفت إلى أنّه لا يتوقع تسلّم دعوة من الجانب الروسي لزيارة قاعدة حميميم في سوريا، ولكنه يعوّل على مواصلة العمل مع روسيا من أجل التوصل إلى «فهم مشترك لمنع سوء التقدير الاستراتيجي»، أي الحوادث المحتملة بين عسكريي البلدين.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه تصريحات إعلامية للقيادي في «قسد» جودي عربو أن «مجلس دير الزور أطلق عملية عسكرية باتجاه الصور في ريف دير الزور الشمالي للقضاء على داعش». وأضاف أن «القوات ستتجه إلى بلدة مركدة في الريف الجنوبي للحسكة لتطهيرها بشكل كامل من داعش».
إلى ذلك، سيطر الجيش على سلسلة قرى في الريف الغربي والشمالي الغربي لدير الزور، والمحاذية للضفة الغربية لنهر الفرات (التبني وزلبية والكصبي وعدد من القرى والمزارع) وصولاً إلى معدان عتيق. ويسعى الجيش في عملياته المستمرة في المنطقة للسيطرة على بلدة معدان في ريف الرقة الشرقي، والوصول إلى قرية غانم علي، وربط جبهتي ريف دير الزور الشمالي الغربي بريف الرقة الشرقي، ومحاصرة «داعش» بجيب يمتد من جبل البشري وصولاً إلى سلسلة من الأودية والمرتفعات الصحراوية بين ريفي الرقة الشرقي ودير الزور الغربي، بهدف السيطرة عليهما بشكل كامل. يأتي ذلك في وقت يواصل فيه الجيش عملياته لتطويق المدينة، فتمكّنت قواته من التقدم والسيطرة على أجزاء واسعة من حويجة صكر، لإطباق الحصار التام على المدينة، تمهيداً لشنّ عمليات قضم ما تبقى من أحياء لا تزال واقعة تحت سيطرة التنظيم، لتأمين المدينة بشكل كامل.
إلى ذلك، تستكمل الوفود الحكومية زياراتها للمحافظة، إذ اطّلع أمس وفد من وزارة الكهرباء على حجم الاضرار التي لحقت بالمنظومة الكهربائية، ووعدت «ببدء العمل قريباً لإعادة التيار الكهربائي إلى المحافظة بعد إعادة صيانة محطات التحويل وخطوط التوتر الواصلة إليها». كذلك، بدأت باصات النقل الداخلي العمل في المحافظة لأول مرة منذ ثلاث سنوات، بسبب عدم توافر المحروقات. تزامناً، دعت وزارة التجارة الداخلية جميع التجار إلى نقل إنتاجهم وبضاعتهم إلى المدينة بهدف إعادة الحياة إلى أسواقها.