كشفت أجهزة الأمن الإسرائيلية، أمس، عن وجود أسيرين إسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بالإضافة إلى جثتي جنديين قتلا في الحرب الأخيرة على القطاع صيف العام الماضي.وبحسب الأجهزة نفسها، فإن إسرائيلياً من أصول إثيوبية، يدعى أبراهام منغيستو، عبر السياج بين إسرائيل وقطاع غزة في شهر أيلول من العام الماضي، طوعاً، ويبدو أنه وقع أسيراً لدى المقاومة الفلسطينية. فيما الأسير الثاني، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عربي بدوي من قرية حورة في النقب.

ومع معرفة هوية الإسرائيليين يصبح مفهوماً لماذا امتنعت إسرائيل طوال الأشهر الماضية عن الكشف عن وقوعهما في الأسر، ودون أن تثير ضجيجاً أو ضغوطاً، ولا سيما أن أحدهما ليس يهودياً، فيما اليهودي هو من أصول إثيوبية. ويفترض أن يؤثر ذلك، على هامش المناورة على كل من طرفي المفاوضات المفترضة. لكن التقارير الإعلامية الإسرائيلية ذكرت أن إسرائيل توجهت في أعقاب اختفاء منغيستو إلى الصليب الأحمر الدولي، ولجهة رسمية في القطاع، وادعت أنه يعاني من مشاكل نفسية. مع ذلك، لم يتم الحصول على أي معلومة عن مصير الشاب، كما ذكر مصدر أمني لموقع «يديعوت أحرونوت».
أما بخصوص توقيت الكشف عن هذه القضية، فهو أتى بناءً على قرار من المحكمة العليا بعد التماس قدمته صحيفة «هآرتس» وصحف أخرى.
ومما يلفت أن وسائل الإعلام الإسرائيلية التزمت الصمت التام طوال الأشهر الماضية، رغم معرفتها بالحادثة، بناءً على قرار الرقابة الإسرائيلية.
مع ذلك، ذكرت الأجهزة الأمنية، بحسب التقارير الإعلامية الإسرائيلية، أنها توجهت لعدة أطراف دولية وإقليمية للتأكد من سلامة منغيستو وطالبت بتحريره فوراً.
في كل الأحوال، وبعد أشهر من الحادثة والكشف عن اختفائهما، بادر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تعيين مندوب شخصي للعمل على تنسيق النشاطات المتعلقة بهذه القضية والاتصالات مع العائلات. وأكد نتنياهو تعقيباً على القضية: «إننا نعمل على إعادة المواطنين الإسرائيليين اللذين اجتازا الجدار الحدودي إلى غزة، ونعتبر حماس مسؤولةً عن سلامتهما».
وبعدما تجنب نتنياهو اللقاء بعائلة الإثيوبي طوال الأشهر الماضية، أعلن أنه تحدث مع والديه ومع شقيقه، مؤكداً لهم أنه «منذ الاطلاع على هذه القضية لا نوفر جهوداً لإعادته إلى إسرائيل».
وأضاف نتنياهو: «أتوقع من المجتمع الدولي الذي يعبّر عن قلقه من الوضع الإنساني في غزة أن يدعو بصوت واضح إلى الإفراج عن هذين المواطنين وأن يهتم بإعادتهما».
من جهته، اعتبر وزير الأمن، موشيه يعلون، لدى عودته من إيطاليا، أن هناك مواطنين إسرائيليين بأيدي «حماس» في قطاع غزة، وادعى أن دولة إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة من أجل إعادتهما إلى أحضان عائلتيهما، ونرى أن «حماس مسؤولة عن مصيرهما ونطالب بإعادتهما».
أما وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، فعبر عن مفاجأته من إعلان وجود أسيرين في قطاع غزة، «رغم أني كنت وزير خارجية وعضو في المجلس الوزاري المصغر وشاركت في كافة المداولات الأكثر سرية. وأعتقد أن هذه الحقيقة تشير إلى عدم استخلاص العبر من حالات سابقة».
ودعا ليبرمان إلى عدم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، وقال: «آمل أيضاً أن يكون أداء أولئك الذين يجرون مفاوضات في الكابينيت بموجب استنتاجات لجنة شمغار التي شُكلت بعد حالة غلعاد شاليط. وجميعنا نعرف أنه منذ صفقة جبريل وحتى الفترة الأخيرة دفعنا أثماناً لا تحتمل».
وعبرت عائلة اليهودي الإثيوبي عن خيبة أملها من أداء أجهزة الدولة، متهمة إياها بأن سلوكها ينطوي على ما هو أكثر من عنصرية، وهو ما سمته «معاداة السود»، واصفة التعامل بأنه كان عنصرياً ولا سامياً. وأضافت أنه لو كان ابنها شاباً أبيض لكان التعامل يختلف كلياً مع القضية وبصورة أكثر جدية، وأن الجيش كان سيدخل آلياته فوراً إلى غزة لاستعادة الشاب وكانت الحكومة ستحمل «حماس» المسؤولية علناً ولا تتستر على القضية.
وهاجم شقيق منغيستو سلوك مؤسسات الدولة في قضية اختفاء شقيقه، وقال إن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم يلتق حتى اليوم بالأسرة، ولم يرد على رسالة أرسلت إليه منذ فترة.
هذا وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الجيش سبق أن أصدر حظر نشر شامل في السابق على كافة التفاصيل، بما في ذلك اقتباس الأخبار التي تنشر في وسائل إعلام أجنبية، إلا أن المحكمة أزالت حظر النشر في أعقاب طلب الصحيفة وموافقة أسرة الشاب بعدما وصلت محاولات استرجاع ابنها إلى الفشل.
وبحسب «هآرتس»، فإن منغيستو عانى في السابق من مشاكل نفسية، وأنه على ما يبدو كان تحت تأثير الكحول عندما قرر عبور السياج الحدودي مع غزة، وأن كاميرات المراقبة التابعة للجيش رصدت الشاب الذي كانت بحوزته حقيبة، لكن الجنود في برج المراقبة ظنوا أنه متسلل فلسطيني ويريد العودة إلى القطاع، لذا لم يجر اعتراضه.
على صعيد آخر، رفض مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى ادعاءات حركة حماس بأنها لا تحتجز المواطن الإسرائيلي منغيستو، واصفاً ذلك بأن هذه الأنباء كاذبة ومغرضة.
وأضاف المصدر أن الاعتقاد السائد لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية هو أن منغيستو على قيد الحياة وأن «حماس» تحتجزه لغرض المساومة في أي عملية تفاوض مستقبلية مع إسرائيل.
(الأخبار)