دمشق | لم يكد رجال الأعمال المتخلفون عن سداد قروضهم المصرفية «يفيقون» من صدمة القرارات المتلاحقة التي أصدرتها المحاكم المصرفية وقضت بمنعهم من السفر، حتى جاءتهم الصدمة الثانية، وهذه المرة كانت من مصرف سوريا المركزي، إذ وفق ما سرّبته بعض المصارف المركزية العربية لرجال أعمال سوريين فإن مصرف سوريا المركزي زوّدها مؤخراً قائمة لمؤسسات اقتصادية سورية متخلفة عن سداد قروضها، طالباً منها الحذر والحيطة في التعامل معها.
القائمة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تضمّ أسماءً لخمسين مجموعة ومؤسسة اقتصادية سورية مع الشركات والمجموعات المتفرعة عنها، والبالغ عددها نحو 57 شركة ومجموعة. وما يميّز هذه المجموعات الاقتصادية توزعها على مجالات استثمارية عديدة، تجارية وصناعية وسياحية، فضلاً عن أن ملكيتها تعود لرجال أعمال مشهورين، كان لهم خلال السنوات السابقة حضور متميز على الساحة الاقتصادية المحلية والإقليمية.
وكما هو متوقع، فقد سارعت المصارف المركزية التي تلقّت كتاب «المركزي السوري» إلى تنبيه وتحذير المصارف والبنوك لديها من التعامل مع هذه المجموعات؛ فالمصرف المركزي العراقي مثلاً طلب في تعميم له من المصارف إعلامه «أول بأول في حال ظهور بعض التعاملات مع هؤلاء الأشخاص»، أي بلغة أوضح منع التعامل مع الأسماء الواردة في القائمة. وهذا ما جعل رجل أعمال شهيراً يستغرب قيام المصرف المركزي «بهذا الاجراء الذي يسدّ المنافذ على مجموعة من كبرى الشركات السورية التي ينبغي أن يحرص هو على إيجاد منافذ لها لتعود إلى العمل والانتاج والنشاط بدلاً من سد المنافذ عليها. وليت هذا الأمر يتم داخل سوريا، بل هو يلاحقها الى الدول الأخرى». ويضيف رجل الأعمال الذي اتصلت به «الأخبار» للتعليق على ورود اسمه في القائمة، أنه «لا بد من التذكير بأنه حتى الآن لم يتم تحديد أسباب التعثر لكثير مـن أصحاب الشركات والمؤسسات الواردة في الكتاب... هل هي ذاتية أم موضوعية نتيجة الأزمة وتداعياتها؟».

50 مجموعة
طالب «المركزي السوري» بالحذر من التعامل معها
فقائمة العملاء المتعثرين لا تحتاج من القارئ إلى كثير عناء حتى يتبيّن أنّ «أغلبية الأسماء، إن لم يكن جميعهم، من أعمدة الاقتصاد الوطنــي، وأن الأعمال التي تعثروا بهـا تقع ضمن القطاعات التي تأثرت كلياً بالأزمة، كالفنادق، المداجن، السيارات وغيرها، علماً بأن معظم هذه الشركات لا تزال تناضل لأجل الاستمرار».
ولا يجد رجل الأعمال، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، تفسيراً لما حصل سوى طرح جملة تساؤلات تمثل إجاباتها انتقاداً لسياسة الحكومة في معالجة أزمة الديون المصرفية المتعثرة والإجراء الأخير للمصرف المركزي. فإذا «كان هؤلاء يستطيعون إعادة نشاطهم الاقتصادي أو جزءاً منه، حتى ولو خارج سوريا، أليس هذا أمراً مهماً في ما بعد للاقتصاد الوطني؟ وبحكم الفرص الاستثمارية التي ستظهر في مرحلة إعادة الاعمار، أليس مفيداً الحيلولة دون انهيار هذه المؤسسات؟ وإلا كيف نتبنى مبدأ إعادة الإعمار من خلال أبناء الوطن؟ وإذا أعاد هؤلاء نشاطهم، ألن تكون إمكانية تحصيل الديون أكبر مما لو استمر حشرهم في الزاوية إلى حين إعلان الإفلاس؟».