لا يزال تراجع الدافعية لدى جنود العدو الإسرائيلي للخدمة في الوحدات القتالية، يثير القلق في المؤسسة العسكرية. وما يعزز هذا القلق المعطيات الجديدة التي نشرتها صحف إسرائيلية، أنه للسنة الثالثة على التوالي يظهر انخفاض في نسبة الجنود الذين يرغبون في الانضمام إلى الوحدات القتالية، في مقابل ازدياد الذين يفضلون الخدمة في الوحدات الاستخباراتية والسايبر من أجل ضمان مستقبلهم.
ووفق المعطيات نفسها، أخذ التراجع في الأرقام مساراً انحدارياً منذ ما بعد عام 2010، حيث بلغ عدد المتطوعين في الوحدات القتالية الذروة، ومنذ ذلك الحين أخذت هذه النسبة بالانخفاض.
على خط موازٍ، أكدت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الجيش يشعر بالقلق الشديد أمام التوجه الواضح لانخفاض عدد الشبان الذين يطلبون التجند للوحدات القتالية «الكلاسيكية» مقابل الارتفاع الحاد لطالبي التجنيد في الوحدات الأخرى، وعلى رأسها الدفاع الجوي وحرس الحدود والجبهة الداخلية.
وتؤكد معطيات التجنيد الحالية أنه خلافاً للسابق، لا يسارع الشبان إلى الانخراط في الوحدات الميدانية، وفي مقدمتها سلاح المشاة، وهو ما ينطبق على لواءَي «غولاني» و«جفعاتي»، وبشكل أقل لواء «الناحل». أما لواء «كفير»، الذي برزت زيادة في طلب الالتحاق به، فهو يعود، وفق الجيش، إلى الدور البارز نسبياً له في العمليات الدائرة في المناطق الفلسطينية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في سلاح المدرعات والدبابات يضطرون إلى تعبئة الصفوف بجنود لم يطلبوا الخدمة فيها، إذ تراجعت نسبة الذين يطلبون الخدمة في هذه الوحدات إلى أقل من جندي واحد مقارنة بباقي الوحدات. ويحذر الجيش من أزمة محفزات في الوحدات الميدانية، ويصف هذا التوجه بأنه «ينقل المحفزات».

قرر الجيش فحص مدى ملاءمة الجنديات للعمل على تشغيل الدبابات

وإلى جانب التفسيرات التقنية لهذه الظاهرة، يرجع سبب آخر إلى الهدوء الأمني النسبي، وإلى النسبة العالية للنساء اللواتي يخدمن في الوحدات الشعبية جدا اليوم: حرس الحدود والدفاع الجوي وكتائب الجبهة الداخلية. وقد شكلت النساء في حرس الحدود في السابق نسبة 15% من المحاربين، فيما تصل نسبتهم الآن إلى 35%، الأمر الذي يترك نسبة قليلة من الأماكن الشاغرة، ويزيد حجم المنافسة. والوضع أكثر تطرفاً في الدفاع الجوي والجبهة الداخلية، فنسبة النساء هناك تتجاوز 50%، رغم أن المتطوعات للخدمة هناك سيخدمن لمدة 32 شهراً كما الرجال، ويلزمن الخدمة في قوات الاحتياط.
في محاولة لمعالجة هذه الظاهرة، يعد الجيش خطة استراتيجية ستشارك فيها وزارة الأمن ووزارة التعليم لتنظيم حملات إعلامية في صفوف الشبيبة منذ بداية الصف الحادي عشر في المدارس، لتأكيد أهمية «الخدمة الفعلية» في وحدات المشاة. وسيدمج قادة سلاح البر في هذه الحملة إلى جانب قادة الكتائب، الذين سيُرسَلون إلى المدارس للتحدث مع الطلاب وإقناعهم بالانخراط في الوحدات المقاتلة. كذلك تُفحَص الاستعانة بشبكات التواصل الاجتماعي بالتعاون مع مبلورين للرأي العام.
أيضاً، يخطط الجيش لرفع مكانة المحاربين في الوحدات المقاتلة بدفع محفزات مالية أعلى من السابق وتمييزهم عن الآخرين في شروط الخدمة والأوسمة والتقدير.
من جهة أخرى، وبرغم تحذير الحاخامات من أن نتائج انضمام المقاتلات إلى سلاح المدرعات قد يؤدي إلى «ارتباك» لدى المقاتلين، قرر الجيش فحص مدى ملاءمة الجنديات للعمل على تشغيل الدبابات. وفي هذا المجال، ستخدم المقاتلات في كتيبتين على الحدود الإسرائيلية، وسيقمن بعمليات أمنية دورية، لكن لن يشاركن في العمليات أثناء الحرب. وشارك في التأهيل الأولي 15 مقاتلة تدربن في ثكنة عسكريّة بالقرب من مدينة «إيلات» في الجنوب.
وكان مشروع دمج المقاتلات في سلاح المدرعات قد تعرض لانتقادات عندما عرضه الجيش الإسرائيلي كخطوة محتملة، ولكن يتضح الآن بعدما بدأ سريانه أن هناك جهات في الجيش تعتقد أن لا حاجة حقاً إلى هؤلاء المقاتلات. ولاقى المشروع انتقادات كثيرة في العام الماضي عند إعلانه، ولم يقتصر الانتقاد على الحاخامات، بل شمل ضباطاً سابقين. في كل الأحوال، ومع أن 40% من الجنديات أعربن عن رضاهن للتجند في وظائف قتالية، وفق استطلاع أجراه الجيش، ففي نهاية المطاف تبين أن 10% منهن فقط يعملن في وظائف من هذا النوع.
(الأخبار)