حذّرت الولايات المتحدة حلفاءها من ضرورة التراجع، وضبط النفس عقب اندلاع الحرب في اليمن قبل عامين. لكن جهود واشنطن قوّضت بهدوء من قبل أحد حلفائها، دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من مقتل آلاف الأشخاص في المعارك والضربات الجوية التي ينفذها التحالف العسكري بقيادة السعودية، حثّت الإمارات شركاءها في التحالف على عدم الامتثال لنداءات وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري، الداعية إلى إجراء محادثات سلام وإعلان وقف لإطلاق النار.
حينها، شدّد محمد بن زايد آل نهيان لرئيس الوزراء اليمني على ضرورة أن «أن يكون اليمنيون حازمين».
هذا التطور ألقى الضوء على سعي الإمارات للعب دور مؤثر في الشرق الأوسط، من خلال استخدام القوة العسكرية والدبلوماسية وغيرها من الوسائل السرية. وفي اليمن وغيره من البلدان (ومن ضمنها ليبيا) أدى هذا الدور إلى توتر العلاقات بين أبو ظبي والولايات المتحدة (…) وظهرت التوترات بين الحليفين الشهر الماضي عندما قال مسؤولون في المخابرات الأميركية إن الإمارات اخترقت موقع الحكومة القطرية الإلكتروني، وهي خطوة فاقمت الخلافات بين دول الخليج وأجبرت البيت الأبيض على لعب دور مزعج: دور الوسيط.
(...) ويختصر مسؤول أميركي كبير العلاقة العسكرية بين واشنطن وأبو ظبي بالقول إن «مخاطر خلق قدرة عسكرية مستقلة هي أنك تخلق قدرة عسكرية مستقلة»، مشيراً إلى أن «من الرائع أن نكون شركاء مع الإمارات... لكننا لا نتفق دائماً».
الرمال المتحركة في اليمن؟
في أيّار عام 2015، نجح كيري في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن، إلّا أنه انهار بعد بضعة أيام. واليوم بعد أكثر من عامين، قتل آلاف اليمنيين في غارات التحالف الجوية... في حين يُهدد الجوع والمرض، بما في ذلك وباء الكوليرا، حياة الملايين. أما الحديث عن حل سياسي، فهو شبه غير موجود.
(...) ووفق منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في البيت الأبيض ومساعد الرئيس الأميركي السابق أوباما، روبرت مالي، حذّرت إدارة أوباما حلفاءها في الخليج من أن التدخل خاطئ، لكنها قررت دعم التحالف العربي وذلك لإرضاء هذه الدول الغاضبة من المفاوضات النووية مع إيران. وقال «كنا نخشى من أن هذه الحرب لن تنتهي بسرعة... الحوثيون لديهم قدرات عسكرية أقل، لكنهم مستعدون للقتال وعدم الاستسلام». وبدا المسؤولون الإماراتيون قلقين أيضاً، إذ كتب السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، في رسالة لأحد زملائه تمّ تسريبها، أنه «في حين ركّزت التغطية الإعلامية على الأزمة الإنسانية في اليمن، إلّا أن الإمارات تفقد موقعها الأخلاقي المترفع عن مثل هذه الاعتداءات».
(...) وقد ورطت أبو ظبي واشنطن في مشكلة عقب تقارير تتحدث عن إقامة الإمارات شبكة من السجون السرية في جنوب اليمن. ووفق شهود عيان، توجد قوات أميركية في هذه السجون التي تعرض المعتقلون فيها للتعذيب. ويسأل المسؤول السابق في البنتاغون ريان غودمان، والذي شارك في إعداد تقرير صدر أخيراً خلص إلى أن الولايات المتحدة، بسبب دعمها لعمليات الإمارات في اليمن، هي مسؤولة قانونياً عن الانتهاكات في هذه السجون: «هل هذه هي حقّاً الطريقة المثلى لتحقيق الهدف الطويل الأمد المتمثل في مكافحة القاعدة في الجزيرة العربية أو ضمان الاستقرار في اليمن؟».
(صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية)