القاهرة | لم يتعدَّ اعتماد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بإنشاء «المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف»، قبل يومين، كونه قراراً يضيف مجلساً جديداً بلا آليات وصلاحيات فعلية، بل مجلساً محمّلاً بأعباء الجهات الممثّلة فيه من دون أن يملك استراتيجية واضحة أو توافق بين مكوّناته.
ولا يعكس التمثيل في هذا المجلس (مُشكّل من رئيس الجمهورية، وعضوية كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وشيخ الأزهر، وبابا الإسكندرية، ووزراء الدفاع والأوقاف والشباب والرياضة والتضامن الاجتماعي والخارجية والداخلية والاتصالات والعدل والتربية والتعليم، والتعليم العالي، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ويضم كذلك عدداً من الشخصيات العامة)، توازناً بين الجهات التي يفترض أن تقوم بمكافحة الإرهاب والتطرف، بل هو تمثيل يغلب عليه الطابع الأمني. ويضع المجلس شيخ الأزهر ومستشار السيسي للشؤون الدينية، أسامة الأزهري، في مواجهة على طاولة واحدة.
اختار السيسي في المجلس الذي من المقرر أن ينعقد مرةً كل شهرين، شخصيات مقرّبة منه ومحسوبة عليه بشكل كبير، بينما لم يمنح تشكيل المجلس اهتماماً بالجانب الثقافي والسياسي، إذ اعتمد على الحضور الأمني بجانب التمثيل الثقافي، وهو ما يعكس فكر الدولة وسياستها خلال الفترة الحالية، واللذين يتّسمان بالتوجه الأمني. وجاء اختيار وكيل جهاز أمن الدولة السابق فؤاد علام، المتّهم بالتعذيب، ليعكس الطبيعة الأمنية المسيطرة على المجلس والسياسات المتوقعة منه خلال الفترة المقبلة.
ولم يضمّ المجلس أيّ شخصية قانونية يمكن أن تراجع التشريعات المتعلقة بالإرهاب ومواجهته، باستثناء وجود وزير العدل ممثلاً بصفته، فيما لم يحدد قرار إنشاء المجلس آليات الاجتماع خلال الفترة المقبلة أو آليات العمل في داخله، ما يجعله معطّلاً حتى إشعار آخر.
وبحسب قرار إنشائه، يختص المجلس بـ«إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخلياً وخارجياً، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل ونشر مفاهيم الدين الصحيح في مواجهة الخطاب المتشدد بكافة صوره، ووضع خطط لإتاحة فرص عمل بمناطق التطرف، ودراسة أحكام التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب داخلياً وخارجياً». كذلك يعتزم المجلس «اقتراح تعديل التشريعات القائمة، لمواجهة أوجه القصور في الإجراءات وصولاً إلى العدالة الناجزة، والارتقاء بمنظومة التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والسياسية مع المجتمع الدولي، خصوصاً دول الجوار، والسعي إلى إنشاء كيان إقليمي خاص بين مصر والدول العربية يتولى التنسيق مع الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».
وفيما حظي قرار إنشاء المجلس بترحيب في أوساط البرلمان ومؤيدي السيسي، لا يتوقع منه فعلياً أن يحقق نتائج سريعة على أرض الواقع بسبب التركيبة غير المتجانسة في تشكيله أولاً، وفقدانه أي صلاحيات فعلية في التعامل مع مؤسسات الدولة أو البنية التشريعية الخاصة بها ثانياً، ما يرجّح احتمال أن يكون هذا المجلس جسماً بيروقراطياً ليس إلا.