أبلغت «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» القيادات المصرية في القاهرة، حيث يزورها وفد رفيع من الحركة، بأنه «إذا لم يُزل العدو الإسرائيلي البوابات الإلكترونية من محيط المسجد الأقصى، ويوقف عدوانه تجاه المصلين، فإن عملية عسكرية شبيهة بعملية كسر الصمت (أطلقت خلالها «الجهاد» ما يقارب ١٢٠ صاروخاً خلال ٢٠ دقيقة على مستوطنات غلاف غزة)، قد تنفذ قريباً»، وفق مصادر في الحركة.
وفي الأيام الماضية، رفعت «الجهاد الإسلامي» و«حماس» وبقية الفصائل حالة الاستنفار لدى وحداتهما الصاروخية. وقالت مصادر في «الجهاد» إن «المقاومة أمهلت العدو حتى نهاية الأسبوع لإعادة الوضع إلى ما كان عليه». وكان عدد من قياديي الحركتين قد حذّروا من أن الأوضاع ذاهبة إلى التفجير إذا صعّد العدو مواجهته مع المقدسيين. وقال القيادي في «الجهاد الإسلامي» داوود شهاب، إنه جرى تفعيل غرفة العمليات المشتركة بين «حماس» و«الجهاد» لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي.

أبلغت «الجهاد الإسلامي» القاهرة نية الفصائل شنّ
عمل عسكري

في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن رئيس السلطة محمود عباس، قرر «قطع زيارته الخارجية للصين والعودة إلى رام الله لمتابعة الأوضاع في القدس». وأضاف: «الأحداث الجارية والإجراءات الإسرائيلية في القدس تصعيدية ومرفوضة وغير مقبولة، وإن الوضع يتدهور، ومحاولة الجانب الإسرائيلي تحويل الصراع من سياسي إلى ديني لن تُسهم إطلاقاً في الهدوء... وستؤدي إلى حريق في المنطقة». على المقلب الآخر، يواصل رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، سياسة التحدي، ويراقب مفاعيل خطواته المفروضة في الأقصى على الشارعين الفلسطيني والعربي، وذلك على أن يُبنى على الشيء مقتضاه. وكما هو متوقع، تواصل الجهات الرسمية العربية التطبيعية والسلطة اتصالاتها مع القيادة الإسرائيلية بفعل الإحراج الذي سبّبته لهم إجراءات العدو، وعلى نحو أدق، نتيجة ردود الفعل الشعبية التي يمكن أن تتصاعد في الأيام المقبلة.
فعلى وقع المخاوف من تصاعد الأزمة والتحدي المتبادل، أكدت التقارير الإعلامية الإسرائيلية أنه رغم زيارة نتنياهو الرسمية لهنغاريا، فإنه يواصل متابعة هذه القضية. وفي هذا الإطار، أوردت التقارير نفسها أن رئيس الحكومة الإسرائيلية أجرى مشاورات مع الملك الأردني و«جهات أخرى في العالم العربي»، طالبته بمساعدتها في إعادة الهدوء إلى الحرم القدسي.
على خط موازٍ، ذكرت تقارير إسرائيلية أن نتنياهو أجرى مشاورات مع الأجهزة الأمنية حول الخطوات الواجب اتباعها، وكذلك الموقف النهائي من البوابات الإلكترونية التي يعترض عليها الفلسطينيون. ومن الطبيعي في مثل هذه الحالات أن تتعدد التقديرات والمواقف، الأمر الذي يمنح المستوى السياسي هامشاً واسعاً في المناورة والقرار.
ويبدو أن المخاوف من تصاعد الحراك الشعبي الفلسطيني حضرت في خلفية المشاورات البينية الإسرائيلية، ومع الجهات الرسمية العربية، وهو ما أكده تقرير موقع «واي نت» العبري، الذي لفت إلى أن المحادثات تكثفت في ضوء المخاوف من انفجار الشارع يوم الجمعة المقبل. مع ذلك، تحرص إسرائيل على ألّا تبدو كمن تراجع تحت ضغط الشارع، لأنها ترى في ذلك مؤشر ضعف قد يشجع الفلسطينيين على تكرار ذلك في مناسبات مختلفة، والمفهوم نفسه ينطبق على الجهات الرسمية العربية التطبيعية التي تتخوف من عودة الشارع الفلسطيني إلى صدارة المشهد السياسي. وعلى هذه الخلفية، توقعت، أو تعمدت التسريب، جهات إعلامية أنه يجري اتخاذ قرار بنشر كاشفات المعادن بديلاً من البوابات الإلكترونية.
أيضاً، يمكن التقدير أن الرهان الإسرائيلي يتركز على أن تكون الأطراف الفلسطينية الرسمية والمقاومة وآخرون، معنيين بالبحث عن سلم لاحتواء التصعيد وحلول وسط بين الوضع الذي كان سائداً في السابق، والوضع الذي فرضته قوات الاحتلال. ونقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن هناك خلافات داخل الأجهزة الأمنية بشأن مدى ضرورة نصب هذه البوابات، إذ يصر وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، والشرطة، على ضرورة إبقائها، فيما يعتقد «الشاباك» أنه لا حاجة إليها. في المقابل، ادعى المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة أنه كانت هناك مشاورات أمنية هاتفية، وعرضت أجهزة الأمن مواقفها. ورفض مقولة أن يكون نتنياهو يجري مشاورات لإلغاء البوابات.
في سياق متصل، تحدثت تقارير إسرائيلية عن خلافات داخل أروقة القرار في الحكومة حول الموقف من احتجاز جثامين الشهداء الثلاثة من مدينة أم الفحم من عائلة جبارين. ولفت موقع «يديعوت احرونوت»، إلى أن «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتقد بضرورة تأجيل موعد تسليم الجثامين لذويهم إلى ما بعد صلاة الجمعة المقبلة». وبررت الأجهزة توصيتها بأن تسليم الجثامين سيلهب الشارع يوم الجمعة. في المقابل، رأت الشرطة التي تخضع لإمرة اردان، ضرورة المماطلة بهدف «تأجيل موعد تسليم الجثامين إلى أطول مدة ممكنة».
يذكر أن التباين في تسليم جثامين الشهداء سبق التداول به في الساحتين السياسية والإعلامية في مراحل سابقة، بين من رأى في هذه الخطوة جزءاً من أدوات الضغط على الجمهور الفلسطيني، وآخرين رأوا أنها لا تنطوي على أي جدوى، وقد تؤدي إلى زيادة الحافزية والنقمة لدى الفلسطينيين. وفي خطوة قد تُسهم في تعزيز بعض التقديرات على حساب الرؤى المضادة، ستبدأ خطوات احتجاجية نتيجة رفض الشرطة تحرير الجثامين، وأول هذه التحركات سيكون اليوم (الخميس) أمام مركز الشرطة في أم الفحم. كذلك أصدرت اللجنة الشعبية في المدينة بياناً حذرت فيه من الاستمرار في هذا المسار، وطالبت بتحرير الجثامين فوراً. ويأتي هذا الموقف في مقابل موقف عائلة الجندي الإسرائيلي المفقود في قطاع غزة، هدار غولدن، التي طالبت بمواصلة احتجاز الجثامين، ومنع تسليمها إلا بعد عودة ابنهم.