القاهرة | على الرغم من إجراء محادثات هاتفية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين مرتين في أقل من أسبوعين، لا ملامح في الأفق لاستعادة قوة العلاقات بين البلدين كما كانت عليه قبل سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية تشرين الثاني/ أكتوبر 2015.
ورغم شدة حاجة الاقتصاد المصري إلى السياحة الروسية المتوقفة بشكل كامل منذ سقوط الطائرة، تخطّت الأمور حسابات السياحة وأصبح الأمر أكثر تعقيداً، لا سيما في ما يتعلق بملف إنشاء محطات المفاعل النووي في الضبعة، وهو المشروع المتوقف منذ أكثر من عام.
ورغم الوصول إلى اتفاقات أساسية، بدأ ترتيب زيارة على أساسها لبوتين إلى القاهرة، خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تعقدت الأمور مرة أخرى، وسط تسريبات متبادلة من القاهرة وموسكو عن مواعيد جديدة لتوقيع عقود المشروع النووي الذي سيموّله الجانب الروسي بقرض ميسّر يصل إلى 25 مليار دولار، ستسدده القاهرة مع بدء تشغيل المفاعل عام 2021، كما كان محدداً في الجدول الزمني الذي تم التوافق عليه، وتأجلت الزيارة لأجل غير مسمى.
وبحسب بيان الرئاسة المصرية أمس، فإن بوتين أبلغ السيسي عزم روسيا على استئناف رحلات الطيران المنتظمة بين القاهرة وموسكو «في القريب العاجل»، كما تم خلال الاتصال مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأزمتان السورية والليبية، حيث تم الاتفاق بين الرئيسين على تعزيز العمل للتوصل إلى تسويات سياسية لهما، و«استمرار التشاور والتنسيق المكثف بين البلدين خلال المرحلة المقبلة حول سبل مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع المتغيرة في المنطقة والعالم».

من المتوقع أن تجري مفاوضات بشأن سوريا في القاهرة قريباً بحضور روسي أميركي

ويتضمن الاتفاق المصري الروسي بنوداً أساسية مرتبطة بإنشاء المحطة وعقد الصيانة والتشغيل والوقود النووي، علماً بأن المشكلة الرئيسية في عدم التوافق حتى الآن مرتبطة بشروط التشغيل وطرق التخلص من الوقود النووي، إضافة إلى إمكانية التعاون مع جهات أخرى مستقبلاً. كذلك فإن المشروع الذي تعثر التوقيع عليه بشكل نهائي، كان يفترض أن يبدأ العمل فيه خلال أبريل/ نيسان الماضي.
ويواجه المشروع انتقادات داخلية حول الجدوى الاقتصادية من قيمته وضخامة العبء المالي الذي ستتحمله الأجيال المقبلة في سداد تكلفة القرض بالفوائد المبسطة التي جرى الاتفاق عليها. ويجب الأخذ في الاعتبار أن مشكلة الكهرباء التي تم الترويج على أساسها لإنشاء المحطات النووية تم حلها بشكل كامل من خلال المحطات التي تم تدشينها على مدار العامين الماضيين.
واستبعد نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق، علي عبد النبي، توقيع العقود النهائية للمشروع خلال الأسبوع المقبل، مؤكداً أن هناك بعض البنود الخاصة بالتشغيل والصيانة والتصميم ما زالت محل نقاش، وتحتاج إلى المزيد من التأنّي.
وأضاف أن مرحلة التفاوض والتعاقد على المفاعل النووي المصري هي المرحلة الأساسية التي لا بد من أخذ الحذر فى أدق خطواتها، مشدداً على أن وجود أي خطأ، حتى لو كان بسيطاً، سيتسبّب في صدور العقد مشتملاً على قرارات غير سليمة تتسبب في تأخير مدة الإنشاء، أو تنعكس سلبياتها على الماديات أو الجانب الفني للإنشاء.
وربطت تقارير عدة التوافق على المشروع النووي باستئناف السياحة الروسية إلى مصر، وهو ما لم يصدر ردٌّ مصري حازم تجاهه، وسط مطالبات بالاستغناء عن السائحين الروس وفتح أسواق جديدة، بالرغم من أن دراسات المستثمرين في شرم الشيخ، وجهة الروس الأولى في مصر، تؤكد أن السائحين الروس هم الأقل إنفاقاً مقارنة بالسائحين البريطانيين والألمان، علماً بأن مصر نفذت جميع الاشتراطات الروسية لتأمين مطار شرم الشيخ وحركة السفر والوصول.
وفي سياق آخر، يتوقع أن تجري مفاوضات بشأن الأوضاع في سوريا في القاهرة قريباً بحضور روسي أميركي، إذ تحدثت مصادر في وزارة الخارجية عن ترتيبات لعقد لقاء يشمل وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة وسوريا، مع تولي دونالد ترامب الرئاسة، وهو لقاء يباشر التنسيق له وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ولم يتحدد موعده بعد بشكل نهائي.