■ إلى أين وصلت حركة «الصابرين» بعد عامين من انطلاقها، وهل تجد نفسها مجرد رقم إضافي على الساحة؟
رغم الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها «الصابرين» منذ انطلاقها، فإنها استطاعت أن تقدم الكثير رغم المحاولات لطمس أي إنجاز أو عمل تفعله. نحن على صعيد العمل المقاوم بدأنا بصورة جيدة وعلى عدة مجالات، وكانت لنا مشاركة ممتازة في حرب 2014 وأيضاً بالحضور في الساحة الغزية خلال انتفاضة القدس الثالثة الجارية.

نعمل على تعزيز صمود أبناء شعبنا في الجانب الإغاثي والاجتماعي، ونرى أنه يمكننا أن نمثل إضافة نوعية وذات قيمة، وليس مجرد رقم إضافي في ساحة العمل الوطني الفلسطيني.
لعل أكثر ما برز بشأننا هو المواقف الوطنية والإسلامية التي عكست هويتنا بصورة واضحة وفهمنا العميق لطبيعة الصراع مع العدو وما يحدث في منطقتنا العربية والإسلامية.

■ عادة كانت تفتح التنظيمات الفلسطينية انطلاقتها بعمليات نوعية تعلن فيها عن نفسها وأهدافها، لماذا لم يحدث ذلك معكم؟

ليس بالضرورة أن تعلن أي حركة انطلاقها عبر عمل مقاوم، وهناك تنظيمات لا داعي لذكر اسمها أعلنت انطلاقها من دون أن يلازم ذلك عملية معينة؛ هذا أمر يخضع لظروف كثيرة. ثانياً أعلنا انطلاقة عملنا عندما ارتقى منا شهيد أثناء واجبه الجهادي ضمن معركة الإعداد والتجهيز. في تصوّرنا، إن قيمة ارتقاء شهيد في أي ظرف من الظروف لا تقل عن أي عملية نوعية.

■ الاتهام الأساسي الذي يواجه الصابرين أنها حركة تسعى إلى نشر التشيع، وأن ميثاقها الداخلي الذي نشر على موقعها، ليس إلا تغطية. هل أنتم حركة شيعية مذهبية؟ وهل يحوي جسمكم متشيّعين ويرفض من يُعتبر سنيَّ المذهب؟

قلنا مراراً وتكراراً إننا حركة فلسطينية مقاومة تنطلق في جهادها من فهمها الشمولي للإسلام وشعورها بالمسؤلية الكبيرة تجاه شعبنا وقضيتنا. لسنا حركة مذهبية على الإطلاق، ونرفض مجرد الحديث بلغة المذهبية التي لا تخدم إلا أعداءنا، ونرفض محاولات البعض وضعنا في هذه الدائرة.
مسألة أن جسمنا التنظيمي يحوي داخله عناصر متشيعين ولا يقبل أيّ شخص سنيّ، هذا كلام غير صحيح إطلاقاً، وكل الوقائع والحيثيات على الأرض تؤكد عكس الادعاء. بالمناسبة، نحن منفتحون في استقطابنا على كل أبناء الشعب في حال توافرت الشروط المتفق عليها، وهي لا تخرج عن توافر الاستعداد عند أي شخص للعمل الوطني المقاوم في سبيل الله ومن أجل تحرير فلسطين.

■ توصفون أيضاً بأنكم انشقاق عن «حركة الجهاد الإسلامي»... هل أنتم كذلك، أم تنظيم جديد يضمّ كوادر سابقين من «الجهاد» وغيرها؟

لسنا انشقاقاً عن الجهاد الإسلامي، بل حركة مستقلة تماماً برؤيتها وبمواقفها وبقياداتها وبكوادرها. ننظر إلى «الجهاد» على أنها حركة رائدة في العمل المقاوم في فلسطين، وقدمت خيرة قياداتها ومجاهديها، وهي إلى الآن تتمسك بخيار المقاومة. يوجد دور كبير منوط بحركة الجهاد يتناسب مع حجمها وتاريخها وامتدادها، ونلتقي معها في غالبية المواقف، وربما نختلف أحياناً في بعض القضايا.

■ كمية التقارير المنشورة عنكم دولياً وإسرائيلياً وعربياً ومحلياً كبيرة، وصنعت حولكم هالة صار من الصعب تكذيبها. هل يصلكم عشرة ملايين دولار شهرياً، كما أوردت مجلة أميركية؟ وهل تمثلون البديل الإيراني في غزة؟

الإعلام هوّل كثيراً حول حجم الصابرين ومستوى دعمها ودورها، خاصة أكذوبة الملايين العشرة، وأننا البديل الإيراني في فلسطين من الفصائل الأخرى. هذه أكاذيب ليس لها أي مصداقية، لا في الواقع ولا في الخيال. نحن حركة صغيرة وناشئة، ولسنا بديلاً من أحد ولن نكون، بل نكنّ الاحترام لجميع القوى، ونعتقد بأنها قدمت الكثير من أجل فلسطين، كما في جعبتها الكثير الذي ستقدمه.
ووفق معلوماتنا، ترتبط جميع الفصائل بعلاقات قوية ومتينة بالجمهورية الإسلامية، وكلهم يتلقون الدعم من إيران، لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تدعم فلسطين في الجانب العسكري تحديداً.

■ ما هي ساحات عملكم الأساسية... الإسرائيلي تحدث عن إمساك متعاونين مع «الصابرين» داخل عام 1948، والسلطة أيضاً تحدثت عن خلايا في الضفة؟

نرى أن كل فلسطين من البحر إلى النهر ساحة عمل بالنسبة إلينا، ولا يوجد ولن يكون لنا أي عمل خارجها. نأمل أن يكون لنا حضور في كل ساحات العمل المقاوم داخل فلسطين المحتلة.

■ كيف تصفون علاقتكم بـ«حماس»، وما سبب اعتقالها عدداً من كوادركم، مع أهمية التعريج على عدد المعتقلين ومواقعهم التنظيمية لو أمكن؟

الإخوة في «حماس» إخوة لنا، ونحن وهم وجميع الفصائل والقوى شركاء في تحمّل المسؤولية تجاه هذا الوطن. لن نسمح بأن تخرج العلاقة بيننا وبين «حماس» أو غيرها عن هذا الإطار، مهما اختلفنا في الرأي أو الموقف من أي قضية.
أما عن عدد المعتقلين لنا داخل السجون التابعة لحكومة «حماس»، فلم يعتقل مؤخراً إلا أخ واحد من المنتمين إلينا، وكان ذلك على خلفية آراء نشرها على شبكات التواصل الاجتماعية. هذا الأخ كان لا يزال معتقلاً حتى يوم أمس دون تفاصيل واضحة عن حالته. نأمل ونطالب الإخوة في «حماس» أن تكون معالجة أي قضية لها علاقة بحرية الرأي والتعبير من خلال الحوار والتناصح وليس الاعتقال.

■ ماذا كتبتم عن حلب حتى حدثت الاعتقالات الأخيرة والتحريض ضد شخصكم وحركتكم... وهل أنتم نادمون على ذلك؟

ما كتبناه أننا نرى أن ما حدث في حلب انتصار لمحور المقاومة وهزيمة للولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، وأنه خطوة في طريق تحرير فلسطين. هذا الموقف اختلفنا فيه مع موقف «حماس»، وهو نابع من رؤيتنا الكاملة لطبيعة الصراع الدائر في سوريا والمنطقة وارتباطه بفلسطين.
منذ بداية الأحداث في سوريا، كانت رؤيتنا مبنية على أساس أن ما يحدث هو مؤامرة ضد الشعب السوري الذي وقف إلى جانب فلسطين وشعبها ومقاومتها، وأن الذي يقف خلف هذه المؤامرة واشنطن وتل أبيب بمساعدة بعض الدول العربية والإقليمية، بهدف معاقبة سوريا وتدميرها وكسر ظهر المقاومة في فلسطين ولبنان، ثم الانطلاق إلى تقسيم وتجزئة المنطقة كلها.
إننا نتألم ونبكي لكل قطرة دم تسيل من الشعب السوري، وهذا موقف مبدئي وإنساني ثابت بالنسبة إلينا، لكنه موقف عام ولا يتجزأ؛ ففي أي مكان من هذا العالم يسقط فيه أبرياء وتشن حروب ضد أي شعب يكون لنا موقف؛ الوقوف إلى جانب الأبرياء ونصرة المستضعفين واجب ديني وإنساني.

■ لماذا اقتحم الأمن في غزة بيت عائلتك؟ وماذا قيل للعائلة في ذلك اليوم؟

اقتحام أجهزة الأمن بيت عائلتي كان بسبب تغريدة على «تويتر» حول الموقف من حلب، وما قالوه أثناء الاقتحام أنهم يريدون اعتقالي لهذا السبب. بعدها تواصلنا مع عدة أطراف داخلية من ضمنها إخوة في «حماس» من أجل حل هذه القضية، وقد أبدوا اعتراضهم على الاعتقال على خلفية موقف أو رأي.



لسنا انشقاقاً عن «الجهاد الإسلامي»... والسالمي لم يكن منتمياً إلينا


■ هل دخلت وساطة للحل بينكم وبين «حماس»... من الداخل أو الخارج؟

التواصل مع إخواننا في «حماس» لا ينقطع إطلاقاً، وهناك وساطات من الداخل منذ اللحظة الأولى. نحن حريصون جداً على بقاء خط التواصل بيننا مفتوحاً.

■ ماذا حل بالتحقيقات الأخيرة في محاولات اغتيالك؟ وهل توجد محاولات أخرى لم تعلنوها؟ ومن تتهمون؟

حول التحقيقات المتعلقة بحادث طعني قبل أكثر من سنة وحادث التفجير عند منزل العائلة، حتى الآن لم تخبرنا الأجهزة الأمنية المختصة بأي نتائج. كلنا ثقة بأن الأمن في غزة حريص على تحقيق الاستقرار لكل المواطنين وملاحقة المجرمين الذين يحاولون زعزعته. بشأن محاولات اغتيال أخرى، نعم كانت هناك عدة محاولات خلال الشهور الماضية ولم تُعلَن.

■ كيف تصفون علاقتكم بفصائل العمل الأخرى، خاصة «الجهاد الإسلامي» و«فتح»، وكذلك «الجبهة الشعبية» التي صدرت عنها وعنكم بيانات مشتركة بقصف صاروخي في حرب 2014 الأخيرة؟

علاقتنا بجميع الفصائل أكثر من جيدة، ويوجد تعاون وتنسيق بيننا في مجالات عمل كثيرة. لا نجد أي تحفّظ عند أيّ فصيل على بناء علاقات معنا، وربما يختلف مستوى هذه العلاقات والتعاون من فصيل إلى آخر، وفق ظروف كل منها.

■ كيف تصفون علاقتكم بالأركان الأساسية لمحور المقاومة خارج فلسطين (حزب الله وإيران وسوريا)؟

نرى أننا جزء من محور المقاومة الذي يتبنى قضية فلسطين ويدعم مقاومتها وشعبها ويسعى بكل جهد من أجل تحريرها. نرى أن إيران تقف اليوم على رأس هذا المحور، وهي تدعم كل الفصائل بهدف تحرير فلسطين. نأمل أن يكون بيننا وبين كل أطراف محور المقاومة علاقات قوية.

■ ثارت ضجة كبيرة حول مقتل شاب يدعى مثقال السالمي في غزة على أيدي سلفيين كانوا يعملون في «كتائب القسام»، علماً بأن الأخيرة سارعت إلى رفع الغطاء التنظيمي عنهم... هل لهذا الشاب أي علاقة تنظيمية بكم؟ وإذا كانت إجابتكم لا، لماذا أصدرتم بياناً استنكرتم فيه قتله؟

الشهيد مثقال السالمي لم يكن ينتمي إلى الصابرين، ونحن نبرّئ إخواننا في كتائب القسام من قتله، ونعتقد بأن من قتله كان دافعه فردياً أو جماعياً محدوداً، أو ربما له ارتباط بجماعة أخرى، وهذا لا يمت إلى إخواننا في القسام بأي صلة، لأن منهجهم وسلوكهم كله باتجاه مقاومة العدو.
بشأن البيان، تعاملنا مع حادثة قتل السالمي على أنها قضية رأي عام وتوجب من الجميع الاستنكار، وهذا ما فعلناه، خاصة أن قتله كان تهديداً لأمن المجتمع، وطالبنا الجهات المختصة بملاحقة الجناة، وهو أمر فعلته فصائل ومؤسسات أخرى.

■ بماذا تعِدون الشعب الفلسطيني؟ وهل ستشاركون في أي عملية سياسية؟

عهدنا مع شعبنا الفلسطيني أننا سنبقى في خط المقاومة والجهاد من أجل تحرير فلسطين حتى النهاية. أما مشاركتنا في العملية السياسية، فإننا نؤكد أن أي عملية تكون ضمن إطار أي اتفاقية تعترف بالاحتلال لن نكون جزءاً منها بأي حال. حتى اللحظة ليس لنا تمثيل داخل لجنة القوى الوطنية، لكن يوجد تعاون وتنسيق مع الفصائل. وبشأن الاعتراف من الحكومة في غزة بنا، مع كامل احترامنا، نعتقد أن أي حركة أو تنظيم يكون عمله ضمن إطار مقاومة العدو، فهو يستمد شرعيته من عمله المقاوم، التي هي أقوى من أي شرعية أخرى.





يعتبر هشام سالم مطلوباً للعدو الإسرائيلي الذي حاول اغتياله عدة مرات، منذ نحو 20 عاماً، إذ برز اسمه في المقاومة بعدما حاولت قوات العدو اعتقاله مطلع الانتفاضة الثانية، لكنه استطاع الخروج قبل وصول العدو الذي قرر هدم منزل العائلة، ما أدى إلى استشهاد والده، وكان قد تعرض للاعتقال على يد إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأمن غزة مراراً