القاهرة | عبّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن استيائه من قوانين الإجراءات الجنائية التي تحكم عمل القضاء المصري لتأخرها في إصدار أحكام نهائية واجبة النفاذ تجاه المتهمين بممارسة «أعمال إرهابية»، قائلا إنه لا بد من القانون الناجز للتعامل معهم. وأضاف: «مش هينفع نمشي كده... لن يستطيع أحد أن يقف في وجه القانون». تصريحات السيسي جاءت خلال جنازة النائب العام الراحل هشام بركات، يوم أمس، الذي اغتيل بسيارة مفخخة قبل يومين، وأكد خلالها الرئيس إجراء «تعديلات قانونية شاملة» في غضون أيام.
وحمل السيسي جماعة «الإخوان المسلمين» وأنصارها مسؤولية الاغتيال، قائلاً إن «القيادات تصدر أوامر القتل وهي موجودة في القفص (السجن)»، مضيفاً: «لن يبقى المصريون خمس أو عشر سنوات بانتظار انتهاء محاكمتهم»، كما قال إن مصر تحترم القانون، لكن «لا بد من تعديله».
انفجرت سيارة
مفخخة أمس في 6 أكتوبر غرب القاهرة

وتابع السيسي: «يد الدولة المصرية ليست مرتبكة أو مهزوزة برغم حالة الحزن والغضب... يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، وهو ما يتطلب الإسراع في تعديل قوانين الإجراءات الجنائية التي تتناسب مع الإرهاب الذي نعيشه». وأكمل: «لا نتدخل في شؤون القضاة ونترك الأمر كله للعدالة... نطالبهم بتطبيق العدالة النافذة». وبلهجة شديدة وجه حديثه إلى القضاة: «احنا بنفذ قانون، هتصدر حكم بالإعدام هيتنفذ، هتصدر حكم بالمؤبد هيتنفذ، القانون والقضاء هما ما نرغب فيه وجاهزين للتنفيذ».
تصريحات مشحونة تزيد تعقد المشهد بين النظام المصري و«الإخوان» خلال المرحلة المقبلة، وهو ما ينذر بتوسع النظام في تطبيق عقوبة الإعدام على أنصار الجماعة المحبوسين على ذمة قضايا عنف، وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام، خاصة مع غياب الرؤية بشأن التعديلات القانونية المتوقعة على قانون الإجراءات الجنائية الذي سيشمل تغييرات جذرية خلال الأيام المقبلة، وسط ترحيب شعبي ودعم سياسي من أجل القصاص للنائب العام. وقد يزداد هذا التأييد في ظل تواصل التفجيرات، إذ قتل أمس ثلاثة أشخاص وأصيب 6 آخرون في انفجار سيارة مفخخة، في مدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة) أمام مركز شرطة قسم ثان 6 أكتوبر، قيل إن من بينهم منفذي الهجوم. كذلك وقع انفجار آخر في بني سويف (جنوب القاهرة) أمام مركز شرطة سمسطا.
ويملك الرئيس وفقاً للقانون وقف تطبيق عقوبة الإعدام عن المتهمين بعد صدور أحكام نهائية أو إرجاء تنفيذها إلى أجل غير مسمى، وهي السلطة التي تستخدم في أحيان كثيرة لوقف تنفيذ العقوبة. لكن، وفق مصادر رئاسية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن السيسي كلف الحكومة سرعة رفع التعديلات القانونية للعرض عليه الأسبوع المقبل، وذلك لإقرار تعديلها بموجب سلطة التشريع التي يمتلكها بسبب غياب البرلمان، على أن تحظى بموافقة وزير العدل وجموع القضاة قبل إقرارها. في هذا الإطار، عقد رئيس الوزراء إبراهيم محلب، اجتماعاً مطولاً ظهر أمس مع وزير العدل المستشار أحمد الزند لمناقشة قانون مكافحة الإرهاب الذي سيعرض على مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي اليوم، بالإضافة إلى التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية التي تشمل تقليص درجات التقاضي وعدم إلزام المحكمة الاستماع إلى جميع الشهود الذين يطلبهم الدفاع، فضلاً عن تحديد أمد للتحقيقات. ولكن لم يتضح هل سيشمل ذلك القضايا المنظورة بالفعل أمام المحاكم خلال المدة الحالية، ومن بينها قضايا رموز نظام «الإخوان» أم القضايا السابقة، مع العلم بأن قاعدة قانونية راسخة في القانون المصري تقول إن القانون لا يطبق بأثر رجعي.
ومن شأن إلغاء إلزام القضاة الاستماع إلى الشهود بعد إدلائهم بأقوالهم في النيابة تقليص عدد الجلسات التي يجري فيها تداول القضايا، بينما سيؤدي تقليص درجات التقاضي ليكون أمام دائرة الجنايات أول مرة ومحكمة النقض في المرة الثانية والأخيرة إلى اختصار أكثر من عام.
وعلم أيضاً أن وزير العدل قرر إلغاء الإجازة القضائية التي كان يفترض أن تبدأ اليوم لمدة ثلاثة أشهر لقضاة دوائر الإرهاب، وذلك لسرعة الفصل في القضايا، وسط مخاوف حقيقية من التوسع بإصدار عقوبة الإعدام بحق المتهمين خلال المدة المقبلة.
رئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، محمد فائق، قال لـ«الأخبار» إن تعديل قانون الإجراءات الجنائية أمر ضروري ومطلوب منذ مدة، مضيفاً: «سبق أن خاطب المجلس الحكومة من أجل تعديله ليتناسب مع الظروف الحالية ومواجهة الإرهاب». وأكد فائق أنّ «من السابق لأوانه الحديث عن مزايا التعديلات وعيوبها، دون صدورها رسمياً أو عرض تصور مبدئي»، مضيفاً: «رفض تطبيق عقوبة الإعدام والمطالبة بإلغائها لا يمكن اعتباره دعماً لجماعة الإخوان التي تمارس العنف والإرهاب، ولكن سبب الاعتراض أنها عقوبة قاسية ولا يمكن تدارك الخطأ فيها، لذلك إن السجن مدى الحياة هو البديل».