بعد عدد كبير من اللقاءات الثنائية التي جمعت الوفود المشاركة في جولة محادثات أستانا الجارية، خرجت تسريبات عن عدة مصادر داخل الوفود، تكشف عن خلافات حول بعض التفاصيل المرتبطة بمنطقتين من بين «مناطق تخفيف التصعيد» الأربع المقرّة مسبقاً.
الخلافات تركزت حول المنطقتين المحاذيتين للحدود؛ التركية من الشمال والأردنية من الجنوب، وتضمّنت جدلاً حول حدودها من جهة، وطبيعة القوات المسؤولة عن أمنها ومراقبة نظام وقف إطلاق النار فيها، من جهة أخرى. وبينما يسيطر الهدوء على معظم المنطقة الشمالية التي تضمّ مناطق في إدلب وحلب، فإن استمرار القصف المتبادل بعد خروق الفصائل المسلحة في درعا، ورفض تلك الفصائل المشاركة في أستانا، يتّسقان بدورهما مع الخلافات على طاولة التفاوض.
ويبدو لافتاً في نتائج اليوم الأول التوافق على تفاصيل المنطقتين الباقيتين، في غوطة دمشق وريف حمص الشمالي، بالتوازي مع تسريبات نقلتها وكالة «نوفوستي» الروسية حول «توافق أوّلي» على توزيع قوات الدول الضامنة التي ستكون مسؤولة عن أمن تلك المناطق ومراقبتها، حيث من المخطط أن تتولى قوات روسية ــ تركية المناطق في الشمال السوري، وقوات روسية ــ إيرانية في الوسط، بينما تنتشر قوات روسية في الجنوب.

تشير المصادر إلى
أنّ الجنوب السوري سيخلو من أي قوات غير روسية

غير أن رئيس الوفد الروسي الكسندر لافرنتييف أشار إلى أن «هناك صعوبات لا تتعلق فقط بموضوع رسم حدود مناطق خفض التصعيد، بل تتعلق أيضاً بالقوات التي ستأخذ مكانها هناك»، موضحاً أن هناك «مصاعب تتعلق بحالة هذه القوات، والصلاحيات التي ستُمنح لها». ولفت إلى أنه «ليس من الواضح تموضع قوات روسية في المنطقة الجنوبية»، مضيفاً القول: «عادة روسيا تنشر قوات شرطة عسكرية في المناطق الآمنة والعازلة، وهو ما يتوقع، ولكن لم يحصل توافق بعد، وهو موضوع يتعلق بحالة مناطق خفض التوتر». وتعليقاً على موعد نشر القوات في حال حصول اتفاق، قال إن «الخطوات الفعلية ستأتي عقب توقيع الاتفاق بأسبوعين ثلاثة، والوثائق المتعلقة بمراكز التنسيق بين الدول الضامنة ستوقّع غداً».
ويُبرز هذا التوزيع الأوّلي للقوات في حال تم اعتماده، نقطتين لافتتين، تتمثل الأولى في استثناء وجود أيّ قوات لبلدان خارج قوس «الدول الضامنة» على خلاف ما أثير من أنباء قبل انطلاق المحادثات. أما الثانية فهي غياب الحضور الأردني والأميركي ــ رغم نفوذهما الواسع على فصائل الجنوب ــ عن المشاركة في أيّ قوات في المنطقة الجنوبية بمشاركة روسيا. وتتقاطع النقطة الأخيرة مع ما قيل سابقاً من احتمال رفض دمشق لهذا الوجود العسكري، ومع ما أشيع عن مفاوضات تطرقت إلى قبول تحييد الأميركيين والأردنيين مقابل استثناء المشاركة الإيرانية في المقابل، في الجنوب. ويمكن قراءة المعادلة الأخيرة مع مراعاة تصريحات سابقة لحلفاء واشنطن، الأردن وإسرائيل، ركّزت على هدف واحد هو إبعاد النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، في موازاة حديث لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال استقبال نظيره الأميركي ريكس تيلرسون في موسكو، عن وجود مصلحة لـ«الشركاء» الأميركيين في دعم مشروع «مناطق تخفيف التوتر»، مخصّصاً أن لها «مصلحة كبرى في منطقة التهدئة الجنوبية الواقعة إلى جانب (حلفائها) الأردن وإسرائيل... وهي أبدت اهتمامها بتلك المنطقة تحديداً».
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة «نوفوستي»، عن مصادر داخل الوفد الروسي إلى أستانا، أن مراقبة نظام وقف إطلاق النار على حدود تلك المناطق سوف تتم عبر مركزين رئيسين؛ الأول هو المركز الروسي ــ التركي الذي بدأ عمله منذ توقيع الاتفاق الأول لمناطق «تخفيف التصعيد»، والثاني «روسي ــ أردني ــ أميركي» مقرّه في عمّان. ووفق المصادر، فإن مهمة المركزين تتمثل في «تسجيل الانتهاكات والمعطيات حول إعادة تمركز القوات (السورية من الطرفين) والذي سوف يتم بإشراف الطرفين الروسي والتركي».
وبينما وصف الوفد الروسي أجواء جولة المحادثات بأنها إيجابية، نقلت مصادر أن مقترحات خرجت لتحييد المناطق التابعة لمحافظتي القنيطرة والسويداء عن المنطقة الجنوبية. وفيما لم يخرج أي تصريح رسمي يؤكد أو ينفي تلك المعلومات، فقد نقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر مطلعة قولها إن الجانب الروسي يعمل على تحييد كامل المنطقة الجنوبية عن وثائق اتفاقات الجولة الحالية، على أن تدخل ضمن نقاش مع الجانب الأميركي والأردني في هذا الخصوص. غير أنها أشارت إلى أن الموضوع «لا يزال في إطار المفاوضات» بين الدول الضامنة.
وعلى صعيد مواز، ناقشت الاجتماعات الثنائية عدة قضايا مدرجة على جدول اجتماعات الجولة الحالية، وبينها إنشاء «لجنة مصالحة وطنية» مشتركة بين الحكومة والمعارضة، إلى جانب بحث ملف المعتقلين والمختفين قسراً، وإزالة الألغام، وإنشاء آلية تنسيقية بين الدول الضامنة. ومن المقرر أن تستكمل اليوم الاجتماعات الثنائية قبيل عقد جلسة رئيسية للمحادثات، قد يتم فيها الإعلان عن توقيع الدول الضامنة للوثائق التي قد يتم التوافق عليها، بحضور وفود الأمم المتحدة والأردن والولايات المتحدة الأميركية، بصفة مراقبين.




أنقرة: سنهاجم عفرين «إذا دعت الضرورة»


واصل الجيش التركي استهدافه لعدد من المناطق في ريف حلب الشمالي تخضع لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية». وقالت مصادر محليّة لـ«الأخبار» إن قصفاً مدفعياً مكثفاً قد استهدف منذ مساء الإثنين قرى وبلدات عدة أبرزها: جلبر، قسطل جندو، كفر أنطون، تل جيجان، وأم حوش.
ووفقاً للمصادر، فقد خلّف القصف عشرات الجرحى من المدنيين، بعضهم في حالة حرجة، فيما سقط ثلاثة شهداء من عائلة واحدة، هي عائلة اليوسف في قرية كفر أنطون (غرب منغ).
ويأتي التصعيد التركي عشية تصريحات لافتة أدلى بها وزير الدفاع التركي فكري إشيق، وأكد فيها أن بلاده «لن تترد، في حال الضرورة، في شنّ عملية عسكرية جديدة» في منطقة عفرين.
(الأخبار)