القاهرة | عند الساعة التاسعة من صباح أمس، أعلنت الحكومة المصرية تحريك أسعار الوقود بنسب متفاوتة تتراوح بين أقل من 6% وحتى 100%، فيما غابت العدالة الاجتماعية في الزيادات التي استهدفت بالأساس الأسر والطبقات الأقل دخلاً، وذلك قبل أيام من بدء تطبيق الزيادات الجديدة التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي لبطاقات التموين مع بداية شهر تموز/ يوليو.
وزادت الحكومة من أسعار أسطوانات الغاز للمنازل والمحال بنسبة 100% وهي الأسطوانات التي ستتسبب في زيادة أسعار الأطعمة الجاهزة وتزيد من أعباء الأسر الفقيرة التي تستخدم في المناطق المحرومة من توصيل الغاز الطيبعي، علماً بأن بنزين 95 الذي يستخدم من الطبقات الأكثر ثراءً تم تحريك سعره بنسبة 5.6% فقط، في مقابل 43% لبنزين 92 الذي تستخدمه السيارات الملاكي (الخاصة) لغالبية أبناء الطبقة المتوسطة. كما ارتفع سعر بنزين 80 والسولار بنسب أكثر من 50% ليتحملوا العبء الأكبر في الزيادة التي ستزيد من تكلفة النقل وترفع الأسعار بنفس نسب الزيادة على الأقل.
زيادة الوقود تأتي قبل يوم واحد من زيادة قيمة ضريبة القيمة المضافة التي تطبق على غالبية السلع، لتصبح 14% بدلاً من 13%، بالإضافة إلى زيادات جرى تطبيقها فعلياً في المواصلات العامة ودراسة رفع أسعار المواصلات الحكومية، باستثناء القطارات، والمترو الذي زادت تذكرته أخيراً إلى الضعف. في مقابل ذلك، سيطرت حالة من الغضب والارتباك على الشارع المصري الذي استقبل الزيادات بتصعيد الانتقادات الموجهة للسيسي وحكومته، ولا سيما مع انتهاء مهلة الأشهر الستة أمس التي وعد فيها الرئيس المصريين بأن «يتحقق الاستقرار الاقتصادي خلالها».
وتعتزم الحكومة أيضاً تحريك أسعار أوتوبيسات النقل العام من الأسبوع المقبل، بينما فرضت الأجهزة الأمنية طوقاً على مواقف سيارات الأجرة لفض الاشتباكات بين الركاب وسائقي السيارات حول تعريفات الركوب الجديدة، في وقت أكدت فيه الحكومة الإعلان عن تعريفات جديدة لأوتوبيسات النقل العام والتي لم يتم تحريك أسعارها مع زيادة أسعار الوقود في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
زيادات الوقود التي تمت من دون موافقة البرلمان ووسط نفي رسمي بوجود زيادات بالأسعار ووصفها بالشائعات حتى قبل يوم واحد من تطبيقها عقب اجتماع مجلس الوزراء صباح الأربعاء، تمثل خطوة ضمن مجموعة زيادات سيتم الإعلان عنها خلال الشهر المقبل، تشمل أسعار الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى زيادة الضرائب المفروضة على السجائر لتزيد أسعارها مجدداً، علماً بأن الزيادات سيتم الإعلان عنها تباعاً، على أن يتم تطبيقها اعتباراً من فواتير الشهر المقبل التي يتم تحصيلها أول آب/ أغسطس.
وتواجه الحكومة انتقادات واسعة من القوى السياسية التي تتهمها بالفشل في إدارة الملفات الداخلية، علماً بأن رئيس الوزراء أعلن أن القرار اتخذته الحكومة بموجب موافقة مجلس النواب على خطة رفع الدعم التدريجي المدرجة في أجندة عمل الحكومة، مؤكداً أن تحريك أسعار الوقود سيوفر لخزانة الدولة 35 مليار جنيه سيتم استخدامها في دعم السلع التموينية.
والتزم السيسي الصمت الكامل وسط توجيهات من جهات سيادية بعرض تقارير عن مقارنة الأوضاع الاقتصادية المصرية مع دول مرت بالمشكلات نفسها ومقارنة أسعار الحصول على الوقود في مصر مع هذه الدول، للتأكيد على أن مصر لا تزال من أرخص الدول التي يتم فيها الحصول على الوقود. وتتحدث هذه التقارير باستفاضة عن تحميل الأنظمة السابقة مسؤولية القرارات الأخيرة نظراً إلى عدم اتخاذ هذه القرارات في الوقت المناسب، علماً بأن اللجان الإلكترونية المدعومة من الرئاسة دافعت عن القرارات وردت بشكل جزئي على الانتقادات التي تعرض لها، وخصوصاً الإساءات عبر موقع «تويتر».
إلى ذلك، أعلنت الحكومة التزامها بالحفاظ على سعر رغيف الخبز المدعم مع تحمل فارق زيادة أسعار المحروقات، فيما تشير التوقعات إلى تسبب ارتفاع أسعار الوقود في رفع التضخم بنسبة أكبر من 35% على الأقل وتقليل عجز الموازنة بنسبة 1% بحسب بيانات وزارة المالية، علماً بأن الحكومة تنتظر وصول الشريحة الثانية من قرض الـ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الشهر المقبل بعد تحريك أسعار الوقود.