القاهرة ــ الأخبارأصدر رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية، عبد الوهاب عبد الرازق، أمراً وقتياً بوقف تنفيذ جميع الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة في قضية تيران وصنافير، بناءً على طلب الحكومة، في خطوة تعلّق القضية لسنوات داخل أروقة أعلى جهة قضائية مصرية، وتُلغي ضمناً أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا الصادرة في هذا الشأن.

وبرغم أن المحكمة تنظر بالقضية من الشق القانوني وليس من ناحية وضعية الجزيرتين وقراءة المستندات المقدمة في كل قضية، إلا أن توقيت صدور القرار يوم أمس، الذي جاء بعد ساعات من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بانتهاء الملف واستعداده للتصديق على الاتفاقية في صيغتها النهائية يطرح العديد من التساؤلات.
ورجح تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين (الإدارية والأمور المستعجلة)، لأنهما خالفا قواعد الاختصاص الولائي، بأن قضى أولهما باختصاص القضاء الإداري بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، لكونه ممنوعاً من ذلك بحسبان التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء، فيما قضى الثاني، في منازعة تنفيذ موضوعية، بعدم الاعتداد بحكم صادر من جهة القضاء الإداري، وهو الأمر المحظور عليه دستورياً بنص المادة 190 من الدستور.
وسيكون ترجيح التقرير بعدم الاعتداد بالحكمين الأقرب لقرار المحكمة، علماً بأن المادة التي استند إليها رئيس المحكمة في قراره تستخدم لقتل القضايا وعدم الفصل فيها، وهو ما حدث في قضية الزواج الثاني للأقباط التي صدر فيها القرار عام 2010 ولم يجرِ الفصل بالقضية التي تثير جدلاً وحساسية لدى الكنيسة المصرية.
وبهذا القرار لا يبقى من الناحية العملية سوى مسار قضائي وحيد بعد تصديق السيسي على الاتفاقية رسمياً ونشرها في الجريدة الرسمية، حيث يرفع المحامون دعوى قضائية جديدة أمام المحكمة يطالبون فيها بالطعن على الاتفاقية، باعتبار أن المحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة التي يحق لها النظر في الاتفاقيات بعد التصديق عليها، فيما لا يلزم القانون المحكمة بالفصل بالدعوى خلال فترة زمنية محددة، كذلك إن قبول المحكمة الاتفاقية أو رفضها في هذه الحالة لن يكون له أثر على أرض الواقع لاستعداد مصر والسعودية لإرسال الاتفاقية إلى الأمم المتحدة.
وخلال الجلسة الأولى للبرلمان بعد التصديق على الاتفاقية الأسبوع الماضي، حرص رئيس البرلمان، علي عبد العال، خلال حديثه على الإشارة إلى قرار المحكمة الدستورية، مشيراً إلى أن المحكمة استندت في قرارها إلى مظنة الإفتئات على اختصاص سلطتي الموافقة مجلس النواب والتصديق لرئيس الجمهورية، وهما السلطتان اللتان مُنحَتا سلطة مراقبة الاتفاقيات الدولية وتقويم أعمالها وإبرامها.
وأكد أن المجلس خاضع لأحكام الدستور والمنوط به التأكد من ذلك هو المحكمة الدستورية العليا، فيما علق ممثل الحكومة وزير شؤون مجلس النواب عمر مروان، على القرار بالتأكيد أن المحكمة أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح، وأكدت الحدود الفاصلة بين سلطات الدولة الثلاث، واختصاص كل سلطة.
أما تكتل «25-30» الذي خاطب السيسي لرفض التصديق على الاتفاقية، فقد غاب نوابه عن جلسة البرلمان أمس، في خطوة فسرها بعضهم بأنها تأتي احتجاجاً على إحالة زميلهم أحمد طنطاوي على لجنة القيم وسط تأكيدات من غالبية نواب الائتلاف بتقديمهم الاستقالة فور إقرار السيسي الاتفاقية.