«إن تسريب معلومات تمسّ ضباط الجيش من داخل الكابينت نفسه، بات ظاهرة مدمرة وخطيرة للأمن القومي. إنني أطالب مرّة أخرى بإخضاع الحاضرين في هذه الجلسات لفحص البوليغراف». هكذا نشر وزير أمن العدو أفيغدور ليبرمان، «غسيل» المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، عبر تغريدة له على صفحته في موقع «توتير».
لكن تغريدة الوزير لم تبقَ طويلاً في الحيّز الافتراضي، إذ سارع أمس، من خلال كتلة «إسرائيل بيتنا»، التي يرأسها روبرت إيلطوف، إلى تقديم مشروع اقتراح قانون إلى الكنيست، يجبر أعضاء «الكابينت» على الخضوع سنوياً لجهاز كشف الكذب (البوليغراف).
وبحسب ما كشفته صحيفة «معاريف» أمس، فإن «السبب الرئيسي لاقتراح مشروع القانون هو أن أعضاء في المجلس الوزاري المصغر، سرّبوا معلومات سرّية للغاية أثناء الحرب الأخيرة على قطاع غزة»، إضافة إلى تسريب معلومات سرّية أخرى لوسائل الإعلام، كانت قد نوقشت في اجتماعات «الكابينت».
أمّا صحيفة «يديعوت أحرونوت» فلفتت إلى أنه بموجب القانون المقترح «سيخضع جميع أعضاء الكابينت لجهاز كشف الكذب مرة في السنة، وذلك بهدف اختبار ردود أفعالهم وإجاباتهم، وبالتالي استخراج معلومات منهم بناءً على المؤشرات النفسية والبيولوجية والفيزيائية، التي يظهرها الفحص».
وفي هذا الإطار، شرحت كتلة «إسرائيل بيتنا» أن مشروع القانون المقدم «معدّ لمكافحة ظاهرة التسريبات، والتجسس، وكشف أسرار الدولة، التي من شأنها المسّ بالأمن القومي لدولة إسرائيل». وأضافت أن «أعضاء المجلس الوزاري مسؤولون عن أمن المعلومات السريّة المبوبة التي قد تشكل خطراً على الجيش وأمن الدولة، في حال تسريبها أو كشفها لجهات من خارج المجلس». ورأت الكتلة أن الهدف من اجتماعات المجلس الوزاري المصغر هو «مساندة الحكومة في تقريب السياسات ووجهات النظر، من أجل تطبيقها في مسائل مرتبطة بالعلاقات الدولية، وأمن الدولة».
وبرغم أن وزير الأمن هو الذي بادر إلى تقديم الاقتراح في الكنيست، لكنه لم يكن «عرّابه» الأول. إذ بعث حزب «البيت اليهودي» ممثلاً بوزير التربية، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء إيليت شاكيد، برسائل عديدة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طالبوا من خلالها بإجراء فحص الكذب لأعضاء «الكابينت».
من جهته، رأى إيلطوف أن «اقتراح القانون يأتي في ضوء تسريب معلومات من قبل أعضاء في المجلس الوزاري المصغر، ولذلك فهو يهدف إلى لجم هذه الظاهرة الخطيرة، التي تعرض أمن مواطني دولة إسرائيل للخطر». واعتبر أن «المناقشات التي تدور في أروقة الكابينت لا يمكن استغلالها بغية توظيفها سياسياً». وأضاف: «(أنا) كرئيس للجنة الخارجية والأمن، عرفت أموراً خطيرة تقشعر لها الأبدان... يجب أن نضع حداً لذلك»، في إشارة إلى الاتهام الذي وُجّه سابقاً إلى وزير التعليم بينيت، حول تسريب معلومات سريّة من اجتماعات «الكابينت».

هدف القانون لجم ظاهرة التسريبات «التي تعرض أمن إسرائيل للخطر»

إذ اتهم بينيت بأنه سرّب معلومات تتعلق بأنفاق المقاومة في غزة، وعن الكيفية التي بواسطتها تنوي إسرائيل مواجهتها. وفي حينه أدعى أنه «هو من اكتشف هذا الخطر»، مستغلاً الموضوع في دعايته الانتخابية.
وبالعودة إلى تغريدة لبيرمان، أوضحت الصحيفة أنها «كُتبت بعدما سرّب أعضاء في المجلس المصغر، معلومات حول موضوع تقليص إمداد قطاع غزة بالتيار الكهربائي». كذلك لفتت إلى أن هذه ليست المرّة الأولى التي يطلب فيها لبيرمان إخضاع مسؤولين إسرائيليين للبوليغراف. إذ إنه عندما ترأس سابقاً لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، طالب بإخضاع أعضاء اللجنة الفرعية للخدمات السرية، للبوليغراف، وذلك في أعقاب تسريبهم لمعلومات تتصل بقضية بن زيغيير، الذي عُرف حينها بـ«السجين إكس».
وكان أعضاء اللجنة المذكورة في ذلك الوقت، هم النائب عفار شلاح من حزب «يش عتيد»، ووزير الداخلية الحالي، أرييه درعي، من حزب «شاس»، والنائبين بنيامين بن إيليعيزر، وتساحي هنغبي. لكن في نهاية المطاف لم يخضع النوّاب المذكورين للفحص. إذ منع المستشار الحكومي إجراء البوليغراف بدعوى أنه لا يمكن أجراء الاختبار من دون موافقة شخصية للمتهم بالتسريب. والسبب هو الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها النواب.
وكان قد سبق لبيرمان في تصريحاته تلك، وزير الأمن السابق موشيه يعالون، الذي انتقد بشدّة أعضاء «الكابينت». ووصف المجلس الوزاري في فترته بأنه «الأكثر صبيانية ورعونة... لم أعهد منذ مشاركتي في جلسات كهذه منذ عام 1996، أموراً كالتي تحدث هنا».