القاهرة | يمكن قراءة القانون رقم 28 لسنة 2015 الصادر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، بإنشاء «اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج» على أنه محاولة لتحديد جهة مسؤولة عن استرداد أموال رموز نظام حسني مبارك الموجودة في الخارج والمجمدة منذ كانون الأول 2012 حتى الآن، ومن دون أن تسترد منها القاهرة أي مبالغ، وذلك لوجود أخطاء وتباطؤ من الجهات المسؤولة سابقاً عن هذا الأمر، وسط تقديرات غير رسمية بأن هذه الأموال تتجاوز 20 مليار دولار، أغلبها تم إيداعه في البنوك السويسرية في حسابات سرية. وتعول الحكومة المصرية على استرداد خمسة مليارات على الأقل من الاموال المهربة لضمها إلى موازنة العام الجاري التي لا تتضمن وعوداً بأي منح خليجية في العام المالي الجديد، الذي يبدأ الأربعاء المقبل، وفي ظل رفض شعبي لفكرة الاقتراض من صندوق النقد الدولي التي تنفيها الحكومة قطعاً حتى الآن.
وألغى السيسي، بتأسيسه «اللجنة القومية»، صلاحيات «لجنة استرداد الأموال المهربة» التي أسّسها المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية الأولى بعد إطاحة مبارك، علماً بأن اللجنة الأخيرة قد أنفقت ما يزيد على 20 مليون دولار ــ طبقاً لإحصاءات غير رسمية ــ على عملها، من دون أن تنجح في استرداد الأموال.
يترافق القانون الجديد مع غياب المنح الخليجية عن موازنة العام

وبقراءة تفاصيل القانون، يمكن التوقف عند المادة السادسة التي تنزع حق التصالح مع المتهمين من جهاز الكسب غير المشروع إلى اللجنة، إذ نص القانون على «منح اللجنة وحدها دون غيرها اختصاص تلقي طلبات الصلح المقدمة من المتهمين المدرجين على قوائم التجميد في الخارج أو وكلائهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية، ويترتب على قبول طلب التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها»، وهو ما يعني إمكان موافقة اللجنة بصورة قانونية على التسوية المقدمة من رجل الأعمال حسين سالم، التي عرض فيها دفع أكثر من أربعة مليارات دولار ــ قدّرت بنصف ثروته ــ للحكومة، مقابل وقف ملاحقته قضائياً. ويعتبر منح القانون حق انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة، بالنسبة إلى المحكوم عليهم، تطوراً كبيراً في إمكان عفو السيسي عن رجال مبارك المدانين بالفساد المالي، ولكنها خطوة تمهّد لعودة الكثير منهم إلى مصر مرة أخرى، ومن بينهم وزير التجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، ووزير الاستثمار الأسبق محمود محيي الدين الذي يعمل حالياً في البنك الدولي، وغيرهم من الذين صدرت بحقهم قرارات بالضبط والإحضار وأدينوا لارتكاب مخالفات مالية.
ويترأس اللجنة الجديدة النائب العام هشام بركات، إضافة إلى عضوية رئيس جهاز الكسب غير المشروع (نائباً لرئيس اللجنة)، ومساعد وزير العدل لقطاع التعاون الدولي، ورئيس مجلس أمناء وحدة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وأحد نواب رئيس هيئة قضايا الدولة. كذلك ضمّت اللجنة ممثلين عن البنك المركزي المصري ووزارتي الخارجية والمالية وجهاز المخابرات العامة ومدير إدارة «الإنتربول»، وآخرين.
وحدد القانون تعريف الأصول المصرية في الخارج بأنها «جميع الأموال العينية والمادية والحقوق والامتيازات والموجودات أياً كان نوعها خارج البلاد، إذا كانت متحصلة من أي فعل معاقب عليه بموجب قانون العقوبات أو النصوص العقابية القانونية الأخرى».
في سياق آخر، وافقت «اللجنة العليا للانتخابات على مشروعات القوانين الخاصة بالانتخابات البرلمانية»، التي يتوقع أن تجري مناقشتها في اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، وذلك بعد تأجيلها أسبوعاً انتظاراً لموافقة لجنة الانتخابات، على أن يرفع بعضها إلى الرئيس من أجل إقراره وبدء لجنة الانتخابات ممارسة عملها بعد إعادة تشكيلها مطلع الشهر المقبل. يأتي ذلك بالترافق مع الحركة القضائية السنوية التي ستخرج ستة أعضاء من «لجنة الانتخابات» إلى المعاش ثم سيدخل مكانهم من يخلفهم في المناصب القضائية وفقاً للأقدمية.