القاهرة | يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أوغندا، غداً، رؤساء دول حوض النيل، في اجتماع القمة الأول مُنذ بداية الأزمة القانونية والنزاع على إدارة المياه في حوض النهر في 2010 عندما وقعت دول منابع النيل منفردة على «اتفاق عينتيبي» الذي لا يعترف بالحقوق التاريخية لمصر في المياه.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية وفنية، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن القاهرة «ستوجه هذه المرة» دول منابع النيل نحو حلول «خارج دائرة الخلاف المتعارف عليها منذ 2010»، إضافة إلى أنها «سوف تتخطى الجدل حول اتفاق عينتيبي»، لأنه أصبح «من غير الواقعي» إعادة الحديث حوله بعد سبع سنوات من التوقيع المنفرد لدول المنابع «وثبات مبدأ العناد» في عقيدة تلك الدول.
وتُقدِّم مصر خلال القمة وثيقة قانونية جديدة، يسعى الرئيس السيسي إلى إقناع نظرائه بالتوقيع عليها، وهي الطريقة التي ترى القاهرة أنها يمكن أن تُمرر خلالها بنوداً من شأنها الحفاظ على الحقوق المائية التاريخية في نهر النيل، وذلك في مقابل تقديم التزامات وتعهدات بمساعدة دول المنابع على التنمية واستخدام النهر بما لا يتسبب بأي أضرار على المصالح المصرية وفق بنود القانون الدولي للأنهار العابرة للحدود.
وعلمت «الأخبار» أنّ بنود الوثيقة القانونية التي أنهت الجهات المصرية المختصة بإدارة ملف مياه النيل مراجعتها من الناحية القانونية والفنية والسياسية، والتي تنص على مبادئ عامة، تؤكد عبرها مصر أن مرجعيتها في أي أمور تتعلق بإدارة المياه في النهر ستكون وفقاً لمقتضيات حددها القانون الدولي، وأنها لا تسعى من وراء هذه البنود إلى الاستئثار بنصيب الأسد في مياه النيل.

تخشى القاهرة
من التدافع الخليجي والإقليمي نحو
شرق أفريقيا

وتقول المصادر المطلعة على إدارة الملف في الحكومة المصرية، إنّ مصر «أدركت الآن نهاية النفق المظلم لتدهور العلاقة» مع دول الحوض، موضحة أنّ التدافع الخليجي والإقليمي من قبل قوى الشرق الأوسط نحو دول شرق القارة الأفريقية للاستفادة من مواردها الطبيعية، وعلى رأسها المياه، لن يضع اعتباراً للمواقف المصرية أو النزاع المصري مع دول الحوض، وهو ما يستوجب إعادة النظر في الموقف المصري وإعادة تقييمه.
وتتفق الجهات المصرية المسؤولة عن الملف على الدفع بالوثيقة القانونية كمدخل مؤقت يضمن إعادة القاهرة مرة أخرى إلى تجمع دول الحوض، بشكل يحفظ لها ماء الوجه، بعد استمرار الرفض المصري للتوقيع على «عينتيبي». وهي تضمن بهذه الطريقة كسب ود دول المنابع، وعدم المواجهة مع الداخل المصري في الوقت الحالي في حال وافقت على «عينتيبي» دون تعديلات.
وكانت مصر قد جمدت عضويتها في مبادرة حوض النيل خلال حكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك، تشرين الأول/ اكتوبر 2010، كرد فعل يرفض توقيع دول المنابع على اتفاقية الإطار دون حسم الخلاف على ثلاثة بنود في الاتفاق، أهمها بند الأمن المائي قي مقابل الحصص التاريخية التي أصرت القاهرة على تضمينها في الاتفاق، وكذلك بند الإطار المسبق والموافقة بالإجماع وليس الأغلبية، وهو ما تسبب بعدد من التحديات أمام مبادرة حوض النيل لإقناع الشركاء الأجانب بضخ مزيد من المنح والمساعدات لبرامج التعاون.
ولا تزال القاهرة تحاول في كل الاتصالات مع المسؤولين عن هذا الملف في دول المنابع، التلويح باستمرار الضغط من خلال توقيف المنح والمساعدات الدولية الممنوحة لها لتحسن استغلال مياه النيل، والتأكيد على أن عودة القاهرة لتجمع دول منابع النيل يضمن لتلك الدول إمكانات وآليات للتنمية والاستفادة من الدعم الدولي إذا ما تخلوا عن «المواقف المتعنتة».
ورغم توافق الآراء في الفريق المصري المعني على أهمية تمرير الوثيقة القانونية الجديدة، إلا أنه لا تزال هناك حالة من التخبط في اتخاذ قرار نهائي بشأن العودة إلى مبادرة دول الحوض، إذ لا تزال هناك تأكيدات قانونية بأن العودة إلى المبادرة ستضر بالموقف القانوني المصري، باعتبار أن «عينتيبي» لا يزال الإطار القانوني، وهو ما يعني أن أي تحرك سياسي مصري لن يكون له معنى أو قيمة دون حل الخلاف القانوني، وإسقاط الاتفاقية بأي من الطرق الدبلوماسية والقانونية. وعلمت «الأخبار» أن الخارجية المصرية استعانت بفريق قانوني دولي متخصص في ملفات إدارة الأنهار الدولية، لصياغة الوثيقة القانونية الجديدة. إلا أن عدداً من المصادر أكد أن الاتصالات المصرية القائمة منذ شهر آذار/ مارس الماضي، لم تحدد مدى إمكانات التوافق عليها من قبل الرؤساء، إذ لا تزال إثيوبيا تتزعم مواقف قوية ضد هذا المقترح.