القاهرة | بعد اجتماعات سريّة لقيادات في «جهات سيادية» مع نواب، كُشِف مساء أول من أمس، أنّ البرلمان أدرج رسمياً على أجندة مناقشاته للأسبوع المقبل ملف اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي يجري بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى الرياض. وكان ملف الاتفاقية، المرفوضة شعبياً، والتي أصدرت محكمتان حكماً ببطلانها، مجمّداً في البرلمان نفسه، منذ إحالته عليه في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وتُعدُّ مسألة «الإدراج» خطوة إضافية في مسار زيادة الانقسام السياسي في مصر، خاصة أنّ تسريب الخبر دفع التيار المعارض للاتفاقية إلى التحرك سريعاً لمناهضة أيّ مساعٍ برلمانية لتمريرها. وكانت موجات الاعتراض على الاتفاقية التي خرجت إلى الشارع العام الماضي، هي الأعنف على الإطلاق منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الحكم قبل ثلاث سنوات.
وفي السياق، أقام المحامي خالد علي، الذي نظّم حملة قانونية في وقت سابق أدت إلى الحكم «بمصرية تيران وصنافير»، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري لإلزام رئيس الجمهورية «بحلّ مجلس النواب وفقاً للمادة 137 من الدستور ووقف جلساته»، وذلك لتمثيله «خطراً على الأمن القومي المصري وسلامة أراضي البلاد» بسبب إقدامه على مناقشة الاتفاقية المخالفة لحكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية العليا قضى بطلان التنازل عن الجزيرتين.

كُشِف قبل يومين أنّ البرلمان أدرج ملف ترسيم الحدود على أجندته
وأكد علي أنّ إصرار رئيس الوزراء على إرسال الاتفاقية للبرلمان، وإصرار البرلمان على مناقشة الاتفاقية رغم الأحكام المختلفة الصادرة عن مجلس الدولة ببطلان التنازل عن الجزيرتين، ينطوي على «تعريض أراضي الدولة للخطر وتهديد للأمن القومي ووحدة وسلامة الوطن وأراضيه وعصف بالدستور المصري».
وكانت محكمتا القضاء الإداري (في حزيران/يونيو 2016) والإدارية العليا (في كانون الثاني 2017) قد حكمتا ببطلان الاتفاقية، باعتبارها مخالفة للدستور الذي لا يسمح بالتنازل عن أي قطعة أرض مصرية. وقد تبع ذلك طعن تقدمت به الحكومة أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في نيسان/أبريل الماضي، باعتبار أنّ الأحكام السابقة تتدخل في سلطات الرئيس وأنها أخطأت في التقدير لأن الاتفاقية من وجهة نظرها «لا تتضمن التنازل عن أراضٍ مصرية، ولكنها تعيد الجزر إلى مالكها الأصلي»، الأمر الذي وافقت عليه المحكمة، علماً أنّ ذلك ليس من صلاحياتها. وأعلن خالد علي أمس، أنَّ بدء إجراءات مناقشة الاتفاقية «الباطلة» يُعرِّضُ وحدة البلاد وسلامة أراضيها للخطر ويهدد الأمن القومي، ويجعل «أحكام القضاء والعدم سواء»، ويوفِّر بذلك «حالة الضرورة التي تلزم رئيس الجمهورية بوقف جلسات مجلس النواب واتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لحل مجلس النواب». وشدد على أنّ «عدم اتخاذ رئيس الجمهورية هذا القرار يُخالف الدستور الذي ينص على أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية، ومهمته هي رعاية مصالح الشعب والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضية والالتزام بأحكام الدستور».
من جهة أخرى، طالب نواب «تكتل 25-30» (25 يناير ــ 30 يونيو) المواطنين بالضغط على نوابهم وممثليهم في البرلمان لرفض الاتفاقية، في وقت تسعى فيه «جهات سيادية» إلى عقد مزيد من الاجتماعات مع نواب «ائتلاف دعم مصر» لتمرير الاتفاقية بحجة «المصلحة الوطنية» التي يُقال إنها تقتضي الاستجابة للمطلب السعودي الملح بتسليم الجزر ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ. وبات واضحاً أنّ الحكومة تسعى إلى تمرير الاتفاقية دون الحديث عن استفتاء شعبي، أو دون قيام نواب مؤيدين للحكومة بتقديم استقالات جماعية كما هدد بعضهم خلال اجتماعات سابقاً.