13 شباط 2017، أي قبل نحو أربعة أشهر فقط، منح الوسيط القطري بين غزة وإسرائيل، محمد العمادي، موقع «والا» الإسرائيلي مقابلة حصرية تحدث فيها عن «العلاقات الوثيقة والممتازة» مع شخصيات وأجهزة إسرائيلية. في التقرير نفسه، كشف «والا» عن زيارات سرية يقوم بها بين حين وآخر مسؤولون إسرائيليون لقطر دون أن يفصّل.
لكن هذه العلاقات والزيارات لم تشفع كما يبدو للإمارة الخليجية عند حكومة تل أبيب التي سارع وزير الأمن فيها، أفيغدور ليبرمان، إلى القفز على السعار السعودي ــ القطري لتوظيفه بما يخدم رؤية إسرائيل الإقليمية الرامية إلى تحشيد الدول العربية في مواجهة «الإرهاب» الذي يمثله محور المقاومة. وقال ليبرمان خلال مساءلات في الكنيست أمس: «من الواضح للجميع، وكذلك في الدول العربية يدركون ذلك، أن الخطر الحقيقي ليس الصهيونية، بل الإرهاب. الدول (التي قطعت العلاقات مع قطر) لم تفعل ذلك بسبب إسرائيل أو القضية الفلسطينية، بل بسبب تخوفها من الإرهاب الإسلامي». وفي ما يشبه التبني الضمني للموقف السعودي في الأزمة، رأى ليبرمان أنّ «قطع العلاقات بين دول خليجية وقطر يفتح المجال للتعاون في مكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب «تحدث عن تحالف ضد الإرهاب، ودولة إسرائيل أكثر من منفتحة للتعاون (في هذا التحالف). الكرة في الجانب الآخر».

إعلان قطع
العلاقات يتيح لإسرائيل فرصة ذهبية لتغيير ميزان القوى

ورأت صحيفة «جيروزالم بوست» أن الإعلان السعودي ــ الإماراتي ــ المصري لقطع العلاقات مع قطر يتيح لإسرائيل فرصة ذهبية لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط لمصلحتها. وبحسب الصحيفة، فإن عزل قطر «يعزز المحور الإسرائيلي السعودي في مواجهة إيران... كذلك فإنه يشجع الدول المشاركة (في إعلان قطع العلاقات) على رؤية حماس بوصفها عدواً مشتركاً». ورأت أن من شأن الأزمة الحالية في الخليج أن تسمح للصحافة السعودية والخليجية بمهاجمة حماس والتعاطف مع إسرائيل، وأن قرار قطع العلاقات مع قطر «يرسم خطاً أحمر أمام الإرهاب... فكلما تعاونت مصر والأردن والسعودية وبقية الدول العربية، سيؤثر الاستقرار الإقليمي الذي يوجده هذا التعاون بإسرائيل». وأشارت إلى أن الأزمة الخليجية تعزز وضعية إسرائيل «التي ستربح عندما لا تكون في مركز الاهتمام الدولي... وهذا سيزيل الضغط عن إسرائيل. فإذا كانت قد عُدَّت المشكلة الأساسية في المنطقة، فإن أحداث سوريا ومصر واليمن وليبيا والنزاع القطري حالياً أزاحوا النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني إلى الهامش».
ورجّح محلل الشؤون العسكرية في القناة الإسرائيلية الثانية أن لا تكون إسرائيل مطلعة على الخطوة السعودية ــ الإماراتية، مشيراً إلى أنه «كان هناك شعور بأنّ الأميركيين يقودون خطوة ما، لكننا تفاجأنا». من جهته، رأى محلل الشؤون العربية في القناة نفسها أن «ما يجري هو محاولة لإخضاع قطر لا أقل ولا أكثر، والسعودية والإمارات ومعهم مصر والبحرين وليبيا يحاولون دفع قطر إلى تغيير سياستها والتخلي عن دعم كل فروع الإخوان المسلمين وعن العلاقات المزدوجة مع إيران وعن التحريض في قناة الجزيرة. إنها معركة ليست سهلة أبداً». وفيما كانت قرارات السعودية بمحاصرة قطر في طريقها إلى التنفيذ، أطلّ مدير معهد أبحاث الشرق الأوسط، عبد الحميد حكيم، في مقابلة عبر سكايب مع التلفزيون الإسرائيلي ليتحدث عن هذه القرارات واضعاً إياها في سياق «تحقيق السلام والمحبة» في الشرق الأوسط، مشدداً لمستمعيه من الجمهور الإسرائيلي على أنّه «لن يكون هناك أي مكان في سياسات الدول (التي اتخذت قرار مقاطعة قطر) للإرهاب أو للجماعات التي تستخدم الدين لتحقيق مصالح سياسية بإسم الدين أو المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي».
وفي السياق، قال اللواء في الاحتياط، يعقوب عميدرور، الذي شغل سابقاً منصب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في مقابلة لإذاعة الجيش، أن «قطر لعبت على الحبلين طوال سنوات. فمن جهة، هناك موقع عسكري أميركي في أراضيها، ومن جهة أخرى لديها علاقات ودية مع إيران مقارنة بالدول العربية الأخرى، ومن جهة تشكل جزءاً من الدول العربيّة السنية ومن جهة أخرى تدعم الإخوان المسلمين إلى حد كبير، وتموّل قناة الجزيرة». ورأى أن ما يجري هو «محاولة الدول العربية الحفاظ على نفسها».
يشار إلى أنّ العلاقات الإسرائيلية ـ القطرية شهدت الانطلاقة العلنية الأولى مع افتتاح تل أبيب ممثلية اقتصادية دائمة في الدوحة عام 1996، وقيام رئيس الوزراء في حينه، شمعون بيريس بزيارة الإمارة. وفي عام 2009، أعلنت الدوحة قطع علاقاتها «الاقتصادية» مع إسرائيل، وأغلقت ممثليتها في الدوحة بسبب العدوان على غزة. وبرغم أن إسرائيل أعلنت عام 2011 إغلاقات كافة مكاتبها في الدوحة على خلفية علاقة الأخيرة بحماس، إلا أن الدوحة عادت واستضافت عام 2011 لاعبة التنس الإسرائيلية، شاحر بيئير، في تورنير الدوحة، ثم استقبلت عام 2013 فريقاً إسرائيلياً شارك في مسابقة السباحة الدولية أقيمت في قطر. وفي عام 2015 التقى مسؤول في اتحاد كرة السلة الإسرائيلي برئيس اللجنة الأولمبية القطرية، جوعان بن حمد آل ثاني.