اختتمت جولة محادثات جنيف أمس، مكتفية بنجاحها الخجول في عقد اجتماعات تقنية تناقش «قضايا دستورية» بين خبراء من الوفدين الحكومي والمعارض ونظراء لهم من مكتب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. الجولة التي شهدت أقل معدل من التصعيد في خطابات الوفدين السوريين، مقارنة مع سابقاتها، لم تكن أكثر من محطّة للحفاظ على مسار جنيف ومنع انهيار التسوية المغطّاة أمميّاً.
وبدا لافتاً بالتوازي مع تهميش باقي «سلال» دي ميستورا، ترحيب موسكو بمناقشة تفاصيل مشروع دستور جديد، لكونها «قد تفتح أفقاً لتفاوض مباشر»، وتأكيدها أن «عدم قدرة المعارضة على التوحد سيكون عقبة» أمام ذلك.
الخلاف الداخلي في الجانب المعارض تكرّس مجدداً في هذه الجولة المنتهية، إذ شهدت «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة انقساماً بين أعضائها، تمثّل في انسحاب ممثلي عدد من الفصائل العسكرية المعارضة، ليل أول من أمس، من الوفد التفاوضي. وأبدى هؤلاء اعتراضاً على «طبيعة عمل الهيئة»، موضحين أن انسحابهم يعود إلى «عدم وجود مرجعية والتخبط في اتخاذ القرار، والعلاقة بين (الهيئة العليا للمفاوضات) والوفد التفاوضي (التي) لا تصبّ في مصلحة الثورة». ونقلت مصادر معارضة أن الخلاف بين أعضاء «الهيئة» وصل إلى حد الاشتباك بالأيدي في مقر إقامتهم في جنيف، في وقت أكدت فيه «الهيئة» مشاركة كامل أعضاء وفدها التفاوضي في الاجتماع مع دي ميستورا، أمس.
من جانبه، رأى دي ميستورا، عقب إعلانه انتهاء جولة المحادثات، أن هذه الجولة نجحت في تعزيز التركيز على العملية السياسية بالتوازي مع الحفاظ على «السلال الأربع»، لافتاً إلى أن اجتماعات الخبراء التقنية وجدت «لتسهيل الانتقال نحو مفاوضات مباشرة». وأشار إلى أنه عقد لقاءات خلال الجولة مع ممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا، لبحث مستجدات المحادثات.
وفي ختام اجتماعات الوفد الحكومي مع المبعوث الأممي، قال رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري إن «اجتماعاً واحداً جرى بين خبرائنا وخبراء المبعوث الأممي، وهذه هي النتيجة الوحيدة التي خرجنا بها في هذه الجولة»، موضحاً أن «الاتفاق هو أن تجري هذه الاجتماعات الفنية خلال الجولات وليس بينها أو بعدها». ولفت في سياق آخر إلى أن آليات تنفيذ «اتفاق أستانا» الأخير لم توضع بعد، مضيفاً أن دمشق «تنتظر الأصدقاء والحلفاء الروس والإيرانيين لكي يأتوا ونتدارس معهم آليات تطبيقه».
وفي المقابل، شدد رئيس وفد «الهيئة»، نصر الحريري، على أن وفده ركّز خلال الجولة على الانتقال السياسي، إلى جانب استكمال الاجتماعات التقنية حول الدستور، كذلك قدّم مذكرة إلى دي ميستورا حول «الخطر الإيراني في سوريا». ورأى أن الوفد الحكومي «ليس جاداً في الوصول إلى تسوية سياسية»، منتقداً غياب «ضغط دولي حقيقي على النظام السوري ورعاته في موسكو وطهران».
بدوره، شدد نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، الذي حضر على هامش الاجتماعات في جنيف، على أن بلاده لا تسعى إلى فرض مقترح لمشروع دستور سوري جديد على أي من الأطراف السورية. وأكد أن وفد «الهيئة» يبدي «اهتماماً بمواصلة الاتصالات مع الجانب الروسي»، مشيراً إلى أن «موسكو ستعمل لدفع المعارضين نحو التحلي بالواقعية السياسية والمشاركة في المناقشات مع دي ميستورا».
(الأخبار)