تل عبطة | لليوم الرابع على التوالي، تواصل قوات «الحشد الشعبي» عمليتها العسكرية التي تهدف للوصول إلى الحدود العراقية ــ السورية. فبعد استعادة قواتها لمدينة الحضر (جنوبي الموصل)، رسمت قيادة «الحشد» خطّةً تؤكّد أن المعركة القائمة في العراق وسوريا هي معركة واحدة.
«مسك الحدود» الذي يعدّ اليوم أهم الأهداف لم يكن «وليداً» لمعركة الموصل، بل قرارٌ اتخذ منذ تأسيس «الحشد» عام 2014، وفق تعبير عددٍ من قادته. ويضيف هؤلاء أن طريق «هجرة» مسلحي «داعش» نحو «عاصمة الخلافة» كان يمر عبر الحدود، لذا «كان لزاماً علينا أن نفصل العراق عن سوريا للحدّ من تدفّق المسلحين».
ويصف المتحدث باسم «الحشد»، النائب أحمد الأسدي، أن «النصر الأكبر على (داعش) يتحقّق بإمساك الحدود»، مؤكّداً في حديثه مع «الأخبار» أن «الحشد ليس في سباقٍ مع أحد، وسينجز مهمته بإمساك الحدود وفق الخطط المرسومة».
ويرى أحد قادة «الحشد» أن قواته ستثبّت مواقع ونقاط لها على الحدود مع سوريا، قبل أن تصل القوات الأميركية إلى هناك. ويشرح أن الأميركي لن يثبُتَ في عمق الصحراء، بل سيوكل إلى «أدواته» من كِلا البلدين القيام بتلك المهمة، غير أن هذه «الأدوات» تدرك جيّداً أن «الحشد لن يسمح لها بذلك»، من دون أن يستبعد إمكانية الاشتباك أو الاحتكاك معهم، في المراحل المقبلة.

اتخذت قيادة
«الحشد» قرار
الإمساك بالحدود
في عام 2014

وتضيف مصادر «الحشد» أنه بعد الوصول إلى الحدود السورية وإمساكها، فإن الخطوة التالية المتوقّعة ستكون إطلاق «معارك الجيوب»، أي المحيط الجنوبي للقيروان وبادية البعاج وصحراء القائم، في إشارة إلى أن غربي الأنبار (عنه، راوه، القائم)، ومنطقة التقاء محافظات نينوى ــ صلاح الدين ــ الأنبار، ستكون هدفاً مرتقباً لتلك القوى المتقدّمة، فلا يمكن أن «نمسك بعض حدودٍ ونترك بعضاً آخر»، بتعبير أحد قادة «الحشد»، الذي يؤكّد أن الأمر مرهونٌ في النهاية بيد «القائد العام للقوات المسلحة»، رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وسيواجه «الحشد» عقب وصوله إلى المنطقة الحدودية مساحةً تتجاوز 55 ألف كلم مربع، وهي منطقة صحراوية ذات جيوب عدّة (بمساحة 8 آلاف كلم مربع) تستعيدها القوات البريّة. أما المساحة المتبقية فتكون تحت السيطرة النارية والمسح الجويّ المستمر من قبل الطائرات المسيّرة، وفق تعبير أحد قادة «الحشد».

عن «القيادة والسيطرة»... والخطّة

في تل عبطة، جنوب غرب الموصل، حيث تبلغ درجة الحرارة 40 درجة مئوية، اتخذت قيادة «الحشد» مقرّاً للقيادة والسيطرة. لكل تشكيلٍ وفصيلٍ هناك مقرّه الخاص، يُستدلُّ عليه من رايةٍ أو إشارةٍ زُرعت في المحيط. بوابةٌ بسيطة وحارسٌ متعبٌ من لهيب الشمس، وزحمة سيارات رباعية الدفع وأعمدة إرسال لاسلكي، تشير إلى «مقرّ الحجّي». بهذا اللفظ، يقصد المقاتلون نائب رئيس هيئة «الحشد» أبو مهدي المهندس. الرجل الستيني، يبدأ نهاره مستقبلاً ضيوفاً ومودّعاً آخرين ومتابعاً للمجريات الميدانية، لكنّ ليله مخصّص لجلسة تقييم العمليات ودراسة الموقف الميداني، واتخاذ القرار بالتوافق مع قادة التشكيلات والفصائل المختلفة.
هناك في المقر تنتشر الخرائط الجويّة للموصل ومحافظة نينوى، إضافة إلى عددٍ من الخرائط العسكرية الأخرى، الملصقة على طول الجدارن. خريطة العمليات القائمة كانت واضحة. محاور التقدّم، ومناطق المسؤولية للقطعات المشاركة، يشرحها لـ«الأخبار» أحد قادة «الحشد»، موضحاً أن العمليات مقسّمة على ثلاث مراحل؛ فاستعادة القيروان ستشكّل ختاماً للمرحلة الأولى، وانطلاقاً للمرحلة الثانية. ومن المتوقع في الساعات القليلة المقبلة بدء الهجوم لاستعادة المدينة من تنظيم «داعش»، بعد أن أطبقت القوات حصارها حولها من ثلاث جهات، وسط تفاؤلٍ يبديه عددٌ من القادة بإمكان انسحاب المسلحين منها، والدخول إلى المدينة بأقل تكلفةٍ ممكنة.
أما المرحلة الثانية، فتهدف إلى استعادة مدينة البعاج، فيما المرحلة الثالثة ستكون الوصول إلى الحدود السورية. ويأمل عدد من قادة «الحشد» أن تحقّق العمليات كامل أهدافها، وتصل القوات إلى الحدود، قبل أن «يقفز فيتو» ــ إقليمي أو دولي ــ يعيق التقدّم، ويحيل الهجوم إلى تثبيت، وإنشاء قواعد ثابتة على غرار ما حصل في محيط تلعفر.
في المقابل، حصّن «داعش» مواقعه في منطقة جنوب غرب الموصل، وتحديداً عند محاور التقدّم للقوات المهاجمة، حيث أنشأ قواعد نارية عديدة استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الصاروخية.
وكانت قوات «الحشد» قد عزلت القيروان عن منطقة سنجار، واستعادت قريتي خيلو، شمال القيروان، وتل قصب، شرقها.