لم تخرج مجريات اليوم الأول من جولة المحادثات السورية في أستانا، برغم ما تخللها من إعلان وفد المعارضة المسلحة مقاطعته للاجتماعات لحين تلبية مطالبه، عن البرنامج المقرر لها، والذي يضم لقاءات ثنائية متعددة بين الوفدين السوريين وعدد من وفود الدول الضامنة والمراقبة.
مناورة الوفد المعارض التي أتى إعلانها عقب اختتامه للقاءيه المقررين مع الوفد الأممي والأميركي، تسعى إلى إعطاء فرصة لتحصيل «ضمانات» أكبر حول تفاصيل المقترح الروسي حول «مناطق تخفيف التصعيد»، الذي سرق أضواء الجولة الجديدة. وإلى جانب التبني الروسي الرسمي للمقترح على لسان الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، أعلن الأخير في خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب أردوغان، توقّعه مناقشة الخطة في أستانا، ملمّحاً إلى وجود «دعم» أميركي لها. إذ أكد أنه بحثها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب هاتفياً، موضحاً بالقول: «إذا فهمت جيداً، فالإدارة الأميركية تدعم هذه الفكرة». وبدا لافتاً ما ذكره بوتين عن أن تلك المناطق ستصبح مناطق حظر جويّ «شرط توقف أي تحرك عسكري بالكامل فيها».
وعقب حديث بوتين بساعات قليلة، أشارت دمشق في بيان لوزارة الخارجية إلى أنها «مع تأكيدها المستمر لوحدة أراضيها وسلامتها وسيادتها... تؤيد المبادرة الروسية حول مناطق تخفيف التوتر وتؤكد التزامها نظام وقف الأعمال القتالية».

ستكون الخطة
ملزمة للطرفين السوريين إذا توافقت عليها الدول الضامنة

ووفق ما توقّع رئيس الوفد الروسي إلى أستانا، ألكسندر لافرنتييف، فإن الوثيقة التي «لا تزال قيد الإعداد» سيجري التفاوض عليها اليوم مع تركيا وإيران. وبدا الموقف التركي إيجابياً أمس تجاهها، إذ قال الرئيس أردوغان إن «الهدنة» تشكل فرصة لإنجاح مساعي الحل السياسي و«ينبغي عدم إهدارها». وأشار إلى ضرورة خروج قرار من محادثات أستانا حول وقف العمليات العسكرية، موضحاً أن «بعض الأوساط تصرف كل طاقاتها لإجهاض العملية». وبدوره، عبّر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، عن أمله في إحراز تقدم بشأن الاتفاق على مبادرة موسكو خلال جولة أستانا الحالية. وقال إن «هذه المسألة يناقشها وفدنا في أستانا وكذلك ممثلو المعارضة والحكومة». ومن جانب آخر، أوضح مدير قسم دول آسيا وأفريقيا في وزارة الخارجية الكازاخية أيدار بيك توماتوف، أنه إذا اتفقت الدول الضامنة حولها «فستصبح ملزمة، وسينفذها الطرفان السوريان».
وعلى مقلب المعارضة، أكد مستشار «الهيئة العليا» يحيى العريضي، أنهم بصدد دراسة المقترح الروسي و«فهم جوهره بالكامل». ورأى وفد المعارضة المسلحة في بيان أصدره أمس، أن اقامة مثل هذه المناطق «إجراء موقت للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الصعبة للمدنيين ولا يمكن القبول بأي بديل من الانتقال السياسي».
وشهد يوم أمس لقاء الوفد الحكومي بكل من الوفدين الروسي والإيراني، إلى جانب اجتماعه مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. ورأى لافرينتيف عقب الاجتماع أن «المعارضة المسلحة تحاول استخدام أي ذريعة لقطع أو تعطيل مشاركتها»، معتبراً أن «اتهامات المعارضة للقوات الجوية الروسية بتنفيذ ضربات جوية على مواقع المعتدلين، في حمص ودرعا، لا تستند إلى دليل».
وبالتوازي، بحث رئيس الوفد الإيراني حسين جابري أنصاري، مع دي ميستورا آخر التطورات والمستجدات حول المحادثات، عقب لقائه صباح أمس الوفد الروسي. وبدوره التقى الأخير المبعوث الأممي، والوفد الأميركي الذي يرأسه مساعد وزير الخارجية ستيوارت جونز.
وقبيل تعليق المعارضة لمشاركتها في الجولة القائمة، قدّمت وثيقة إلى الأطراف الراعية للمحادثات، طالبت فيها بـ«إلزام النظام والقوى الداعمة له بالتطبيق الكامل لوقف إطلاق النار... والانسحاب من المناطق التي قام النظام باجتياحها بعد 30 كانون الأول الماضي، ومنها وادي بردى وحي الوعر والمعضمية والزبداني، وتمكين أهلها المهجّرين عنها من العودة إليها». وتضمنت المطالب «البدء بإطلاق سراح جميع المعتقلين... وإدخال المساعدات الإنسانية، وفك الحصار عن كافة المناطق المحاصرة». وأشارت إلى ضرورة «إخراج كافة الميليشيات الطائفية التابعة لإيران» من سوريا، معتبرة أن «إيران دولة معتدية على الشعب السوري ومعادية له، وهي جزء من المشكلة، ولا نقبل بأي دور لها».
(الأخبار)