ليست مصادفة اختيار «حماس» مساء أول من أمس موعداً لنشر «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» الجديدة، خاصة أن إعلانها من الدوحة يأتي قبيل اللقاء المرتقب بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
مع ذلك، لم تثر الوثيقة «البراغماتية» حماسة المحللين وصناع القرار الإسرائيليين، وربما السبب هو تسريب بعض بنودها سابقاً... أو الانشغال بـ«عيد الاستقلال». وعملياً، تكاد وسائل الإعلام الإسرائيلي تخلو من التحليلات وردود الفعل على ميثاق «حماس» الجديد، ففيما اكتفت بنقل وقائع المؤتمر الذي عقده رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، في العاصمة القطرية، من دون ربطه بالتحليل، اتفقت معظمها على أن توقيته ليست «مصادفة»، وذلك لكونه يأتي قبيل اللقاء المرتقب بين عباس وترامب في واشنطن.
«وثيقة المبادئ والسياسات العامة لا تغيّر ميثاق حماس»، يقول الصحافي الإسرائيلي، أليؤور ليفي، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قبل أن يستدرك بأنها «تظهر مفهوماً أكثر تعقيداً، إذ أعدت بهدف استرضاء الغرب والدول السنية المعتدلة»، مضيفاً: «لهذا السبب نشرت الوثيقة باللغتين العربية والإنكليزية».
ليفي شرح أن «حماس اجتهدت لنشر أجزاء أساسية من وثيقتها الجديدة باللغتين على مواقع التواصل الاجتماعي»، ومع ذلك «التغييرات في الوثيقة مجرد تجميل، وليس تغيراً جذرياً في استراتيجية الحركة». وفي رأيه أنه «رغم عرض حماس نفسها على أنها غير تابعة للإخوان المسلمين، تبقى حركة إسلامية، وذلك بهدف إرضاء مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي».
في السياق، قال المعلق الإخباري في صحيفة «معاريف»، حاييم آيسروفيتس، إن «البند المهم في الوثيقة هو قطع الصلة بين الحركة والجماعة الأم، التي منها تغذّت جذور حماس الأيديولوجية». ورأى أن «القرار يبدو كأنه محاولة لتحسين العلاقة مع مصر خاصة، ومع دول أخرى كانت قد صنفت جماعة الإخوان على أنها تنظيم إرهابي».
أمّا الصحافية طل شيلو، فذكرت أنه «بناءً على التقديرات، أُعدَّت الوثيقة بهدف تحسين العلاقات مع الدول الغربية، وكذلك مع دول الخليج الفارسي ومصر».
ووفق ما نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر في «حماس»، فإن «القرار بنشر الوثيقة اتخذ بصورة رسمية بالتزامن مع اللقاء المرتقب بين عباس وترامب في واشنطن»، وفسرت ذلك بأنه «محاولة من حماس لإظهار نفسها على أنها حركة براغماتية ذات وزن فاعل على الساحة الدولية».
في غضون ذلك، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وثيقة حماس بـ«مسرحية تحريف»، وأضاف أنها «تواصل استثمار مواردها، ليس للإعداد للحرب فقط، بل لتنشئة أطفال غزة على تدمير إسرائيل، وفي اليوم الذي تتوقف فيه حماس عن حفر الأنفاق وتوجه مواردها وطاقاتها للبنية التحتية المدنية وتتوقف عن تربية الأجيال على قتل الإسرائيليين، سيكون ذلك تغييراً جوهرياً، وهذا ما لم يحصل».
كذلك، رأى وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان، أن «الأمر لا يعدو خطوة لتضليل العالم ومناورة للعلاقات العامة، وأن هدف الحركة هو تجنيد الشرعية الدولية»، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم النظر إلى ما وصفه «خديعة حماس» على أنه «تغيير جوهري في سياستها».
وأضاف إردان: «تعمل الحركة جاهدة ويومياً لقتل اليهود الإسرائيليين، من خلال استغلال السكان الغزيين كدروع بشرية». وتابع: «في الحقيقة، حماس مستمرة في إرهابها وتحريضها لقتل الإسرائيليين، وتواصل رفضها الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود».
أمّا المتحدث باسم نتنياهو للصحافة الغربية، داييفد كيز، فقال في تصريح إن «حماس تحاول تضليل العالم من خلال وثيقتها السياسية الناعمة، لكنها لن تنجح». ورأى أن «حماس الحقيقية هي التي تبني أنفاق الإرهاب، وتقذف بآلاف الصواريخ باتجاه إسرائيل».