في الوقت الذي يبدو فيه مشهد الشمال السوري مقبلاً نحو توتّر إضافي تستحثّه الاشتباكات التي تشهدها مواقع عدة على طول الحدود السورية ــ التركية بين «وحدات حماية الشعب» الكردية والجيش التركي، بدا لافتاً تحرير إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، البنتاغون من سلطة البيت الأبيض على عدد من القرارات العسكرية في سوريا والعراق، وعلى رأسها عدد أفراد القوات التي تشارك في العمليات.
التغيير الأميركي الذي يعاظم القوة الممنوحة للعسكر، سيعطي القرار لوزير الدفاع جيم ماتيس، السلطة لإرسال مزيد من القوات إلى سوريا. وهو ما كان قد قام به في خلال الأشهر الماضية ــ ضمن الحدود المتاحة حينها ــ عبر إرسال مئات من أفراد مشاة البحرية ووحدات المدفعية التي شاركت في عمليات مباشرة في ريف الرقة ومحيط الطبقة. غير أن المتحدثة باسم البنتاغون دانا وايت، أشارت أمس إلى أن ماتيس «لم يغيّر بعد من مستوى القوات المصرّح بإرساله مسبقاً».

أكد «العمال الكردستاني» حقه في الرد في كافة المناطق

ويحرر القرار القادة العسكريين من الموافقة المسبقة التي كان يجب عليهم الحصول عليها في عهد باراك أوباما، حتى على القرارات الروتينية التقنية المتعلقة بتحريك الأفراد والقوات في مناطق النزاعات. ولقيت حينها تلك الإجراءات انتقادات من عدد كبير من القادة العسكريين الذين طالبوا بإعطائهم السلطة للتحرك «وفق المقتضيات العسكرية».
وقالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إنّ «السلطات الجديدة ستمنح شفافية أكبر حول العدد الفعلي للقوات الأميركية العاملة في العراق وسوريا، بعد سنوات من غياب معلومات دقيقة حولها لدى الرأي العام». ولفتت إلى أن الإحصاءات الرسمية كانت في عهد أوباما تشير إلى وجود 503 أفراد من القوات في سوريا، و5262 في العراق، غير أن «مئات من الأفراد المنتشرين في البلدين لم يسجلوا ضمن هذا العدد بسبب طبيعة مهماتهم المؤقتة».
واللافت في قرار ترامب أنه يغطّي فقط سوريا والعراق، من دون أن يؤثر بآلية اتخاذ القرارات في أفغانستان أو غيرها من الدول التي توجد فيها قوات أميركية، على الرغم من أن مصادر في وزارة الدفاع أشارت إلى أن توسيع القرار ليشمل دولاً إضافية «هو قيد النقاش».
وتأتي الصلاحيات الموسّعة الممنوحة للبنتاغون بعد جولة إقليمية واسعة لوزير الدفاع ماتيس، جال في خلالها على حلفاء واشنطن في المنطقة وناقش فيها تعزيز التعاون حول الملف السوري. كذلك ترافقت مع توتر يسود مناطق الانتشار الأميركي في الشمال السوري، عقب القصف التركي في جبل قره تشوك في المالكية، والاشتباكات المتواصلة في عدد من المناطق الحدودية.
وبالتوازي مع مطالبة الأكراد للأميركيين باتخاذ خطوات عملية لحماية مقاتليهم والتهديد بوقف العمليات الكامل على جبهة الرقة، أعلنت القوات التركية أنها «ردّت بالمثل» على مصادر نيران أُطلقت نحو مخفر حدودي جنوب شرقي البلاد، من منطقة خاضعة لـ«وحدات حماية الشعب». وقال الجيش في بيان إن 11 نقطة حدودية شهدت اشتباكات متقطعة وقصفاً متبادلاً مع «الوحدات» الكردية، فيما أعلنت الأخيرة أنها تمكنت من «تدمير رادار ومدرعة تابعة لجيش الاحتلال التركي» قبالة قرية سوسك، غرب مدينة تل أبيض. وأشارت مصادر كردية إلى أن الجيش التركي استهدف محطة ضخ المياه في قرية علوك شرقي رأس العين، بقصف مدفعي سبّب خروجها عن الخدمة، مشيرة إلى أن المحطة تضخ المياه إلى مدينة الحسكة وتل تمر وعدد من المناطق. كذلك استهدفت «الوحدات» مدرعة في قرية فرفرك التابعة لناحية راجو في منطقة عفرين، بالتوازي مع قصف من الجانب التركي على قرى قره بابا وتبّة حشركي في راجو.
وبدا لافتاً إعلان اللجنة الإدارية لـ«حزب العمال الكردستاني» في بيان أنه «بعد احتلال جرابلس والباب، وشن الهجمات على شنكال وروج آفا، يمنح (حزب العمال الكردستاني) الحق في النضال في كافة المناطق ضد فاشية (حزب العدالة والتنمية) و(الحركة القومية)».
وفي انتظار التحركات الأميركية عقب التوتر في الشمال، بدا لافتاً إعلان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، استعداد بلاده لمشاركة الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات عسكرية ضد مواقع للجيش السوري. وقال في تصريح صحافي نقلته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، إنه «سيكون من الصعب جدّاً على حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، رفض طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، شنّ عمل عسكري مشترك على النظام السوري رداً على استخدامه أسلحة كيميائية مجدداً».
(الأخبار)