في ضوء التصعيد المتواصل لهجمات المجموعات المسلحة في مدينة درعا، بالتوازي مع المعلومات التي تحدثت عن مشاريع أميركية ــ أردنية مشتركة على طول الحدود السورية الجنوبية، أكد الرئيس السوري بشار الأسد علم دمشق بتلك المعلومات من مصادر مختلفة، مهاجماً الدور الأردني خلال الحرب السورية، الذي كان «جزءاً من المخطط الأميركي منذ بداية الحرب».
التأكيد الرسمي من دمشق قد يشير إلى أن الجنوب السوري سيكون بدوره كما الشمال مسرحاً لعمليات عسكرية مدعومة أميركياً، سوف تحاول ضمنه واشنطن بمشاركة حلفائها الإقليميين، وعلى رأسهم الأردن وإسرائيل، إضعاف نفوذ دمشق وحلفائها، وإبعاد «خطرهم» عن إسرائيل. وهو ما انعكس في تصريحات وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس، من إسرائيل، التي قال فيها إن «تحالفنا مع إسرائيل هو الحجر الأساس لتعاون أمني أوسع يشمل التعاون مع مصر والأردن والسعودية وشركائنا في دول الخليج». وأكد أن سوريا «لا تزال تحتفظ ببعض أسلحتها الكيميائية»، محذراً الرئيس الأسد من استخدامها.
واعتبر الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالتي «ريا نوفوستي» و«سبوتنيك» الروسيتين، أن «الأردن ليس بلداً مستقلاً، وكل ما يريده الأميركيون سوف يحدث، فإذا أرادوا استخدام الجزء الشمالي من الأردن ضد سوريا، فإنهم سيستخدمونه». وفي المقابل، استفز كلام الرئيس السوري الحكومة الأردنية. فبعد ساعات على نشر المقابلة، أعرب المتحدث باسم الحكومة محمد المومني، عن «أسفه لحديث الأسد عن موقف الأردن وهو لا يسيطر على غالبية أراضي سوريا». ورأى أن «حديث الأسد منسلخ تماماً عن الواقع».
هجوم الأسد ضد الدور الأردني لم يأتِ وحيداً، إذ أكد أنه «عندما تتحدث عن الغزو التركي، وعندما نتحدث عن القوات الأميركية التي نعتبرها غزواً، وعندما تتحدث عن الإرهابيين على الأرض، فكلهم كيان واحد... وعندما تهزم الإرهابيين، عندها تستطيع أن تذهب وتحارب الآخرين الذين يحتلون الأرض»، معتبراً أن «الأميركيين كالأتراك، كأي محتل آخر عليهم الخروج بإرادتهم أو بالقوة».
وأشار إلى أن التصدي للهجمات الصاروخية الأميركية «بحاجة إلى نظام مكثف يغطي كل زاوية كي يتمكن من إسقاط الصواريخ»، مشيراً إلى أن «الإرهابيين لجأوا منذ بداية الهجمات إلى تدمير الدفاعات الجوية التي لا علاقة لها بما كانوا يسمونه حينذاك المظاهرات السلمية». ولفت إلى أن القوات السورية «فقدت أكثر من خمسين في المئة» من قوات دفاعها الجوي خلال سنوات الحرب، مضيفاً أن «الروس من خلال دعمهم عوّضوا جزءاً من تلك الخسارة بأسلحة وأنظمة دفاع جوي نوعية».
وجدد التأكيد على أن حادث خان شيخون «مفبرك»، وعلى أن الغرب والولايات المتحدة منعوا أي وفد من القدوم للتحقيق لأنه لو أتى «سيجد أن كل رواياتهم كانت فبركة وكذباً». وحول التفجير الذي استهدف الحافلات في منطقة الراشدين السبت الماضي، قال الأسد: «نحن نتحدث عن فصائل مختلفة وجميعها مرتبط بالقاعدة أو (جبهة النصرة)، قام أحد تلك الفصائل بمهاجمة الحافلات التي كانت مخصصة لنقل نفس المدنيين».

حذّر وزير الدفاع الأميركي دمشق من «استخدام
الكيميائي مجدداً»

وعن تحرك القوات السورية باتجاه الرقة، أشار إلى أنه «قبل شهر فقط كان جيشنا يتقدم من حلب نحو الشرق، باتجاه الرقة، ولم يكن بعيداً عن الوصول إلى هناك، عندها شن الإرهابيون هجومهم على وسط سوريا... وتم إبطاء تقدمنا لأننا غيّرنا أولويتنا».
في سياق آخر، رأى الأسد أن «معظم الفصائل التي انضمت ظاهرياً إلى المفاوضات في أستانا وبعض تلك التي شاركت في جنيف، لا تقبل بدولة علمانية. إنهم يريدون دولة دينية إسلامية، وهو الجزء الأكثر أهمية في الخلاف المتعلق بالدستور».
على صعيد آخر، أعلن الرئيس السوري أن «السوق المحلي مفتوح الآن للشركات الروسية كي تأتي وتنضم إلينا وتلعب دوراً مهماً في إعادة بناء سوريا والاستثمار فيها»، مضيفاً أنّ «الجزء الأكثر أهمية بالنسبة إلينا، وأعتقد بالنسبة إليهم أيضاً، هو مجال النفط والغاز، وقد انضمت أخيراً بعض الشركات الروسية إلى القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية، وتجرى الآن الخطوات الأخيرة في عملية توقيع العقود».
وبالتوازي مع التصعيد الدبلوماسي الأخير، استهدفت القوات الإسرائيلية أمس مواقع للجيش السوري في القنيطرة. وأوضح مصدر عسكري أن «طيران العدو الإسرائيلي عمد الى إطلاق صاروخين من داخل الأراضي المحتلة على أحد مواقعنا العسكرية في محيط بلدة خان أرنبة، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية».
وفي موازاة الاتهامات الأميركية لدمشق، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن رفض الدول الغربية مقترح إجراء تحقيق حول خان شيخون «أمر غير مقبول». وقال إن «المعلومات الكاذبة حول استخدام السلاح الكيميائي تستغل للتراجع عن القرار الدولي (2254) الذي ينص على تسوية سياسية، والعودة إلى فكرة تغيير النظام، ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك». ولفت إلى أنه يجب التركيز على عملية أستانا لضمان الوصول إلى وقف لإطلاق النار، مشيراً إلى أنه يجري العمل على «توسيع عدد المشاركين في هذا الاتفاق».
وبالتوازي، قالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف، ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون، اتفقا في اتصال هاتفي أمس، على ضرورة البحث في إمكانية تشكيل لجنة تحقيق تحت رعاية «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية». وأضافت في بيان أن لافروف أعرب «عن أسفه لمعارضة واشنطن مبادرة روسيا» في «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، لافتة إلى أنه جرى الاتفاق على «إطلاق نشاط مجموعة العمل الروسية ــ الأميركية المشتركة، على مستوى نواب وزيري الخارجية للبلدين».
(الأخبار)