مع انتهاء محادثات جنيف من دون التوصّل إلى اتفاقٍ بين طرفي الصراع أو إلى هدنةٍ تسمح بإدخال مساعدات إغاثية إلى اليمن الذي بات مشرفاً على كارثة إنسانية، بدا العدوان كمن اكتسب زخماً إضافياً، إذ صعّد في اليومين الماضيين من عملياته الجوية ضد الأراضي اليمنية، بالتزامن مع تسجيل تدخّلٍ جديد لتنظيم «الدولة الاسلامية» في المشهد، عبر تبنّيه تفجيراً استهدف صنعاء القديمة، المنطقة الأثرية التي استهدفتها غارات العدوان الأسبوع الماضي، وحذّرت منظمة اليونيسكو من تدميرها.
وأمام تلاشي الأمل في المدى المنظور بوقف العمليات العسكرية والمعارك، تتجه الانظار من جديد إلى الميدان اليمني الذي لا يزال خارج قبضة السعودية، وهو ما يحول فعلياً دون أي إيجابية سعودية حيال إطلاق جدّي لعمليةٍ سياسية. تعلم الرياض اليوم أن مؤتمر جنيف كان مجرّد بدايةٍ لحوارٍ لا مناص منه مع الطرف الآخر، وخصوصاً أن المحادثات الجارية، سرّاً، في العاصمة العُمانية مسقط، لم تتوقف قبل «جنيف» ولا بعده، وأن الحراك الدبلوماسي يتواصل بكثافة، مع نية المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ التوجه إلى نيويورك، في إطار الجهود لوضع حدٍّ للحرب التي اقتربت من دخول الأشهر الثلاثة بلا نتائج واضحة. من هذا المنطلق، تصبّ السعودية جهودها في مرحلة «ما بعد جنيف» في زيادة العمل على قلب الواقع العسكري الخارج، بصورةٍ فادحة، عن سيطرتها، قبل الذهاب إلى مائدة مفاوضات تجمع القوى اليمنية حولها، إن كان اسمها «جنيف 2» أو في حوارٍ قد تستضيفه مسقط، بصورةٍ علنية هذه المرة.
ولا يزال صدى الفوضى التي شهدتها جنيف يتردد، بعد يومين من انفراط عقد المؤتمر، وخصوصاً لجهة الكشف عن دور ولد الشيخ الذي كان تواطؤه واضحاً مع الرياض.
عضو وفد صنعاء، عادل شجاع، أكد في حديثٍ إلى «الأخبار»، (موسى سرور ـ جنيف) أن ولد الشيخ طرح على وفد صنعاء، أثناء اجتماعه بهم، «الانسحاب من عدن أو تعز تنفيذاً لقرار مجلس الامن»، علماً أن القرار ينص على الانسحاب من جميع المحافظات اليمنية. وأضاف شجاع أن هذا الطرح «ينطوي على تقسيم اليمن بين شمال وجنوب».
سلوك ولد الشيخ أدى إلى قول قيادي في «أنصار الله» لممثل المبعوث الدولي، أثناء إملائه ورقة «السبع نقاط» التي حاولت الرياض فرضها على وفد صنعاء: «أنت صهيوني... بِل هذه الورقة واشرب ماءها». وأضاف القيادي: «نحن نعلم أن هناك ورقة أخرى وأنكم تريدون المساومة... نحن نرفض هذه الاملاءات وما نريده هدنة إنسانية مع حوار وطني شامل بين جميع المكونات السياسية».

قيادي في
«أنصار الله» لممثل
ولد الشيخ: أنت صهيوني

من جهةٍ أخرى، قال مصدر في وفد الرياض، إن السفير الأميركي ماثيو تولر الموجود باستمرار الى جانب هذا الوفد ضغط عليهم حتى لا تتجه الأمور نحو الأسوأ، إذ إن الهدف المرجو من المشاورات، بحسب تولر، هو «الحصول على مكسب سياسي للسعودية عجزت عن تحقيقه في الحرب». ويوضح عضو وفد الرياض أن «الحكومة الشرعية لا تملك شيئاً على الأرض فيما يبقى الرهان على الضربات الجوية السعودية».
من جهةٍ أخرى، جدد مجلس التعاون الخليجي يوم أمس، دعوته إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي إلى انسحاب الجيش و»اللجان الشعبية» من المدن. وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، إلى مواصلة الجهود الدولية للتوصل إلى «آلية ملزمة» لتنفيذه، «بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».
في هذا الوقت، تواصلت عمليات الجيش و»اللجان الشعبية» على الحدود مع السعودية، حيث استهدفوا أمس، 5 مواقع عسكرية في محافظة جيزان.
وكان التحالف قد كثف عملياته الجوية في اليومين الماضيين، مستهدفاًَ معسكرات تابعة للحرس الجمهوري في صنعاء، كما شنّ غارات على منطقة خولان جنوب شرقي صنعاء، وأخرى على منطقة حزم في محافظة الجوف، بالإضافة إلى غارات على مشارف عدن. وسجّلت غارات قادتها السعودية مساء السبت فقط، سقوط 15 شهيداً في مختلف أنحاء اليمن، بحسب وكالة «سبأ» اليمنية. وشهدت مدينة عدن انزالاً لقطعٍ مدفعية للمجموعات المسلحة الموالية للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، بالتزامن مع ارتفاع حدة المعارك في تعز بين الجيش و»اللجان» من جهة، وأنصار حزب «الاصلاح» من جهة أخرى.
إلى ذلك، تبنى تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، التفجير الذي استهدف أول من أمس، مسجد قبة المهدي في منطقة صنعاء القديمة، والذي أدى الى مقتل شخصين وإصابة 6 آخرين. وكان التنظيم قد تبنى الاسبوع الماضي سلسلة الهجمات الانتحارية ضد مساجد في صنعاء.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)