وقعت الواقعة يوم الثلاثاء: «هجوم بالسلاح الكيميائي» ضد خان شيخون. من إدلب إلى أروقة الأمم المتحدة، دعت سريعاً مندوبة واشنطن نيكي هيلي إلى عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن. في الوقت ذاته، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبنسر أن «الأعمال الشائنة لنظام بشار الأسد، إنما هي عاقبة لضعف وتردّد الإدارة السابقة».
تصاعدت حدّة التصريحات يوم الأربعاء، بالتوازي مع تقديم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يدين «الهجوم الكيميائي» على خان شيخون. وخلال جلسة طارئة للمجلس، لمّحت هيلي إلى إمكانية التحرّك في سوريا خارج الإطار الأممي، بقولها إنه «عندما تفشل الأمم المتحدة، بشكل دائم، في واجبها بالتصرّف بشكل جماعي، فهناك أوقات في حياة الدول نكون فيها مضطرّين للتحرك من تلقاء أنفسنا».
يومها، أدان الرئيس دونالد ترامب «الهجوم البشع والمريع الذي وقع في سوريا»، معلناً أن سلوكه «تجاه الأسد تغيّر كثيراً».
أول من أمس، بدأت تلوح في الأفق معالم خطة لتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، عكسها إعلان مسؤول أميركي أنّ «البنتاغون يبحث مع البيت الأبيض خيارات عسكرية محتملة، تتضمن شنّ ضربات لشلّ حركة الطيران السوري». وقد جاء هذا الإعلان في وقت صرّح فيه مسؤول آخر في البنتاغون بأن سفينتين حربيتين مزوّدتين بصواريخ «توماهوك»، تجوبان مياه شرق المتوسط.
في هذا الوقت، واصل ترامب الإدلاء بتصريحات تصبّ في هذا السياق. وفي الطائرة الرئاسية التي أقلته من واشنطن إلى فلوريدا، حيث التقى نظيره الصيني شي جين بينغ، قال إن «ما فعله الأسد رهيب»، معتبراً أنه لا بدّ من حصول «شيء ما».
البارز في ذلك اليوم كانت التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي تحدّث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. تعقيباً على الاتصال، قال مسؤول في وزارة الخارجية: «طلبنا التحليل أو القراءة الروسية لما يعتقدون أنه حدث» في الهجوم، إلا أن تيلرسون أعقب ذلك بدعوة إلى رحيل الرئيس بشار الأسد. في وقت لاحق، أعلن البيت الأبيض أن ترامب لن يكشف عن قراراته أو خياراته قبل أن يتخذها. لكنّ هذه القرارات لم تنتظر طويلاً، حتى خرجت إلى العلن على شكل ضربة صاروخية على مطار الشعيرات.
بعد وقت قصير على العدوان، رأى ترامب أن «أميركا انتصرت للعدالة». وفي خطاب للأمّة من فلوريدا، قال: «من مصلحة الأمن القومي الحيوية للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية القاتلة»، ودعا «كل الدول المتحضرة إلى الانضمام إلينا في السعي إلى إنهاء المجزرة، وسفك الدماء في سوريا».
في موازاة ذلك، حرصت وزارة الدفاع على حصر الضربة ضمن نطاق الرد على «الهجوم الكيميائي» ، إذ إن المتحدث باسمها الكابتن جيف ديفيس لمّح إلى أن العملية ليست جزءاً من عملية أكبر، قائلاً إنها «رد يتناسب» مع هجوم خان شيخون.

المداولات العسكرية

في موازاة المداولات السياسية، كانت هناك أخرى عسكرية كشف عنها مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، الذي أشار إلى أن ترامب ناقش مع أعضاء مجلس الأمن القومي ثلاثة خيارات، مضيفاً أنه «طلب منّا التوقف عند خيارين وتجريبهما». ويأتي ذلك في حين أفادت فيه وسائل إعلام بأن مسؤولين قدّموا لترامب خيارات تضمّنت عقوبات وضغوطاً دبلوماسية، وخطة عسكرية لضرب سوريا وضعت قبل توليه منصبه، ليبلغهم أن يركّزوا على الخطط العسكرية.
وفي هذا السياق، أفادت وكالة «رويترز» عن اجتماعات ترامب على مدى ثلاثة أيام مع مستشاريه العسكريين، من أهمهم وزير الدفاع جايمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي إتش.أر. مكماستر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد. وفق الوكالة، بعد ساعات من الهجوم الكيميائي، قدّم مستشارو الاستخبارات العسكرية لترامب أدلّة على أن الرئيس السوري بشار الأسد مسؤول عن الهجوم. وقالوا إنهم يعلمون أي قاعدة جوية سوريّة استُخدمت لتنفيذ الهجوم الكيميائي، وإنهم تتبعوا الطائرة التي نفذت الهجوم، وهي من طراز «سوخوي ــ 22».
بحلول مساء الخميس، اجتمعت هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع لوضع اللمسات النهائية على خطة الضربات، في حين توجه ترامب إلى منتجعه مار الاغو في فلوريدا للاجتماع مع الرئيس الصيني. وخلال اجتماع آخر هناك، وقّع ترامب على الأمر بشنّ الهجمات الصاروخية، قبل أن يتوجّه لتناول العشاء مع الرئيس الصيني.
(الأخبار)