القاهرة | يمكن القول إن عنوانين رئيسيين يظللان العلاقات الخارجية لمصر اليوم: التعويل على الإدارة الأميركية الجديدة بعد قطيعة دامت نحو سبع سنوات، وإعادة الدفع في العلاقات مع السعودية التي شهدت توتراً في الأشهر الماضية، نجحت القاهرة على تبديده أخيراً.
وقبل أن يفسح الوقت، بعد لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، قبل أيام في البحر الميت، المجال للسؤال عن «ثمن» عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية، بدأت جولة قضائية جديدة في مسعى إثبات سعودية جزيرتي تيران وصنافير.
فقد قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، يوم أمس، بقبول الدعوى التي تطالب «بإسقاط أسباب حكم المحكمة الإدارية العليا القاضي ببطلان الاتفاقية». الخطوة المتوقعة من المحكمة التي عادةً ما تؤيد قرارات الحكومة والتي استُخدمت لسنوات طويلة باباً خلفياً للتحايل على الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري ومجلس الدولة، تدفع الأمور إلى مزيدٍ من التعقيد باتجاه المحكمة الدستورية العليا لإطالة أمد القضية وتعليق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي يتم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى الرياض، قبل عامٍ من الآن.
في هذا الوقت، يلتقي السيسي، اليوم، في البيت الأبيض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في القمة الأولى بين البلدين منذ سبع سنوات، وسط أجندة لقاء حافلة بالملفات تضم ملفات إقليمية، ولا سيما القضية الفلسطينية ودفع «عملية السلام»، إضافةً إلى الأوضاع في سوريا والعراق وليبيا.
ويحمل السيسي الذي وصل أول من أمس، إلى واشنطن «أجندة حصاد» للإدارة الأميركية لنتائج المساعدات التي تحصل عليها القاهرة من واشنطن خلال السنوات الماضية ودورها في تحقيق الاستقرار وحماية الحدود، وخصوصاً في سيناء في خطوة جرت قبل أيام قليلة من الزيارة مع توجه إدارة ترامب لمراجعة المنح التي تحصل عليها مصر والأردن خلال الفترة الحالية، علماً بأن السيسي سيطالب ببقاء المساعدات وزيادتها إن إمكن «لمواجهة الإرهاب المتزايد في شمال سيناء على الحدود مع إسرائيل».

يلتقي السيسي
في واشنطن مسؤولي البنك وصندوق
النقد الدوليين


وفي أول لقاءاته في واشنطن، اجتمع السيسي مع مدير البنك الدولي، ورئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة «جنرال إليكتريك» التي تملك استثمارات كبيرة في مصر. وسيعقد لقاءات مع مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد لمتابعة ما تم تحقيقه خلال تنفيذ برنامج «الإصلاح الاقتصادي» الذي بدأته الحكومة المصرية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، إلى جانب لقاءات على مستوى الكونغرس ومع رجال أعمال أميركيين وممثلي شركات تعمل في مصر أو ترغب في الدخول الى السوق المصرية.
وبالعودة إلى قضية تيران وصنافير، لا يسمح الدستور بالطعن بأحكام المحكمة الإدارية العليا ــ أعلى جهة قضائية ــ أمام محكمة الأمور المستعجلة الأقل درجة، علماً بأن القضاء الإداري والإدارية العليا هما صاحبا الاختصاص بموجب الدستور بنظر المنازعات الإدارية.
وبحسب مصدر قضائي في هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة في القضية) التي تطالب بتطبيق الاتفاقية وتسليم الجزيرتين للسعودية، ستلجأ الحكومة إلى المحكمة الدستورية العليا للمرة الثانية من أجل فض التنازع بين أحكام مجلس الدولة وحكم الأمور المستعجلة، مشيراً إلى أن الحكومة الآن أمام حكمين متناقضين: الأول صادر عن المحكمة الإدارية وينص على بطلان الاتفاقية، والثاني عن محكمة الأمور المستعجلة يلغي حكم أول درجة.
وأضاف في حديث إلى «الأخبار»، إن الحكومة تجهّز حالياً عريضة دعوى المنازعة التي ستقيمها أمام المحكمة الدستورية باعتبارها الجهة المخول لها دستورياً النظر في الأحكام المتنازعة، مشيراً إلى أن الحكومة ستقدم جميع الوثائق والمستندات الداعمة لموقفها إلى المحكمة الدستورية في القضية للفصل فيها.
ومن المتوقع أن تبقى القضية أمام المحكمة الدستورية عاماً على الأقل بعد إقامة الدعوى، بسبب كثرة الإجراءات التي يتم اتخاذها في هذه النوعية من القضايا، علماً بأن المحكمة تبقى لسنوات من دون أن تفصل في القضايا، إذ لا يُلزمها القانون بحد أقصى لمدة نظر القضية. واستغرقت بعض القضايا نحو 20 عاماً، وهو ما يعني تجميداً ضمنياً للاتفاقية، ولا سيما مع وجود معارضة قوية لإمرارها داخل البرلمان تحت الضغوط الشعبية الرافضة لها.