ولّدت أزمة سلطة البث حالة من الغليان في أوساط حزب «الليكود»، وذلك في أعقاب تهديد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بحل الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة. ونقلت صحيفة «معاريف» العبرية، يوم أمس، عن مسؤولين كبار في الحزب قولهم إنه «لو قرر نتنياهو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، برغم المعارضة التي يبديها معظم الوزراء، فإن أعضاء حزبه سيقاومونه وربما يشكلون في نهاية المطاف حكومة بديلة يرأسها وزير رفيع المستوى في الليكود».
الأزمة بدأت أخيراً بإصرار نتنياهو على عدم التراجع عن اتفاقاته مع وزير المال وشريكه البارز في الائتلاف الحكومي، موشيه كحلون، حول إقامة سلطة هيئة البث العام الجديدة، لتحل محل القديمة، وذلك في إطار سعيه للسيطرة على مختلف وسائل الإعلام، وقد هدد بحل الحكومة في حال عدم تطبيق ذلك. فما يطلبه الأخير هو إغلاق هيئة البث العام، والقناة الأولى للتلفزيون، وإبقاء الإذاعة العامة وسيلة بث عام حكومية وحيدة.
في هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي مطلع على الاتصالات بين مندوبين عن نتنياهو وكحلون من أجل حل الأزمة قوله، إن «أزمة هيئة البث قابلة للحل... لكنها لم تُحل بعد، ونحن في انتظار نتنياهو». وأضافت إن الأخير «يتوقع أن يعود اليوم (أمس) من الصين، لكن لم تتوافر معلومات حول ما إذا كانت ستعقد جلسة بين رؤساء كتل الائتلاف الحكومي أو لا، فيما حددت جلسة بين نتنياهو وكحلون».
وبرغم تقدم المباحثات بين وزير السياحة، ياريف رليفين (الليكود)، وكحلون، زعيم حزب «كولانو (كلنا)»، وتقديم أكثر من صيغة قد تلائم طروحات الطرفين المتعلقة بسلطة البث، ينتظر أطراف الأزمة قراراً من نتنياهو، إذ تشير التقديرات إلى أن أي حل لا يشمل إغلاق سلطة البث سيتطلب تأجيلاً لشهر على الأقل، وكذلك قراراً من الكنيست.
في السياق، قال مسؤول سياسي مقرب من نتنياهو إن «في نية الأخير أن يحل الأزمة، لكنه لن يتراجع عن موقفه، ولن يدع سلطة البث تعمل كما هي الآن». لكن مسؤولاً في حزب «كولانو»، قال: «نحن شركاء جيدون في الائتلاف. في نهاية المطاف، يتطلب الموضوع قراراً من رئيس الحكومة ــ إذا كان يرغب أساساً في استمرار هذا الائتلاف، أو فضّه، والذهاب إلى انتخابات مبكرة». وأضاف: «على حجر الزاوية، نتنياهو، أن يقرر حالاً إذا ما كان يريد إنهاء ذلك، وإذا فعلاً يريد إنهاء المشكلة فسنصل معه إلى حلول وتفاهمات، ولكن إذا كان يظن أنه سيخضعنا ويذلّنا فذلك للأسف مضيعة للوقت».
مسؤول آخر في «كولانو» رأى أنه «لا يوجد سبب مهم للذهاب إلى انتخابات. موضوع سلطة البث يمكن أن يحل، وخصوصاً أن مطلب كحلون هو الحفاظ على إطار مالية محدد، أما باقي التفاصيل فيمكن التحاور حولها. لكن إذا رفض نتنياهو التراجع عن مواقفه، مستمراً بالتهديد بفض الائتلاف، فكل الخيارات مفتوحة أمامنا».
ووفق المعلومات التي وصلت إلى الصحيفة، فإن «على الأقل نصف أعضاء الليكود يعارضون الذهاب إلى انتخابات مبكرة». وأوضحت نقلاً عن وزراء في الائتلاف تقديرهم أن «نتنياهو لن يتوجه إلى انتخابات مبكرة قبل موعدها الرسمي بسنتين بسبب أزمة هيئة البث»، لافتين في الوقت نفسه إلى أنه «ليس لديهم أدنى فكرة حول كيف ينوي نتنياهو حل هذه الأزمة».

نتنياهو يثير توتر مؤسسة سياسية بأكملها بسبب نزوة شخصية

في السياق، انتقد أحد أعضاء «الليكود» نتنياهو، قائلاً إنه «لا نفهم أي هوس يدور في رأس نتنياهو، ولماذا يبدي استعداداً لجرّنا إلى دوامة انتخابية قبل سنتين من انتهاء ولايته»، لافتاً إلى أنه في حال «أقدم على خطوة كهذه، فإنه سيفقد تأييد كتلته». كذلك، قال وزير رفيع في الائتلاف إنه «منطقياً، ما من سبب لإجراء انتخابات مبكرة، إنما نتنياهو هو الذي يثير توتر مؤسسة سياسية بأكملها بسبب نزوة شخصية... نحن لا نصدق أن الأخير يهدد بالذهاب إلى انتخابات بسبب هذه القصة».
بناءً على هذه المعطيات، حذّرت مصادر رفيعة في «الليكود» من أنه ربما قد يشكلون حكومة بديلة من دون إجراء نتخابات، فيما أشارت «معاريف» إلى أن «المستفيد من تشكيل حكومة كهذه هو رئيس المعسكر الصهيوني، إسحاق هرتسوغ، الذي يجري اتصالات ومباحثات بهدوء ومن وراء الكواليس». إذ أجرى محادثة هاتفية «دراماتيكية» مع كحلون ناقشا فيها إمكانية إجراء تصويت حجب الثقة عن حكومة نتنياهو، في حال عدم تراجع الأخير عن مواقفه بشأن سلطة البث.
لكن المثير هو مطالبة شريك نتنياهو في الائتلاف، ورئيس حزب «البيت اليهودي» ووزير التربية، نفتالي بينيت، بـ«عدم تفكيك الائتلاف». ورأى الأخير أن «على الجميع إبداء المسؤولية ومنع إجراء انتخابات مُكلفة، نحن في غنى عنها لأنها قد تلحق ضرراً بالاقتصاد وبمواطني إسرائيل... يكفي القليل من الإرادة لحل الأزمة». كما أيد وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، هذا الطرح قائلاً إن «إسرائيل بغنى عن هذه الانتخابات».
يشار إلى أن نتائج استطلاع للرأي أجرته القناة العاشرة قبل أسبوعين، أظهرت أنه في حال تقرر الذهاب في انتخابات مبكرة فإن «الليكود» قد يحصل على 26 مقعداً في الكنيست، فيما سيحصل حزب «يش عتيد» برئاسة يائير لبيد، على 25 مقعداً، يليه «البيت اليهودي» بـ 13 مقعداً (ينال خمسة مقاعد إضافية عما لديه الآن). أمّا القائمة العربية المشتركة، فستحافظ على 13 مقعداً، فيما يحصل حزب «المعسكر الصهيوني»، وحزب «العمل» على 10 مقاعد فقط.