منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، «الجرف الصامد»، اكتشفت إسرائيل أن الأنفاق تحولت إلى أحد أهم الأسلحة لدى المقاومة الفلسطينية؛ فقد أحدثت صدمة عميقة في وعي المستويين السياسي والأمني في تل أبيب، بفعل المفاجأة التي تلقّياها من حجم ومفاعيل سلاح الأنفاق الذي تحوّل إلى هاجس مرعب بالنسبة إلى مستوطني جنوبي فلسطين المحتلة.
نتيجة ذلك، احتلت الأنفاق حيّزاً أساسياً في تقرير «مراقب الدولة، من زاوية الانتقادات التي وجّهت إلى المستويين السياسي والعسكري اللذين لم يستعدا كما ينبغي لهذا التهديد. وبات على الجيش منذ ذلك الحين العمل على استخلاص العبر لتعديل الصورة من جهة، والاستعداد العملاني لمفاجآت مشابهة في أي مواجهة مقبلة.
على هذه الخلفية، كشف رئيس أركان جيش العدو غادي ايزنكوت، أمام «لجنة المراقبة» التابعة للكنيست، عن أن الجيش قصف بعد الحرب على غزة عام 2014 أنفاقاً لحركة «حماس» بواسطة «طريقة جديدة». ولفت، في سياق تعقيبه أمام اللجنة على نتائج تقرير «المراقب»، إلى أنه تمت مهاجمة هذه الأنفاق «بإمكانات قمنا بتطويرها، ومنذ الجرف الصامد قصفنا مئات الأهداف في قطاع غزة، لتوضيح السياسة التي نريدها». مع ذلك، أقرّ ايزنكوت أيضاً بأن «حماس» تواصل حفر الأنفاق، وتطوير مخزوناتها من الوسائل القتالية.
يأتي كشف ايزنكوت بهدف احتواء مفاعيل التقرير عبر تقديم الجيش كمن يقوم بمهماته على قاعدة استخلاص العبر، وفي الوقت نفسه محاولة تطوير نظريات وأدوات فعالة لمواجهة التهديد الذي تمثله الأنفاق. مع ذلك، شدد رئيس الأركان الإسرائيلي على أن «الأنفاق ليست خطراً وجودياً أو استراتيجياً، مثلما لم يتم تصنيف إرهاب الانتحاريين من قبل الجيش كتهديد وجودي أو استراتيجي».

ايزنكوت: قررنا جعل غزة ولبنان كدولة هدف للضرورة

في المقابل، أقرّ ايزنكوت بمستوى التهديد الذي تمثله الأنفاق، مشيراً إلى أن «التهديدات القائمة تحت الأرض خطيرة جداً، ولكن ليس من الصواب... بثّ الرعب وسط المواطنين». ولفت أيضاً إلى أنه «منذ إنشاء الجيش الإسرائيلي، لم يواجه تهديدات تحت الأرض بحجم وعمق التهديدات التي تعرض لها خلال الجرف الصامد».
وفي محاولة إضافية لإثبات حسن الأداء بعد صدمة نتائج حرب غزة، أكد أن الجيش وجّه موارد كبيرة جداً لمواجهة تهديد الأنفاق، ووضعها على رأس سلم الأولويات، كما جرى توجيه وحدات وتنفيذ عمليات لهذا الهدف.
في هذا الإطار، ذكر أنه منذ الحرب جرى تخصيص 1.2 مليار شيكل لتوفير الرد الأفضل على هذا التهديد، كذلك أشار إلى أن هناك قراراً في «المجلس الوزاري المصغر» لإقامة عوائق أمام الأنفاق بقيمة 3 مليارات شيكل، بما في ذلك إقامة منظومات رادار وجمع معلومات.
نتيجة الإقرار الضمني بمحدودية القدرة على معالجة جذرية لقدرات المقاومة في غزة ولبنان، أكد أنه «في ضوء استخلاص العبر من الحرب، تقرّر تصنيف قطاع غزة كدولة هدف، وتكون بذلك مساوية للبنان، لضرورة الأمر».
في السياق، شدد ايزنكوت أيضاً على أن الجيش «سيواصل العمل بشكل غير متناسب رداً على كل إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل من غزة»، مضيفاً: «الجيش يفعل سياسة تفعيل قوة هجومية غير تناسبية من أجل تجنّب واقع يطلقون فيه صاروخاً ونحن نرد بقذيفة... نرى عنواناً واحداً في القطاع، هو حماس».