تسير المعارك في الأنبار، كما التحضيرات لتوسيعها، في ظل تنامي ما يشبه التناغم السياسي بين الأطراف المحلية الرسمية وحكومة بغداد. فقد أعلن، يوم أمس، مجلس محافظة الأنبار أنّ «بدء عمليات تحرير الرمادي والفلوجة قرار عائد للقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي». وقال المجلس، في بيان، إن «هناك تحضيرات وتحشيدات للقوات الأمنية لبدء عمليات عسكرية لتحرير بعض مدن المحافظة وخاصة الرمادي والفلوجة»، مؤكداً أن «إعلان بدء العمليات العسكرية والساعة الصفر لانطلاقها هو قرار عائد للعبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة».
وتعكس تصريحات مجلس الأنبار نوعاً من التناغم مع رئيس الحكومة، كما تشير إلى أنها قد تكون ناتجة من اتفاقات غير معلنة تمكنت الحكومة المركزية من التوصل إليها مؤخراً. وإلى جانب ذلك، أعلن المجلس نفسه إنهاء تدريب وتسليح 3500 مقاتل في «الحشد الشعبي» ينتمون إلى عشائر المحافظة. وأوضح المتحدث باسم المجلس، عيد عماش، أنه تم إنهاء تدريب وتسليح 3500 مقاتل في «الحشد الشعبي» من عشائر شرق الرمادي وعامرية الفلوجة خلال 40 يوماً، مشيراً إلى أن المقاتلين تم تدريبهم في قاعدة الحبانية العسكرية ومركز للتدريب في قضاء العامرية.
ولفت عماش إلى أنه تم نشر المقاتلين في مناطق الحبانية والخالدية وعامرية الفلوجة، موضحاً أن المقاتلين يشاركون القوات الأمنية في العمليات العسكرية «ومسك الأرض فيها».

الجبوري يدعو لدمج «الحشد» في «الحرس»

في غضون ذلك، رأى رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، خلال زيارته المستمرة إلى العاصمة الأميركية واشنطن، أن «تغيير بنية الجيش العراقي وتسليم أمن المناطق السنية إلى أهالي تلك المناطق، سيكون خطوة مهمة للحيلولة دون عودة التنظيم (داعش) تحت مسميات أخرى». وأشار الجبوري، في كلمة ألقاها في «معهد السلام» في واشنطن، إلى تأييده الكامل لمشاركة «الحشد الشعبي» في استعادة السيطرة على الرمادي والموصل، لكنه شدد على ضرورة أن يكون «الحشد» ضمن التشكيل الأمني الجديد الذي يسعى مجلس النواب لإقرار قانونه تحت مسمى «الحرس الوطني».
الجبوري من واشنطن
يشدد على ضرورة أن تكون
للسنة قوات خاصة بهم

في السياق، لفت رئيس مجلس النواب إلى أنه يدعم فكرة أن يكون «الحرس الوطني» مبنياً على أساس «التوازن الوطني» الذي بنيت عليه العملية السياسية، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن «يكون للسنة قوات خاصة بهم». وقال: «للأكراد قوات خاصة بهم وهي البشمركة، والشيعة يملكون الحشد الشعبي... نحن ــ السنة ــ لا نملك قوة تمكننا من الوقوف في وجه داعش».
كذلك ذكر الجبوري أن «الحشد الشعبي» يضم 17 ألف عنصر من أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة «داعش»، وذلك «من أصل 100 ألف مسلح». وأكد في الوقت نفسه ضرورة إعادة هيكلة قوات الشرطة وتسليح العشائر وتدريبها «ليكونوا قادرين على حماية أمن واستقرار مناطقهم». واقترح أيضاًَ وضع «الفصائل والمليشيات المسلحة» تحت قيادة عسكرية مشتركة لتفادي الصراعات الداخلية، موضحا أن «تعدد القيادات كان سببا في سقوط الرمادي».
ونقلت مواقع عراقية عن رئيس البرلمان، في هذا السياق، أنّ «تنظيم داعش لم يفاجئنا، لأنه نتيجة طبيعية لسياسة التهميش وكبت الحريات التي مورست بحق السنة خلال الأعوام الماضية، وهو أيضا من مفرزات الفساد المالي والإدراي المستشري في مؤسسات الدولة وخصوصاً العسكرية والأمنية». كما قالت إنه طالب الإدارة الأميركية، بـ«الضغط على دول المنطقة لعدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية»، معتبرا «تدخل تلك الدول عاملاً مساهماً في تعقيد الأزمة».

طهران تلتزم دعم الجيش

بعد ساعات من عودة حيدر العبادي من طهران، إثر زيارة رسمية حصد خلالها مواقف إيرانية واضحة تجاه الدعم في الحرب على الإرهاب والوقوف إلى جانب بغداد ضد أي مشاريع تقسيم محتملة، أكد الملحق العسكري الإيراني، العقيد مصطفى مراديان، التزام بلاده دعم الجيش العراقي والعمل معا لإزالة خطر تنظيم «داعش».
في المقابل، قالت وزارة الدفاع العراقية، إن «رئيس أركان الجيش الفريق أول بابكر زيباري استقبل في مكتبه الملحق العسكري الإيراني... لبحث آخر التطورات الأمنية المتمثلة بالحرب ضد التنظيمات الإرهابية»، موضحة في بيان، أنه «تم التباحث أيضا حول نتائج الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء والوفد المرافق له، إذ كان رئيس أركان الجيش ضمن ذلك الوفد».
في سياق آخر، نفت «الدفاع»، أمس، ما تداولته تقارير إعلامية حول إسقاط «داعش» طائرة مقاتلة من طراز «سوخوي ــ 25» روسية الصنع شمالي الرمادي. وقالت الوزارة، في بيان، إن «بعض وسائل الإعلام المغرضة نقلت خبراً مفاده تعرض إحدى الطائرات العراقية إلى إصابة، ما أدى إلى سقوطها أثناء تنفيذها أحد الواجبات القتالية». ونفى البيان «هذا الخبر جملة وتفصيلاً»، معتبراً أن «نشر مثل هذه الأخبار الكاذبة يندرج في إطار الحرب النفسية الظالمة التي تخوضها بعض وسائل الإعلام المناصرة للإرهاب».
(الأخبار، الأناضول)